جاء في “المركزية”:
أن تسمع رجل قانون ومشرع يقول: “انتهى زمن القضاء وصار قصر العدل أشبه بالسجن الكبير وبدل أن يذهبوا إلى إقرار قوانين في لجان العدل عليهم أن يبحثوا في الأهم. والأهم اليوم تسوية وضع القضاء لأن كل القوانين تبقى مجرد حبر على ورق إذا انهار القضاء وفرغت قاعات قصر العدل “. هذا يؤكد أن آخر صرح كنا نتغنى به ونتفيّأ في ظل عدالته سقط والقيامة حتما ليست قريبة. فهل انسحبت مطرقة العدل على أزمة تشكيل الحكومة وباتت موضع جدل ومشاورات على طاولة المجتمعين العربي والغربي؟
الوزير السابق والمستشار القانوني زياد بارود رفض الدخول في زواريب القضاء والأزمة الحاصلة على خلفية تجاوز القاضية غادة عون للأصول القضائية في معالجة ملف شركة مكتف للصيرفة وعبّر عن أسفه للمشهد الحاصل على الأرض على كل المستويات وقال:” للأسف (كررها ثلاث مرات) وصلنا إلى القعر وإن كان البعض لا يزال مقتنعاً أننا على حافته”. وبشيء من سوداوية الواقع أكد بارود عبر “المركزية” أن ” لا شيء سيغير من مشهدية التطورات المأساوية الحاصلة في البلد إن على المستوى السياسي أو الإقتصادي أو الإجتماعي إلا انفجار أو انهيار كبير. وعندما أقول انفجار فهذا لا يعني بالضرورة انفجارا أمنيا إنما شعبي في الشارع والأمور تصبح أكثر صعوبة وتعقيدا عندما تتعاطى مع إنسان خسر كل شيء في حياته لأنه حتما لن يسأل عن شيء بعده”.
وفي الشأن الحكومي استغرب بارود كلام بعض المسؤولين عن مبادرة دولية ما، وقال:” لا أحد ينكر أننا نعيش لعنة الجغرافيا لكن هذا لا يمنع القول أن هناك مسؤولية مشتركة على الداخل والخارج لا سيما بالنسبة إلى الدول المعنية مباشرة بالملف اللبناني”. وفي هذا السياق سأل:” هل ثمة دولة عربية أو خليجية أو أجنبية مستعدة لمد يدها بعد إفشال المبادرة الفرنسية؟
في الداخل كلٌ يلقي مسؤولية عرقلة تشكيل الحكومة على عاتق هذه الدولة دون سواها ” والصحيح أننا وحدنا المسؤولون عن إفشال كل المبادرات الدولية. فرئيس دولة كبرى مثل فرنسا زار لبنان مرتين في غضون أيام بعد تفجير مرفأ بيروت في 4 آب 2020، وإلى اليوم لم يتغير شيء. والمؤسف أن هناك من يخرج ويقول أن الفرنسيين فشلوا، علما أنهم قاموا بالمطلوب من باب الصداقة التاريخية مع لبنان. ولو سلمنا جدلا بالكلام الذي يعتبر أن الآخرين هم الجحيم، فلماذا أقفلت كل ابواب العالم أمامنا؟ وما هو البديل؟ وهل من مبادرة محلية او خروقات استمرت اكثر من ايام حتى لا نقول ساعات”.
الإخفاقات المتتالية للمبادرات الدولية فتحت الباب امام جملة انهيارات ويقول بارود:” هناك انهيار كلي في الوضعين السياسي والإقتصادي واليوم نشهد على انهيار قضائي واخشى بالتالي من انهيار أمني ومن فقدان لبنان لدوره على خارطة العالم. فأنظار العالم تتجه اليوم إلى مرفأ حيفا بدلا من مرفأ بيروت ونسبة الهجرة تخطت التي شهدها لبنان على مر العصور، والغالبية من فئة الطلاب والأطباء والمهندسين واساتذة الجامعات، وهنا تكمن الخطورة . اكثر من ذلك بات اللبناني يتسول على ابواب المؤسسات الإجتماعية للحصول على حصص غذائية وخط الفقر تجاوز نسبة الـ60 في المئة ومشهد البطاقة التموينية التي باتت تشكل خشبة خلاص للعائلات اللبنانية مهدد بالتوسع…من كان يقول ذلك؟”.
ما يعزي ان إقتصاد لبنان صغير ويمكن إعادة تفعيله بسرعة “لكن هل ثمة قرار داخلي في ذلك وما هي حدود الصمود القصوى لدى اللبناني؟ ” وفي سياق الحل الذي يفترضه يختم بارود:” بكل أسف العقوبات على الأفراد قد تكون الحل الوحيد علما أنني مع لبننة الأزمة لأننا وحدنا مسؤولون عن فشلنا في عقدة تشكيل الحكومة. لكن الواضح أننا أمام طبقة تكره نفسها وتجلد شعبها في نفس الوقت”.