جاء في “المركزية”:
في بيان مجلسه السياسي اثر اجتماعه الدوري شن التيار الوطني الحر هجوما عنيفا على رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، فاتهمه بالاستخفاف بالدستور وتجاهل اوضاع البلاد والتعطيل المتعمد لعملية تشكيل الحكومة الذي وصفه بالجريمة محملا اياه مسؤولية انقطاع الكهرباء بعرقلة الخطة و”رفض اي مقترح او هبة ويختبئ وراء ذرائع واهية لحماية مصالحه وليس مصلحة اللبنانيين”،كما عرقلة “كل خطوة من شأنها الحدّ من ضرر إستمرار حاكم البنك المركزي في موقعه بينما تتراكم عليه الملفات والدعاوى في الخارج والداخل”. واعتبر ان “ان ممارسات دولة الرئيس ومواقفه تدعو الى الريبة، فهو لا يسمح لوزارة الطاقة بتوفير الحلول لأزمة الكهرباء ولا يقوم بما يتوجّب عليه لتفعيل عمل القضاء في جريمة المرفأ.
ليست الحملة جديدة على التيار، المفقودة الكيمياء بينه وبين الرئيس ميقاتي منذ مدة، كما مع الرئيس نبيه بري، وبات يتعاطى معه على غرار ما فعل مع الرئيس سعد الحريري الذي علّق عمله السياسي بعدما بلغ حد اليأس من طريقة العمل السياسي الكيدي، وليست حتى بالمهمة في هذا التوقيت ما دام التشكيل بات خلف اللبنانيين جميعا، باعتبار ان الاستحقاق الرئاسي على الابواب وهو الاهم مع انتهاء عهد الرئيس ميشال عون في 31 تشرين الاول المقبل ودخول مدار الانتخابات في المجلس النيابي اعتبارا من مطلع ايلول اي بعد شهر واحد. اما المهم، لا بل الاهم في بيان التيار هو تمسكه بميزة التمثيل الشعبي لمن سيتولى موقع رئاسة الجمهورية وهو ما ضمنّه في الفقرة المخصصة للرئاسة وفيها ان التيار يكرر”موقفه الحاسم بضرورة اجراء انتخابات رئاسة الجمهورية في موعدها وفقاً للدستور وبما يحترم الارادة السياسية الوطنية التي عبّر عنها اللبنانيون في الانتخابات النيابية وما تم ارساؤه من مبدأ احترام التمثيل الحقيقي لمن يتولى مسؤولية المواقع الدستورية وفي طليعتها رئاسة الجمهورية، والاّ فما الغاية من الديمقراطية والانتخابات والعمل السياسي ووجود الاحزاب اذا تم اسقاط مبدأ احترام التمثيل الشعبي”، مشيراً إلى “ان التيّار متمسّك بإجراء الإنتخابات الرئاسية في موعدها قبل 31 تشرين، ومتمسك خصوصاً بوجوب أن يحظى من يتولى موقع رئاسة الجمهورية بالميزة الأولى وهي التمثيل الشعبي”.
ببالغ الاستغراب تنظر اوساط سياسية معارضة للعهد الى موقف التيار سائلة عبر “المركزية” في اي كوكب يعيشون وهل هم على دراية بما فعله الرئيس ذو التمثيل الشعبي بلبنان؟ وهل عاينوا ويعاينون يوميا ما افضت اليه سياسة الرئيس القوي التي حرفت لبنان عن محوره العربي لمصلحة ايران واداتها حزب الله وكيف استفاد لبنان من قوته هذه؟ هل يعيشون كما سائر اللبنانيين الفقر والجوع والعوز نتيجة السياسات هذه، وينتظرون لحظة الانتقام من طوابير الذل على محطات المحروقات وامام الافران، بعدما كان لبنان حتى الامس القريب قبلة انظار العالم ومستشفى الشرق ومصرف العرب؟
وبعد، تضيف الاوساط، ماذا فعل الرئيس الذي كان يملك اكبر كتلة نيابية مسيحية واوسع تمثيل شعبي سوى الشكوى وتكرار مقولة “ما خلونا”؟ واين نفعت قوته ورحابة تمثيله شعبيا؟ هل اسهم في وضع خطة انقاذية واحدة ؟ هل اتخذ موقفا جريئا بحق حزب الله الذي دمّر لبنان ورهنه لمصالح ايران وسلمه القرار الاستراتيجي؟ هل قدم وعدا واحدا فعليا للدول العربية والخليجية التي شكلت على مدى عقود طوال السند والداعم الاساسي لازدهار لبنان ورفعته ام بقي مستظلا بخيمة الحزب التي امنت وصوله الى بعبدا بعد عامين ونصف العام من الفراغ القاتل؟
كلا يا سادة، تضيف الاوساط، لا يحتاج لبنان اليوم الى رئيس يحظى بتمثيل شعبي مهما كان حجمه، واذا كان المقصود بهذا التمثيل المسيحي الاقوى او صاحب اكبر كتلة نيابية في البرلمان، وهو اليوم بحسب توزيع الكتل النيابية خلال الاستشارات النيابية التي جرت في قصر بعبدا رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ومن بعده النائب جبران باسيل، فالاثنان لا تنطبق عليهما المواصفات التي حددها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، اضف الى ان باسيل معاقب اميركيا ولا تتوافر اي من الظروف التي اوصلت عمه في العام 2016 الى قصر بعبدا، فيما من المسلّم به ان باسيل لا يمكن ان يرضى بجعجع رئيسا، كما برئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي يناصبه العداء ولم يتمكن افطار الضاحية الشهير من رأب الصدع بينهما وجلّ ما فعله هو كسر الجليد شكلا.
ان استمرار التمسك بنغمة الرئيس القوي ومن يملك تمثيلا شعبيا لن تجرّ الى لبنان الا الويلات والمزيد من الانهيارات، ورئيس المرحلة لا بد ان يتمتع بصفة الحكمة والاعتدال والجرأة في الاقدام واتخاذ القرار، شخص يملك شبكة علاقات دولية عموما وعربية في شكل خاص، ملّم بتحديات المرحلة الوجودية وصاحب رؤية اقتصادية يتفاهم حوله اللبنانيون، لا رئيس تحد ومواجهة على غرار ما يسعى اليه البعض، تختم الاوساط.