موقع mtv
افتتح موقع mtv سلسلة لقاءات ستعقدها أسرته دوريّاً في مكاتبها مع شخصيّاتٍ عامّة، بلقاءٍ مع رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان.
عنوان اللقاء مع كنعان ماليّ، ولكنّ السياسة كانت حاضرة، في الأسئلة، وهي كانت تعبّر عن نبض الناس، كما في الأجوبة التي كانت صريحة ومباشرة غالباً.
انطلق كنعان في كلامه بالتشديد على أنّنا في مرحلة مفصليّة. يصف البلد بأنّه ليس في البرّ، بل على الشاطئ، ولكنّه لم يغرق بعد. يشدّد على أنّ لجنة المال والموازنة حاولت الإنقاذ، منذ سنوات، عبر سلسلة قوانين سبقت بكثير ما يطلبه صندوق النقد الدولي ورافعو شعار الإصلاح اليوم، ولكنّه يسارع الى القول إنّ ما أقرّ بقي حبراً على ورق، “وهذه مسؤوليّة الحكومات”.
يتحدّث كنعان عن الموازنة فيتأرجح كلامه بين التفاؤل والتشاؤم. “هي تواجه أكثر من سعر صرف”، لافتاً الى “ضرورة التوصّل الى توازن بين سعر الصرف الرسمي وسعر السوق السوداء لتكون الموازنة منطقيّة”.
ويشير الى أنّه في حال تأمين المعلومات التي طلبتها اللجنة من وزارة المال في الأسبوع المقبل، حيث تعقد اللجنة جلسةً الإثنين، سيكون ممكناً إقرار الموازنة بين أواخر شهر آب وأوائل أيلول.
كما يقول إنّ العمل جارٍ لكي تتضمّن الموازنة مفاجأة إيجابيّة لموظفي القطاع العام.
أما تعديل قانون السريّة المصرفيّة فيرى فيه كنعان “خطوة على طريق تنفيذ الاصلاحات المطلوبة، وهي افضل الممكن مع وجوب استكمالها باقتراحات أحلناها كلجنة مال وموازنة على الهيئة العامة لتوسيع هامش الشفافيّة في القطاع العام”.
ويجرّنا الكلام عن الموازنة الى السؤال عن الدولار الجمركي. يؤكّد كنعان هنا أن لا مسؤوليّة على اللجنة بل على الحكومة، كاشفاً، لموقع mtv، أنّ “رئيس الجمهوريّة لن يوقّع مرسوم رفع رسم الدولار الجمركي بالصيغة التي أعدّت، فمن غير المنطقي أن تقفز مباشرةً من دولار بقيمة ١٥٠٠ ليرة الى أكثر من ٢٥ ألفاً، وتكفي مراقبة الأسعار التي بدأت أخيراً بالارتفاع الجنوني “ع ريحة” التعديل بالدولار الجمركي الذي لم يحصل بعد!”.
لا يبدو كنعان راضٍ عن أداء الحكومة الحاليّة، ولا عن سابقتها، وربما سابقاتها. يتحدّث عن تناقض بين ما يقوله رئيس الحكومة وما يقوله نائبه. ويتوقّف عند قرار التوقف عن دفع السندات الذي اتّخذ في الحكومة السابقة، وكان كارثيّاً. ويلفت الى أنّ السياستين النقديّة والماليّة اللتين انتهجتا منذ التسعينيات أوصلتانا الى ما وصلنا اليه، مذكّراً بكتاب “الإبراء المستحيل” الذي سبق الانهيار بسنوات، وكان تحذيريّاً.
ويشدّد كنعان على ضرورة الاستفادة من اللحظة الدوليّة التي تشهد اهتماماً بلبنان بسبب ملف الترسيم، وهو ملف قد يشكّل أحد الحلول للنهوض، ولكنّه ليس السبيل الوحيد.
هل يأتي الخلاص إذاً من صندوق النقد الدولي؟ يقول كنعان إنّ “لبنان ملزَم بالعبور من تعثّره عبر الصندوق، ولذلك عليه التفاوض معه بصراحةٍ وجديّة وصدق لتحقيق الاصلاحات المطلوبة، وفق امكانيات لبنان، ومن خلال روزنامة واقعيّة وفقاً لما يصلح للبنان وشعبه”.
العبارة المفتاح بالنسبة الى كنعان هي كسب الثقة. لا يتعلّق الأمر، برأيه، بأشخاصٍ بل بنهج. يقول: “لا يظنّ أحدٌ أن انتخابات نيابيّة أو ولادة حكومة أو انتخابات رئاسيّة هي محطات مفصليّة. أجرينا انتخابات، فماذا تغيّر؟ المطلوب تغيير في النهج واعتماد الإصلاح”، معتبراً، ردّاً على سؤال، أنّ “الأهمّ في الرئاسة تحديد المواصفات قبل اختيار الشخص”.
وحين نحاول الدخول معه في لعبة الأسماء، يحسمها: “أملك رأياً، بالتأكيد، ولكنّني في موقع مسؤوليّة ولا يمكنني أن أرمي الأسماء. وأكرّر: ركّزوا على المواصفات”.
ومن المال، يحطّ كنعان في السياسة. يجيب على سلسلة أسئلة بسلسلة مواقف:
– يجب على الأحزاب أن تجدّد نفسها، وأنا مع فصل النيابة عن الوزارة.
– هناك من ينتقد مشاركة التيّار الوطني الحر في الحكومات، ولكن، لو كان “التيّار” خارجها هل كانت لتنجز أكثر؟
– المسؤوليّة عمّا بلغناه تتحمّلها القوى السياسيّة كلّها، وحزب الله يتحمّل وفق حجمه وقوّته.
– لا يمكن لحزب الله أن يتفرّد بالقرارات، كما لا يمكن لأحد أن يتجاهل حضوره.
يبدو لبنان، وفق وصف كنعان، على مفترق طرقٍ. يمكنه أن يسلك طريق الحلّ إن تغيّر النهج وحصلت الانتخابات الرئاسيّة في موعدها وولدت حكومة منتجة وإصلاحيّة. ويمكنه أن يقفز من الشاطئ، حيث هو، الى الأعماق فيغرق، إن حصل العكس.
يشير الى أنّه سمع من الموفد الفرنسي بيار دوكان، حين التقاه مع النائب جورج عدوان منذ أسبوعين، عبارة: هناك لحظة مؤاتية للبنان الآن قد لا تطول كثيراً.
هل نستفيد من اللحظة المؤاتية؟ يرجّح كنعان أن نفعل ذلك، وإلا على لبنان السلام. كأنّه يقول: “اللهم إنّي بلّغت”. سبق أن قال، عند حصول الانهيار: “اللهم إنّي حذّرت”…