كتب جاد دميان في “المسيرة” – العدد 1730
أفرزت الإنتخابات النيابية الأخيرة مجلسًا نيابيًا متنوّعًا يمكن تقسيمه الى ثلاث فئات:
1 – أركان المنظومة المتمثّلة بتحالف المافيا والميليشيا وعمادهم تحالف حزب الله والتيار الوطني الحرّ وحركة أمل وحلفاؤهم
2 – الكتلة السيادية المتمثلة بحزب «القوات اللبنانية» وحزب الكتائب اللبنانية واللقاء الديمقراطي والمستقلّين أمثال اللواء أشرف ريفي وميشال معوض وغيرهما.
3 – التغييريون الذين صنَّفوا أنفسهم من خارج التصنيفات التقليدية واعتبروا أنهم «الأنزه والأكفأ وفوق الشبهات وأفضل منهم كلن يعني كلن».
وأظهرت إنتخابات رئيس المجلس النيابي ونائبه واللجان بأن الأقليّة المتراصّة قد تفوّقت على الأغلبية المخردقة، مما زاد من إحباط اللبنانيين ودفعهم الى العديد من التساؤلات حول إمكانية التغيير في المعادلة السياسية في ظلّ تحكُّم المنظومة بمفاصل المؤسسات.
ومع وجود رئيس جمهورية سخَّر عهده من أجل ضرب المؤسسات وإحكام سيطرته على واقع التعيينات من أجل تسخيرها لتيّاره ولأحلام صهره المدلّل من جهة، ومع فريق مسلّح ضرب هيبة المؤسسات وسيطر على المعابر الشرعية وغير الشرعية وبسط سلطته الإجتماعية والسياسية والثقافية على البلاد، ومع رئيس مجلس نيابي جنّد حرس المجلس من أجل قمع الحريات ومعاقبة الثوار وأحكم يديه على مفاتيح المؤسسة التشريعية الأولى كي يتحكم في الإستحقاقات الدستورية كما يشاء، بات على الكتلة السيادية والتغيريين واجبات تجاه الشعب اللبناني من أجل الترفّع عن مصالحهم الشخصية والذهاب لوضع أولويّات المرحلة الدقيقة والمتمثلة بالنقاط التالية:
1 – على الكتلة السيادية أن تضع التنافس الإنتخابي الأخير والمرحلة التي سبقت هذه الفترة وراءها وتنطلق من أجل وضع هموم المرحلة والإستحقاقات القادمة في صلب أولوياتها عبر تشكيل جبهة سيادية تكون على قدر تطلّعات اللبنانيين والأصوات التي مُنحت لهم من قبل الشعب اللبناني.
2 – على التغييريين أن يخرجوا من لعبة التصنيفات ولعبة الخوف من المواقف الواضحة ومن أي تقارب مع أي مجموعة داخل المجلس النيابي، فالإنقسام اليوم لم يعد بين مجموعة داخل المجلس النيابي ومجموعة ثورية في خارجه، إنما أصبحوا جزءًا من اللعبة الديمقراطية في البلاد، وبالتالي تترتب عليهم مسؤوليات لا بد من أن يتحمّلوها وأن يتيقنوا أن وجودهم داخل المجلس النيابي يحتّم عليهم التشبيك مع أي فريق يمكّنهم من تلبية حاجات المواطنين وتطلّعاتهم.
من هنا، فإن لعبة المزايدات ومحاولة «تعيير» الآخرين قد تنقلب سلباً عليهم وقد تشرِّع سهولة مهاجمتهم. ولعل تجربة الشهر الأخير «وفاولات» النواب نجاة صليبا ومارك ضو والياس جرادة وحليمة قعقور، أسطع دليل.
3 – بعد ترتيب الأوضاع الداخلية بين كل من الكتلتين السيادية والتغييرية، لا بد من التشبيك بينهما من أجل تحويل التنوّع في صفوف المعارضين للمنظومة الى نقطة إنطلاق وقوة من أجل تثبيت مفهوم تغيير نموذج العمل في الحياة السياسية ومقاربة الإستحقاقات القادمة وعلى رأسها الإستحقاق الرئاسي الذي لا بد من أن يكون المدخل من أجل عهدٍ جديد سليم لا يشبه العهد الحالي.
المرحلة القادمة، هي مرحلة تشبيك وتعاون ومصلحة عامة، ومن أراد الغرق في انعزاله، سيلعنه التاريخ والحاضر والمستقبل.