“لقمان حي في كل انسان حر في هذا البلد ومَن قتلوه هم الاموات”، هذا ما قالته اليوم شقيقة سليم، وقد تحدّثت من خلال هذه الكلمات القليلة، باسم الأحرار والمتمرّدين على الظلم والاستبداد، وفق ما تقول مصادر سياسية مناوئة للسلطة لـ”المركزية”، وعددُهم آخذ في الارتفاع، ولهذا كان لا بد من قتل أحد أهمّ مُلهميهم و”محرّضيهم” على كسر جدار الصمت والخوف والتبعية، الحاضر بينهم في ساحات 17 تشرين وخيمها التثقيفية من النبطية وصور وصولا الى قلب ساحة الشهداء، علّ هذه التصفية ترهبهم وتعيدهم الى الحظيرة التي يبصمون فيها على كلّ شيء، دونما نقاش.
قضية سليم لن تموت بالسهولة التي يتخيّلها الجناة او يريدونها، تتابع المصادر. ففيما دماؤه سكبت في أرض ثائرة اصلا، تغلي منذ أشهر، تظاهراتٍ واعتصامات، رفضا لتحالف الفساد والارهاب الذي يحكم لبنان، تشير المصادر الى ان هذا الاغتيال سيحفّز المنتفضين ولن يخيفهم، هذا ما تظهره بوضوح منصات التواصل الاجتماعي اضافة الى التحركات التي شهدها الشارع امس.
والى الغضب الشعبي الذي سيمنع، عاجلا ام آجلا، طمس الحقيقة والهروب من المحاسبة، لا في جريمة لقمان فقط، بل في زلزال المرفأ ايضا، تقول المصادر ان المجتمع الدولي الذي هبّ امس، بعواصمه الكبرى كلّها، لاستنكار الجريمة، لن يسكت عما جرى. فسليم لم يكن رجلا عاديا، بل كان صانع رأي وفكر وتمكّن، بفعل دراساته وسعة فكره ووزنه الثقافي، من الجلوس الى طاولة القادة الدوليين الكبار، ليس لنقل قراءته وتصوّره للواقع اللبناني وكيفية تحسينه، اليهم، بل لانهم رأوا فيه بديلا صالحا من الطبقة السياسية الفاسدة القابضة على مقاليد الحكم اليوم. وقد شارك منذ اسابيع قليلة، في اللقاءات التي اجراها مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، في بيروت، مع ممثلي المجتمع المدني.
وعليه، تتابع المصادر، لن يمرّ اغتيال لقمان سليم، مرور الكرام في العواصم الكبرى، خصوصا وانها باتت كلّها تدين التحالف القائم في لبنان بين الفساد والارهاب، وقد صوّب عليه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون منذ ايام. وما هذا الاعدام، الا تجسيد ملموس اضافي، لهذا التحالف.
وبينما الطبقة السياسية باتت منبوذة ومرذولة من قبل الخارج، الذي يقرّعها بوتيرة شبه يومية، لا بد ان يترك هذا الاغتيال، أصداء خارجية سلبية، ستزيد من عزلة المنظومة، هذا اذا لم تترافق مع عقوبات جديدة، ردا على تقاعسها عن كشف الحقائق وتسهيل التحقيقات، في كل الملفات الحساسة التي فتحت في لبنان منذ أشهر.
على اي حال، تذكّر المصادر هنا، بجريمة اغتيال الصحافي السعودي جمال الخاشقجي وما اثارته من ضجّة لم تهدأ بعد، على الساحة الدولية، ولا تستبعد ان تولّد تصفية سليم، موجة ردود فعل مماثلة.
وهنا، يدرك المجتمع الدولي، أنه اذا ترك القضية تمرّ، فإن سيناريو اقتناص قادة الفكر في بيروت، واصطياد الناشطين الفاعلين في المجتمع المدني – الذي تشهده اليوم الساحة العراقية على يد الميليشيات النافذه فيها، سيتكرر حتما على المسرح اللبناني – ولذلك، فإن عواصم القرار لا بد ان تتحرّك لمنع استنساخ هذه الفوضى القاتلة، في لبنان