كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:
اليوم، ستكون اللجان المشتركة على موعد مع قانون الشراء العام، الذي يعدّ وضعه انجازاً هاماً في سياق الورشة الإصلاحية المطلوبة محلياً ودولياً، لكونه ينظّم كل عمليات الشراء في القطاع العام ويضع حدّاً لمزاريب الهدر والتنفيعات.
أكثر من 45 جلسة خاضتها اللجنة الفرعية التي شكّلت للغاية، وقد أنجزت المشروع، برغم تحفظات “التيار الوطني الحر” الذي سيكررها اليوم، تمهيداً لرفعه إلى اللجان المشتركة قبل وضعه على جدول أعمال الهيئة العامة لإقراره بصيغته النهائية. ويرجّح أنّ تتم احالة الاقتراح إلى الهيئة العامة وفق الصيغة التي توصلت إليها اللجنة الفرعية، بعد أن يكون “التيار” قد سجّل ملاحظاته من جديد.
يشكل اقتراح القانون خطوة متقدمة في مجال وضع آليات للشكاوى والاعتراضات، توحيد الأنظمة والممارسات، وشموليتها لمختلف الجهات التي تتولى الإنفاق العام من ادارات عامة ومؤسسات عامة وبلديات… وقد أخذ الاقتراح بالمركزية على صعيد القوانين والأنظمة والضوابط التي ترعى عملية الشراء العام. وتشمل هذه الأنظمة والضوابط وللمرة الأولى، لجان الاستلام ولجان التلزيم في آليات تشكيلها وعملها، وهي احدى المراحل التي تنطوي على مخاطر كبيرة في مجال الصفقات العمومية. وأنشأ هيئة ناظمة للشراء العام أولى مهامها الرصد والاشراف وتوحيد الأنظمة والأساليب والممارسات والمراجعة الادارية والقضائية، دفاعاً عن المال العام في قضايا الصفقات العمومية.
وهذه الهيئة ستكون عملياً بمثابة هيئة ناظمة وهيئة رقابية على السواء. فصلاحياتها تسمح لها بتنظيم كل شراء عام، كما تشرف على إعداد دفاتر الشروط، وتضع بنفسها دفاتر شروط عمليات الشراء المتشابهة بين الإدارات. ويفترض بكل إدارة أن تعلمها بخطتها للشراء العام قبل ثلاثة أشهر من بداية السنة المالية. كما يفترض أن تنشر كل المناقصات وتفاصيلها على المنصة الإلكترونية للهيئة، إضافة إلى المنصّة الخاصة بالإدارة المعنيّة. ولهذا احتّلت الهيئة جانباً واسعاً من النقاشات في اللجنة الفرعية لا سيما لجهة مدى استقلالية الهيئة، كيفية تأليفها، والمرحلة الانتقالية بعد أنّ تحلّ هيئة الشراء العام محل إدارة المناقصات، ولذا اقترحت اللجنة أن تتولى هذه “الإدارة”، بكادرها الموجود المرحلة الانتقالية.
ينص الاقتراح في المادة 75 على تشكيل هيئة مستقلّة للشراء العام مؤلفة من رئيس وأربعة أعضاء يُعيّنون بموجب مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح رئيس مجلس الوزراء وفقاً لشروط وآلية التعيين المفصلة في المادة 78.
تحدد ولاية كل من الرئيس والاعضاء الأربعة بخمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، على أن يعدّ مجلس الخدمة المدنية الاعلان لملء مركز رئيس وأعضاء الهيئة والمتضمّن المؤهلات والشروط الواجب توافرها بالاضافة إلى معايير تقييم المرشحين، كما يتولى مجلس الخدمة المدنية قبول الطلبات المستوفية الشروط والمواصفات… وقد استقرّ رأي اللجنة الفرعية، كما ورد في الاقتراح في المادة 88 المتصلة بالأحكام الانتقالية، على أنّه تلغى إدارة المناقصات وتنقل ملاكاتها والعاملون فيها إلى هيئة الشراء العام من دون تعديل في الرتبة والراتب، مع احتفاظهم بحقهم في القدم المؤهل للتدرج على أن تتوافر فيهم شروط التعيين المحددة في المادة الرابعة من المرسوم الاشتراعي رقم 112/59 (نظام الموظفين) وتعديلاته، باستثناء شرطيّ السن والمباراة. ويكون مدير عام إدارة المناقصات رئيساً للهيئة للولاية الأولى، كما يكون الموظفون والمتعاقدون والأجراء الحاليون في إدارة المناقصات من ضمن الهيكل الإداري لهيئة الشراء العام. وإلى حين تعيين أعضاء الهيئة، يتولى رئيس الهيئة مهامها. لكن “تكتل لبنان القوي” يعتبر أنّ هذه الصيغة قابلة للطعن اذا ما أقرّ القانون وفق النسخة التي خرج بها من اللجنة الفرعية.
وفق من يخالفهم الرأي، فإنّ هيئة الشراء العام هي امتداد قانوني لإدارة المناقصات، وبالتالي من الطبيعي أن يكون ملاك “الإدارة” من ضمن ملاك الهيئة المستحدثة، وما ينطبق على الرئيس ينطبق على الموظفين. ومقابل حجّة العونيين بأنّ مجلس الوزراء هو وحده صاحب صلاحية تعيين الموظفين، فإنّ لمعارضيهم وجهة نظر تقول إنّ إقالة الموظفين تكون أيضاً في مجلس الوزراء وليس في قانون، خصوصاً اذا كان الهدف من الغاء إدارة المناقصات هو الإقالة المقنّعة لرئيسها.
بدوره، يعتبر رئيس إدارة المناقصات جان العلية لـ”نداء الوطن” أنّ “إقرار القانون حاجة وطنية وضرورة إصلاحية وهو أهم من الأشخاص، ولا تعنيني الصيغة المرتبطة بمصيري وأنا أحتفط بكامل حقوقي الوظيفية والطرق القانونية والإدارية للمراجعة، ومن يعتقدون أنّ باستطاعتهم التخلص مني بقانون، غلطانين”.
كذلك كان لهيئة الإعتراضات جانب من التحفظات من قبل بعض المشاركين في أعمال اللجنة الفرعية، أبرزها أن هذه الهيئة لا يمكن أن تكون من ضمن الهيكلية الإدارية للتفتيش المركزي، لأن هذا الأمر ينطوي على تضارب مصالح وتعارض في المهام، وقد يحد من استقلالية الهيئة التي باتت بموجب اقتراح القانون مرجعية أساسية في مسار الصفقات العمومية… ويقتضي أن تكون هيئة الشراء العام وهيئة الاعتراضات على ذات المستوى من الاستقلالية. وعلى أهمية هذا القانون، ثمة من يثير الخشية من أن يصيب هذه الهيئة ما أصاب ما سبقها من هيئات ناظمة، فإما بقيت حبراً على ورق وإما غرقت في مستنقع المحاصصة السياسية طالما أنّ مجلس الوزراء هو صاحب صلاحية التعيين.