كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
“رغم كل الغلاء… هناك من يبيع بالرخص”. ففي الوقت الذي حلّقت فيه أسعار الحلويات الرمضانية، كسر الحلونجي علي أبو زيد القاعدة، طارحاً اسعاراً رخيصة وشعبية مراعاة لظروف الناس، في الزمن الصعب، إذ ثبّت اسعار حلوياته على سعر الـ18 الف ليرة، وهو سعر لاقى إستحباب الناس التي إحترقت بنار الأسعار المشتعلة على كافة جبهات لقمة عيشها.
أمام متوسطة كفررمان الأولى وضع المعلّم علي فانه الصغير، رفع شعار “الحلو للفقير كمان” متّخذاً من مقولة “أربح قليلاً خير من لا شيء” خياره في العمل الذي بدأه منذ نعومة اظفاره. يحاول المعلّم علي أن يعيد الثقة للناس في زمن الغلاء، إستشعر حاجتهم لقطعة حلو في زمن الصوم، فقرّر أن يقف بجانبهم، لا عليهم، غير آبه بموجة الاسعار التي طالت كل صنوف الحلويات وتخطّت المعقول. وِفق رؤيته “أعمل بحقّ الله، وأريد ان اربح بحقّ الله أيضاً”، مؤكداً انه “إبن البيئة التي تعاني من شظف الحياة، وإنكوت بالأسعار” فأراد أن يكون “حدّ الفقراء” لأنّ الصوم من دون حلو لا قيمة له، فرمضان شهر الحلويات. يركّز في حلوياته على القشطليات حيث تتنوّع الاصناف عنده بين المدّ بقشطة والعثملية والتمرية واخواتها، اذ تعتبر هذه الاصناف من حلويات الشهر الفضيل.
لساعات طويلة يقف المعلّم علي امام فانِه، يلبّي طلبات الناس التي وجدت بحلوياته بقعة ضوء رخيصة في وقت بات كل شيء ناراً وملتهباً… لم يأبه لكل الإنتقادات التي طالته من أصدقاء الكار “كيف بدّو يربح، وكيف بدّو يكفّي، وعم بيضارب علينا”. صبّ إهتمامه على إعداد حلويات طيبة وبسعر رخيص، إذ يقول: “نحن في شهر الرحمة ويجب أن نساعد بعضنا”. لا يخفي أنّ المواد الأساسية لصناعة الحلويات ارتفعت، ومع ذلك يضع هامش ربح بسيط، يمكّنه من متابعة مشواره في صناعة الحلويات، ليعيل عائلته الصغيرة. يرى في أسعاره ضربة معلّم، إذ وضع ركيزة جديدة للبيع بعيداً من سياسة الربح الخيالية المتّبعة من الجميع. لم يستغرب حجم الاقبال على حلوياته، فالناس تهرب من الغلاء، اذ بات مقصداً من مختلف البلدات، فهو “أرخص من غيره بكتير”، تعلّق فرح التي قصدته من النبطية الفوقا، فيما وجد فيه مصطفى “ملاذ الفقراء”، وأرضى بحسب يوسف “حاجة الناس لقطعة حلو باتت صعبة المنال في المحال”.
لم يعد مستغرباً أن يواظب المعلّم علي على سعره الرخيص، المستغرب كيف حلّقت الأسعار بجنون داخل المحال، وهذا ما يعلّله بالقول: “أعدّ حلوياتي بحبّ، وأبيعها بحبّ، فأكسب بعرق جبيني” وما يعدّه يعتبر حلويات شعبية، والشعبي في هذه الأيام مطلوب، لم يعد هناك حضور لمحلات الـ”هاي لايف”، كما كان سابقاً، فالخناق المالي دفع الجميع الى قصد المحال والبسطات الشعبية، فالمجد هذه الأيام للحلو الرخيص، أو البيتي، وما عدا ذلك، فلا من يشتري ولا من يبيع، وهنا يصدق المثل القائل “الحلو الرخيص بيطعمي الناس الطيبة”، وهذا ما قدّمه المعلّم علي الذي خبِر صناعة الحلويات منذ صغره، وتمرّس بها، ويقدّم اليوم نموذجاً يُحتذى به في زمن “ناس أكلت بعضها”. فهل تتوسع ظاهرة المعلّم علي ويعود للرخص مجده؟!!