
ملاك عقيل – اساس ميديا
يُشكّل اجتماع هيئة مكتب المجلس يوم غد الثلاثاء محطّة إلزامية باتّجاه دعوة الرئيس نبيه برّي إلى عقد جلسة تشريعية للهيئة العامّة لمجلس النوّاب، الأرجح هذا الأسبوع، من إجل المصادقة على التعديلات على “تعديلات” قانون السرّية المصرفية، التي أقرّتها الحكومة في 27 آذار الماضي. وذلك كرسالة “حسن نيّة” من الجانب اللبناني وبما يتماهى مع مطالب صندوق النقد الدولي لـ”إطلاق يد الرقابة والسلطة النقدية في المتابعة والتدقيق في كلّ الحسابات من دون قيد أو شرط”، كما ورد في الأسباب الموجبة لمشروع القانون.
وفق معلومات “أساس”، وفي ظلّ النقاش النيابي الصاخب الذي سيلفّ مسألة تحديد المفعول الرجعي لرفع السرّية المصرفيّة، فإنّ إقرار القانون هو من المسلّمات في ظلّ تحذير “الصندوق” من عدم امتلاك لبنان رفاهية الوقت من أجل إقرار القوانين الإصلاحية، وخطوة ملزمة قبل عقد اتّفاق مع صندوق النقد.
لكنّ هذا الأمر لن يسري على مشروع قانون إعادة هيكلة المصارف الذي رمت الحكومة كرته في مجلس النوّاب، حيث سيخضع للتشريح المطوّل على طاولة اللجان النيابية المشتركة، وهو ما سيستغرق وقتاً طويلاً تكون خلاله اجتماعات صندوق النقد الدولي في واشنطن قد انتهت، لا سيما أنّ مصادر نيابية تتوقّع أن يحصد نقاشات صداميّة على طاولة اللجان، ولاحقاً في الهيئة العامّة في مجلس النواب قبل إقراره.
مع ذلك، يُرفرف طيف قانون الانتخابات البلدية فوق جلسة القوانين الماليّة لجهة التعديلات التي قد تطرأ عليه من زاويتين: تأجيل الاستحقاق لبضعة أشهر، أو إدخال تعديلات على القانون، خصوصاً لجهة تثبيت المناصفة في بلدية بيروت. وذلك على بُعد أسبوعين من فتح صناديق الاقتراع في جبل لبنان في 4 أيّار، ضمن سياق المراحل الأربع لإتمام الانتخابات البلدية، وآخِرتها في لبنان الجنوبي والنبطية في 25 أيار.
تقول مصادر سياسية إنّ الرئيس برّي تماهى مع مطالب نوّاب سنّة رفضوا السير بخيار اللوائح المقفلة حصراً في بيروت
آلان عون: لا تأجيل
يقول النائب آلان عون لـ”أساس”: “لا يجوز تأجيل الانتخابات البلدية ولو ليوم واحد. فكلّ الأُعذار التي تُستعمل بما فيها تعديل القانون لجهة فرض اللوائح المقفلة، لا تبرّر إبقاء وضع البلديّات على حالها بعد تسع سنوات”، جازماً بأنّه “لن تتوافر أيّ أكثرية في مجلس النواب تصوّت على التمديد للمجالس البلدية ما دامت وزارة الداخلية أعلنت أنّها جاهزة لإجرائها”.
الانتخابات البلدية
حسم الرئيس نبيه برّي فعليّاً مسألة صعوبة تعديل قانون الانتخابات البلدية، حتّى من بوّابة حماية المناصفة في مجلس بلديّة بيروت، حين أكّد أنّ “تعديل القانون مستبعد بسبب ضيق الوقت وطرح التعديل نفسه سيؤدّي حتماً إلى تأجيل إجراء الانتخابات البلدية، وهو أمر نرفضه”، طارحاً تحقيق المناصفة من خلال “أوسع تحالف سياسي تنخرط فيه الأحزاب والتجمّعات السياسية والعائلات، خصوصاً في ظلّ عزوف “تيّار المستقبل” عن خوض الانتخابات، شرط الالتزام بالاقتراع للّائحة الأقرب إلى تحقيق المناصفة. ونحن و”الحزب” سنلتزمها قولاً وفعلاً”، كما قال لصحيفة “الشرق الأوسط”.
تقول مصادر سياسية إنّ “الرئيس برّي تماهى مع مطالب نوّاب سنّة رفضوا السير بخيار اللوائح المقفلة حصراً في بيروت، حيث إنّ ذلك لا ينطبق على ضمان التمثيل السنّي في مناطق لا يُشكّل فيها الناخبون السنّة أكثريّة، مفضّلين السير بلائحة توافقية ومحصّنة بالقرار السياسي لضمان المناصفة وتفادي التشطيب، علاوة على أنّ بعض اللوائح المقفلة قد لا تراعي التوازن الطائفي”.
في سياق محاصرة بقعة زيت الجدل الطائفي في مسألة المناصفة في بيروت، لا سيّما بعد طرح نواب سنّة مسألة صلاحيّات محافظ بيروت القادر بشحطة قلم على تجميد قرارات المجلس البلدي، تبنّى برّي خيار “السير بالتوافق” الذي لا تزال تعترضه مطبّات وفيتوات متبادلة على هويّة المرشّحين لمجلس بلدي يتألّف من 24 عضواً.
حسم الرئيس نبيه برّي فعليّاً مسألة صعوبة تعديل قانون الانتخابات البلدية، حتّى من بوّابة حماية المناصفة في مجلس بلديّة بيروت
العامل الأمنيّ
وفق معلومات “أساس” كلّ القوانين التي ستُطرح في جلسة الثلاثاء قُدّمت بصفة معجّل مكرّر، ومنها اقتراح قانون يتعلّق باللائحة المقفلة في بيروت تقدّم به النائب غسّان حاصباني ووقّعه نوّاب الأشرفية. وهو يُضاف إلى اقتراح قانون يتيم تقدّم به النائبان وضّاح الصادق ومارك ضو من أجل تأجيل تقنيّ للانتخابات. ومن أسبابه الموجبة إدخال تعديلات إصلاحيّة على القانون، منها الكوتا النسائية، واعتماد اللوائح المقفلة في البلديّات الكبرى، وتبنّي آليّة انتخاب المغتربين في القرى الجنوبية التي تعرّضت لدمار كامل أو جزئي.
أشار اقتراح القانون أيضاً، ضمن أسبابه الموجبة، إلى أنّ “الأوضاع الحاليّة الأمنيّة والإداريّة والسياسيّة تهدّد نزاهة العمليّة الانتخابيّة”، فيما العامل الأمنيّ لا يزال يفرض نفسه لجهة الانتهاكات الإسرائيلية المستمرّة التي طالت منذ أيّام منطقة الغازيّة القريبة من جبل لبنان. ويبدو وفق المسار العامّ أنّ أيّ كتلة نيابية لن تسجّل على نفسها المطالبة بتأجيل الانتخابات في ظلّ ضغط دولي يستعجل الملفّات الإصلاحية، بغضّ النظر عن الواقع الأمنيّ.
مراكز خارج القرى المدمّرة
أعلنت وزارة الداخلية اعتماد مراكز مستحدثة في القرى والبلدات المدمّرة كلّياً وجزئيّاً، وفي هذا السياق لا بدّ من الإشارة إلى أنّ 294 بلديّة تشكّل مراكز ثقل سياسي لحركة “أمل” و”الحزب”، من أصل 1,064 بلديّة على مستوى لبنان، لا تزال “ورشة” التزكية فيها ناشطة.
يقول الباحث في “الدوليّة للمعلومات” محمد شمس الدين إنّ “ما يقارب 220 بلديّة، للثنائي الشيعي قوّة تأثير فيها، ستفوز بالتزكية، ويتوقّع أن يرتفع هذا العدد لأنّ هناك مدّة زمنيّة أطول تفصل عن الانتخابات في البقاع والجنوب، حيث العدد الأكبر من البلديّات المحسوبة على أمل والحزب”.
أمّا لجهة تأثير الاستحقاق البلديّ، بتحالفاته الهجينة في كثير من الأحيان، على الانتخابات النيابية، فيقول النائب عون إنّ “الانتخابات البلدية لا تؤثّر مباشرة على الانتخابات النيابية لأنّها في معظمها تأخذ منحى عائليّاً في لبنان، إلّا أنّها في بعض الحالات تأخذ بعداً سياسيّاً وتعطي مؤشّرات أوّلية إلى مزاج الرأي العامّ والتحالفات السياسية المقبلة”.