لا تزال المؤشرات تشي بأنّ الرئيس المكلف سعد الحريري ليس في وارد التراجع عن مهمة التكليف والتأليف، وزيارته قصر بعبدا أمس أتت في إطار ترسيم حدود المعركة الحكومية تحت شعار “فليتحمّل كل طرف مسؤوليته” أمام البلد والناس. فبعد لقاء دام لنحو عشرين دقيقة، ظهَّر الرئيس المكلف مكمن العطل في ولادة حكومة المهمة، مع التأكيد في المقابل على ثبات موقفه لناحية عدم التراجع عن تشكيل حكومة من 18 وزيراً اختصاصياً ليس فيها تمثيل حزبي ولا ثلث معطل. وكشفت مصادر رفيعة مقربة من رئيس الجمهورية لـ”نداء الوطن” أنّ الحريري عاد وقدّم لعون أمس “الطرح السابق نفسه” فألقى الأخير “نظرة سريعة” عليه ثم أعاده إليه قائلاً: “هيك ما بيمشي الحال”.
وإذ رأت أنّ “الحريري لا يريد حكومة وكل ما في الأمر أنه يعد خطاباً نارياً ليوم الأحد وبالتالي يريد رمي تهمة التعطيل على رئيس الجمهورية”، شددت المصادر على أنّ موافقة عون السابقة على تشكيلة الـ 18 لم تعد سارية بعد اليوم و”رئيس الجمهورية بات يريدها من 20 وزيراً على الأقل”، هذا عدا عن أنّه “ما زال يطالب لغاية الساعة باعتماد المداورة الشاملة في كل الحقائب بما فيها المالية”.
وأمام هذا الموقف العوني المتصلب، ترى مصادر سياسية أنه بات من الأجدى بالرئيس المكلف “أن يكون على ثقة تامة بأنه لن ينجح في تغيير ذهنية التعطيل المستحكمة بأداء العهد ومن يقف خلفه، وعليه أن يدرك يقيناً أنّ من أسقط المبادرة الفرنسية بحلتها الأولى سيسقط كل مبادرة لا تتناسب مع دوره ونفوذه ومصالحه”، معربةً عن قناعتها بأنّ “الزيارات الخارجية لن تجعله في موقع قوة مع فريق يتكئ على قوة الأمر الواقع”.
ومن هذا المنطلق، لفتت المصادر إلى أنّ الأزمة الحكومية لن تنتهي خارج إطار معادلة “6 و6 مكرر” بالنسبة للفريق الحاكم، بينما الأزمة المعيشية والمالية والاقتصادية والاجتماعية ستنتهي إلى انفجار حتمي من مصلحة الحريري ألا يكون شريكاً فيه وأن يسارع إلى القفز من مركب المسؤولية عما ستؤول إليه الأمور، ليتحمّل بالتالي العهد العوني وحليفه “حزب الله” مسؤولية الفراغ وتجويع اللبنانيين وحدهما، فتتم تعريتهما أمام الداخل والخارج من دون أن يكون لهما أي ستار يتلطيان خلفه تهرباً من هذه المسؤولية ومن مواجهة حقيقة أنّ سياساتهما هي التي أوصلت لبنان إلى درك الانهيار الشامل.