مقال للكاتب صفوح منجد
على وقع عمليات القصف الإسرائيلي المستمر على الجنوب اللبناني وجرائم الإبادة التي يرتكبها العدو الصهيوني على غزة ورفح إنشغلت الأوساط العربية في عملية جس نبض إمكانية فرض هدنة مؤقتة على سائر الجبهات إنطلاقا من ثلاثة عوامل في مقدمها الزيارة التي يقوم بها المبعوث الأميركي أموس هوكستاين إلى بيروت اليوم الإثنين، وما تردد عن وصول وفد من “حركة حماس” إلى القاهرة حيث من المقرر أن يتم البحث خلال هاتين الزيارتين في إمكانية وقف الأعمال الحربية على مختلف الجبهات.
في وقت أعلن مسؤول إسرائيلي عن موافقة حكومة العدو على فتح أبواب المسجد الأقصى في مدينة القدس أمام المسلمين طيلة شهر رمضان لتأدية الشعائر الدينية، خلافا لما كان يجري سابقا من مواجهات بين المصلين والجنود الصهاينة في هذه المناسبات.
وفي حين تعتبر المصادر المطلعة أن لا شيىء بإمكانه أن يوحي أنه بالإمكان “تبريد” الجبهات بالإكتفاء فقط ببيانات صحفية، فإن المصادر من مدينة القدس الشريف لا توحي بسهولة فتح المسجد الأقصى أمام المصلين لاسيما في أعقاب البيان الذي صدر عن جماعة “بناة هيكل سليمان” ويحذرون فيه من هذه الخطوة سيما وأن أنصار هذه الجماعة يرفعون شعار الدعوة إلى “بناء هيكل سليمان الثالث في مكان المسجد الأقصى إنتظارا لوصول السيد المسيح والتبشير بقيام إسرائيل من البحر إلى نهر النيل”.
وعلى وقع الضربات على رفح، بدأت عملية جس نبض التفاوض في ما يتعلق بقضية الأسرى التي يبدو حتى الآن أنها لم تنضج بعد في ظل الشروط والشروط المضادة، وفي حين لم ترشح أية معلومات عن زيارة هوكستاين إلى لبنان لمعرفة ما يحملُه من جديد. ولكن وَفق المعلومات فإنَّ هوكستاين يحمل معه مقتَرَحاً من ثلاث مراحلَ سيحاول تسويقَه من دون أن يَعرِف حتى الآن موقفَ الأطرافِ المعنيّةِ منه. فالمقترح المذكور بحاجة ليمُرّ، إلى موافقة إسرائيلية على وقف إطلاقِ النار بالتزامن مع الهدنة المفترضة على جبهة قطاعِ غزة. فهل إسرائيل في هذا الواردِ أصلا؟ أي هل ستَعتبرُ الجبهةَ اللبنانيّة مُكَمِّلةً لجبهة غزة، وتوافقُ على وقف إطلاق النارِ فيها، أم ستُصرُّ على عزل المسارَين والجبهتَين؟
ويعمل الجميع تحت ضغط الوقت مع إقتراب بدء شهر رمضان المبارك. فواشنطن تُمسِك العصا من الوسط، فمن جهة تسقط المساعدات الإنسانية في غزة، ومن جهة ثانية ترمي الكرة في ملعب حماس لجهة رفع السقف.
وتوقف المراقبون أمام مضمون “الفيديو” الذي شاهده الملايين أمس والذي يدمي القلب: طفل من غزة يمشي سيرا على قدميه حافيا مسافة اثني عشر كيلو مترا معللا النفس بالحصول على بعض الطحين الذي تلقيه الطائرات ضمن مايسمى بالمساعدات الجوية … لكن الطفل ضل الطريق ولم يحصل على أي شيء يعود به الى عائلته ويسد بعض جوعها.
هي واقعة دامية للوجع في غزة وإدانة دامغة لا تمسح العار عن جبين عالم يسكت أمام ابشع جريمة ترتكب بحق الشعب الفلسطيني … جريمة كان احد فصولها مجزرة الطحين المعجون بالدماء والتي إرتكبها جيش الاحتلال في شارع الرشيد، (وأشرنا إليها سابقا) أما المضحك فهو زعم هذا الجيش ان تحقيقاته أظهرت ان المئة شهيد واكثر الذين سقطوا فيها إنما قضوا نتيجة التدافع للحصول على مواد غذائية!!.
لكن هذه الرواية دحضتها حتى الأمم المتحدة والصحافة الأميركية والغربية المنحازة عادة لإسرائيل.على ان المجازر في القطاع تواصلت امس حيث استشهد اربعة عشر فلسطينيا من عائلة واحدة في قصف معاد لرفح فيما ارتفع الى ثلاثة عشر شهيدا واكثر من خمسين جريحا عدد ضحايا المجزرة التي ارتكبها العدو قرب المشفى الإماراتي في المدينة نفسها. ولوحظ في الساعات الأخيرة تركيز جيش الاحتلال عملياته العدوانية في خان يونس تمهيدا لتقدم قواته البرية على ما قال، لكنه اصطدم بمقاومة قوية اسقطت بعض جنوده في كمين اسفر عن سقوط العديد منهم.
على هذا الإيقاع الملتهب في الميدان كان يفترض ان تستأنف امس في القاهرة المفاوضات الهادفة إلى تحقيق هدنة بحلول شهر رمضان. وفيما وصل وفد حماس الى العاصمة المصرية ذكرت وسائل اعلام عبرية ان اسرائيل لن ترسل اي وفد بعدما تسلمت ردا من حماس لا يتطرق الى مطلبها بالحصول على لائحة كاملة بأسماء الأسرى الاسرائيليين الذين مازالوا أحياء. وهكذا فإن شروط تل أبيب التعجيزية أجهضت المفاوضات علما بأن مصدرا قياديا في حماس اكد انه في حال تجاوبت اسرائيل مع مطالبها يصبح الطريق ممهدا أمام اتفاق خلال الأربع والعشرين او الثماني والأربعين ساعة المقبلة.