منير الربيع – المدن
في مواجهة الدعوات الدولية والداخلية لتطبيق القرار 1701، والذي من الواضح أن حزب الله قد تجاوزه ومن غير الوارد بالنسبة إليه أن يلتزم به، بفعل انعدام موازين القوى.. يبرز ردّ الحزب بقوة على ذلك من خلال استمرار عمليات المواجهة التي يخوضها ضد الجيش الإسرائيلي عند الحدود الجنوبية. ويُضاف إليها ما أعلنته حركة حماس عن تأسيس “طلائع طوفان الأقصى”، مع ما يعنيه ذلك من تجاوز لكل ما له علاقة بالقرارات الدولية، وباتفاق الطائف، وبالدستور، والعودة إلى العام 1969، حينما تمت شرعنة الكفاح الفلسطيني المسلح من جنوب لبنان وفق اتفاق القاهرة الملغي. وهو ما سيفتح البلاد مجدداً أمام “استقطابات” لمقاتلين و”ثوار” و”مناضلين” من الدول المجاورة، للالتحاق بالعمليات العسكرية تحت جنح تلك الطلائع، انطلاقاً من الأراضي اللبنانية.
خلاف مع “الجماعة الإسلامية”
منذ الأيام الأولى لتفاعل الجبهة اللبنانية مع طوفان الأقصى، برز النشاط العسكري الذي قامت به حركة حماس، الجهاد الإسلامي، الجماعة الإسلامية، سرايا المقاومة، في الجنوب. صحيح أن عمليات “الجماعة” تراجعت، وربما حصل انكفاء بناء على بعض الإختلافات في التوجهات بين الحزب والجماعة الإسلامية. تشير مصادر متابعة إلى أن هناك انقساماً في الآراء داخل الجماعة الإسلامية حول العلاقة مع حزب الله. فالأمين العام محمد طقوش على علاقة جيدة بالحزب، أما مسؤولون آخرون كبسام حمود، فلديهم عتب شديد على الحزب، خصوصاً أن نصرالله لم يذكر مشاركة “قوات الفجر” الجناح العسكري التابع للجماعة بالعمليات ضد الإسرائيليين. وتشير المعلومات إلى أن الحزب طلب فيما بعد من حركة حماس عدم السماح للجماعة الإسلامية بتنفيذ عمليات عسكرية في الجنوب. ولذلك لم تعد الجماعة الإسلامية تطلق صواريخ. وحسب المعلومات، فقد برز إشكال بين جزء من الجماعة الإسلامية وجزء من حركة حماس، وقد أخلت حماس مكاتبها في صيدا التي كانت تقع ضمن المبنى الأساسي والكبير للجماعة الإسلامية هناك، فيما تم نقل هذه المكاتب إلى الضاحية الجنوبية لبيروت.
“الساحة” المفتوحة
ولكن في المقابل، يعرف الحزب كيف يستفيد من موقف حماس وقتالها، سواءً كان ذلك في غزة أو في لبنان. فهو بذلك يعمل على استقطاب جزء واسع من الجمهور السنّي المتعاطف مع حركة حماس، ويريد أن يستثمر به لصالحه بما يتعلق بالمقاومة وعملياتها، والحصول على تأييد سني لما يقوم به. هذا الأمر أوصل إلى ما يعرف بتأسيس طلائع طوفان الأقصى من قبل حماس، فيما كان الحزب يعمل على إنشاء مجموعات جديدة تحت عنوان “شباب وحدة الساحات”. يعني ذلك أن الساحة اللبنانية قد أصبحت مفتوحة بشكل كامل أمام العمليات ضد اسرائيل، في تكرار لتجربة المنظمات الفلسطينية قبل الحرب الأهلية وخلالها.
من شأن هذه الخطوة أن تفتح أبواب الانضمام لفلسطينيين ولبنانيين، كما من شأنها أن تستقطب فلسطينيين وشباناً عرباً إلى لبنان، للانضواء تحت راية هذه الطلائع. أما الأهم، فيبقى متعلقاً بإمكانية خروج بعض مقاتلي حماس من قطاع غزة، في حال استكملت اسرائيل عملياتها العسكرية هناك، لدفع الجسم العسكري لحماس إلى المغادرة.. فإن هذه الطلائع يمكن أن تفتح المجال أمام دخول هؤلاء أو عدد منهم إلى لبنان. وبالتالي، تحويله إلى قاعدة انطلاق للعمليات العسكرية والأمنية. وهذا يعني تحويل جنوب لبنان إلى “محور الممانعة لاند”. إذ لن يكون محصوراً بطرف أو حزب أو جهة، وإن بقيت اليد العليا لحزب الله في السيطرة على الوضع وإدارة العمليات.