غادة حلاوي – نداء الوطن
لم يحمل وزير خارجية إيران بالإنابة علي باقري كني جديداً يبلغه إلى المسؤولين في لبنان. في لقاءاته الرسمية اقتصر حديثه على الوضع في غزة والتأكيد على دعم المقاومة فيها وفي جنوب لبنان. حسب معلوماته، إنّ لـ»حماس» في غزة قدرة على الإستمرار في المواجهة أشهراً طويلة بعد، وهي لم تستخدم قوتها كاملة، ولم تستنزف قدراتها العسكرية ولا تزال تملك عنصر المفاجأة. لم يتحدث عن مفاوضات التهدئة ومصير الحرب الإسرائيلية على غزة وفي الجنوب. والمتعارف عليه أنّ المحطة الأهم لوزير خارجية إيران هي زيارته الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله لإجراء مراجعة شاملة وتقييم الوضع من غزة إلى جنوب لبنان ووضع وحدة الساحات. ولن يخرج الوزير كني عن القاعدة، وإن كانت زيارته هي أقرب لزيارة تعارف ومعاودة التنسيق، خصوصاً أنّ الوزير الراحل حسين أمير عبد اللهيان كان يعتزم زيارة لبنان قبل أن يلقى حتفه في حادث المروحية التي كانت تقله والرئيس الايراني ابراهيم رئيسي.
ومن حيث انتهى عبد اللهيان بدأ باقري كني زيارته الأولى للبنان، بالتأكيد على مواصلة إيران سياستها حيال لبنان وعلى العلاقة المتينة مع «حزب الله». وتزامنت الزيارة مع تصعيد على جبهة الجنوب بموازاة الحديث مجدداً عن وقف لإطلاق النار تسعى إليه الولايات المتحدة. وضع بالغ الحساسية من الناحية العسكرية، وقد تلقت إسرائيل ضربات موجعة من «حزب الله» الذي كشف هذا الأسبوع عن مستوى جديد من المواجهة، لذلك قد تسعى إلى تسخين الجبهة أكثر وهي المحرجة إزاء الضغط الأميركي لوقف إطلاق النار والصيغة التي تقدم بها الرئيس الأميركي جو بايدن ووافقت عليها «حماس».
يفرض التصعيد على جبهة الجنوب مزيداً من التنسيق بين «حزب الله» وايران، خصوصاً أنّ مفاوضات التهدئة صارت في حكم الأمر الواقع بصرف النظر عن التوقيت. وتقول مصادر مواكبة إنّ زيارة باقري كني تأتي استكمالاً لمسيرة عبد اللهيان، علماً أنه استبق زيارته بكلمة ألقاها خلال مؤتمر انعقد في طهران ضمّنه برنامج عمله انطلاقاً من دعم المقاومة، معلناً في السياق عن زيارته لبنان وسوريا. ولا يمكن فصل الزيارة عن الاجتماع الذي جمعه على هامش تشييع الرئيس ابراهيم رئيسي بوفدي «حزب الله» و»حماس».
وكني سبق وشغل منصب مساعد وزير الخارجية، وفي عهدته ملفات كثيرة كانت موضع متابعة عبد اللهيان، وهو حضر لتأكيد الاستمرارية في متابعة هذه الملفات، ولتأكيد أنّ سياسة ايران باقية على حالها، وأنّ وزير الخارجية بالوكالة له كامل الصلاحيات التي كان يتمتع بها عبد اللهيان قبل وفاته. والمتعارف عليه في دوائر القرار أنّ كني ناشط وفعال في السلك الخارجي، وسبق أن كلّف بملفات مهمة في العلاقة مع عدد من الدول العربية في المنطقة، وترجح الأوساط المحيطة استمراره كوزير خارجية أصيل بعد انتخابات الرئاسة نهاية الشهر المقبل وتشكيل الحكومة الجديدة، خاصة متى فاز في الانتخابات رئيس من المتشددين.
والوزير بالإنابة نشأ في بيئة دينية متشددة، والده رجل دين وعضو في البرلمان الايراني وعمه رئيس وزراء إيران الأسبق وشقيقه صهر المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي. تتقدم فرضية تولّيه منصبه الحالي بالأصالة وزيارته ستكون البداية للتنسيق من سوريا إلى لبنان على أبواب المفاوضات لوقف النار في غزة وبداية مرحلة جديدة في المنطقة تسبق انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة. زيارة جديدة كرر خلالها دعم بلاده لقوى المقاومة ويعتبرها أساساً للحل في المنطقة. عبارة اختصرت سياسة دولة تتطلع إلى الانفتاح على الولايات المتحدة وتخوض معها مفاوضات، وعينها على علاقات متينة مع دول الخليج وأولاها المملكة السعودية. زيارة أولى لكني سيضع سرّها وجديدها في عهدة الأمين العام، خصوصاً أنّها أعقبت اللقاء الشهير بقوى المقاومة الذي عقد في طهران على هامش تقديم واجب العزاء بوفاة الرئيس رئيسي ووزير الخارجبة عبد اللهيان.