ليلى دندشي
شجب رئيس المجلس الثقافي للبنان الشمالي صفوح منجّد ما حصل في طرابلس وبعض الشمال مساء أمس الخميس، ووصفه بأنه يقزز النفس ويطرح العديد من التساؤلات عن مسببي هذه الأحداث وعن حقيقة دوافعها في هذه الظروف الحياتية والمعيشية الصعبة، لاسيما مع تدهور الأوضاع السياسية وإنسداد الأفق والإمكانيات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الآمال المعقودة على محطات دستورية حكومية ورئاسية يُجمع اللبنانيون على إعتبارها صمام أمان وإنقاذ للبنان واللبنانيين من حالة التفكك والإنهيار التام.
وخاطب منجد مطلقي النار من الاسلحة الحربية تزامنا مع إعلان نتائج ابنائهم في الشهادات الرسمية وتساءل : هل إرتويتم بالمآسي وشعرتم بالغبطة تملأ قلوبكم من جراء المشاهد المؤسفة والمبكية والمؤلمة حتى العظم ،التي حصلت في ساعات المساء الأولى ، حيث إجتمعت الفرحة بالمآسي وإختلط ( الحابل بالنابل)؟ أما كان حريّ بكم أن تستخدموا هذه الأثمان والأموال التي صُرفت ثمنا للرصاص من كافة الأنواع والأجناس في تأمين الغذاء والدواء والكساء لكم ولعائلاتكم مع حلول عيد الأضحى المبارك ومعانيه الإنسانية ؟ أم أن هناك جهات معينة كانت توزع هذا الرصاص مجانا ؟ أما كان الأفضل أن توزعوا هذا المال الذي ذهب هدرا وأرعب الناس، على جيرانكم ومواطنيكم وأبناء حاراتكم الشعبية الذين باتوا ويبيتون دون مأكل ودون دواء وثياب عيد؟.
وتابع: ما حصل ويحصل لا شك أنه ليس وليد الصدفة ، بل هو نتيجة هذا الشعور بالامسؤولية وبإنعدام المشاعر الوطنية الحقّة .وأسارع إلى القول إننا بالتأكيد قد فرحنا ونشارككم فرحتكم بنجاح أبنائكم وبناتكم في الشهادات الرسمية ، وسط كل ما إعتراها من تسهيل في طرح الاسئلة والإشراف عليها وفي عملية التصحيح وما أسفرت عنه من نجاح الشاطر والمتعثّر! بإعتبار أن الأحداث التي مرّت وتمرّ بها البلاد إضافة إلى الكورونا والمآسي الناتجة عن تدهور الأوضاع الحياتية والمعيشية والصحية والتربوية قد أثّرت ولا شك في عدم تمكن جميع الطلاب من إنهاء البرامج التعليمية في مختلف الشهادات.
وإستدرك قائلا: ولكن كل ذلك لا يبرر إطلاق الرصاص من الأسلحة الفردية والرشاشة ولا شيىء يبرر إضاعة وهدر تكاليفها المالية على هذا النحو المريع والمؤلم في حين يعمّ الفقر والبؤس والجوع النسبة الأكبر من سكان المدينة ومناطقها الشعبية الذين لا ماء لديهم ولا كهرباء ولا دواء ولا غذاء ،اما كان من الأفضل تجنّب الأضرار التي وقعت في الممتلكات والسيارات وواجهات الأبنية والمخازن من جراء تساقط الرصاص الطائش وما الحقه من إصابات بالغة في العديد من المصابين الذين تم نقلهم إلى المستشفيات لإجراء العمليات الجراحية لنزع هذه المقذوفات من أجسادهم وسط المخاطر المحدقة بحياتهم.
وتساءل منجد: ألم تشعروا بما تسببتم به من مآسي في الحارات الشعبية التي كانت تغص بالعائلات عشية العيد وهي تحاول جاهدة الحصول على ثياب لأطفالها أو غذاء لتعدّه في اليوم الأول من ايام العيد؟ ألم تسمعوا عويل النساء وصراخ الرجال والأطفال الذين تفرقوا على غير هدى في الأزقة والشوارع الضيقة التي إندلع فيها أزيز الرصاص وفرّق بين افراد الأسرة الواحدة ؟ حيث أمضى العديد من السكان وأبناء المنطقة الوقت الطويل في التفتيش عن أطفالهم وسط ذلك الجحيم؟ في حين عمد التجار إلى إغلاق دكاكينهم ومتاجرهم بسرعة وهم الذين كانوا يتحضرون لسهرة طويلة عشية العيد حيث يقصد سكان المدينة هذه الأسواق للتبضع .
وأعرب منجد عن قلقه وأسفه لتزامن هذه الممارسات مع إشتباكات بكافة الأسلحة الحربية في عدد من الأحياء الشعبية في المدينة مع تسجيل إنتشار المظاهر المسلحة في بعض المناطق الشعبية والأسواق الداخلية التي كانت مسرحا للأحداث الدامية في الفترات السابقة في المدينة وترافق كل ذلك مع حصول مواجهات عائلية في بعض قرى عكار مما يستدعي طرح أكثر من سؤال عن طبيعة وتزامن هذه الأحدات والإشتباكات المسلحة وأهدافها في هذه الظروف السياسية الضاغطة والقائمة في البلد!