منير الربيع – المدن
تتشعب الاختلافات والتباينات بين الدول المهتمة بلبنان. فعلى الرغم من التحركات الخماسية، إلا أن التمايز في الآراء يبقى قائماً، ويصل إلى حدود التنافس على الدور والرؤية والمصلحة.
مؤتمر دعم الجيش
تهدف الاجتماعات الخماسية إلى توحيد الرؤى والمواقف لدى الدول الخمس. ولكن على الرغم من هذا الإصرار إلا أن تسريبات كثيرة تشير إلى استمرار الاختلافات. الأمر الذي يدفع بعض الديبلوماسيين الغربيين إلى اعتبار عمل اللجنة الخماسية لن يؤدي إلى نتيجة، وسيكون المسار محكوماً بالفشل بسبب تضارب في وجهات النظر. ولم تقتصر الاختلافات على عمل اللجنة الخماسية، بل وصلت إلى حدود تأجيل المؤتمر الذي كانت فرنسا تنوي عقده لدعم الجيش اللبناني في السابع والعشرين من الشهر الجاري.
لدى التحضير والإعداد لهذا المؤتمر، سرت معلومات تفيد بأن باريس قد حصلت على ضوء أخضر أميركي لعقده، والعمل على جمع أكبر قدر ممكن من المبالغ المالية لتعزيز دور الجيش وتطويع المزيد من العناصر وإرسال فرق إلى الجنوب لمواكبة تطبيق القرار 1701. أجرى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اتصالاً بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وقدر حضر الملف اللبناني وملف دعم الجيش في الاتصال. كما أن ماكرون كان قد طلب إجراء اتصال بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، فيما سيكون هناك زيارة “دولة” لأمير قطر إلى باريس، خصوصاً أن الأميركيين والفرنسيين وغيرهم يراهنون على دور قطري متقدم في مسألة رعاية الجيش ودعمه. وهذا المسار في الأساس كانت قطر قد افتتحته منذ سنوات من خلال مساعداتها المقدمة للجيش وللقوى الأمنية ولغيرها من المؤسسات في لبنان.
تضارب في الرؤى
سريعاً جرى تبديد موعد انعقاد المؤتمر، على قاعدة تأجيله وليس إلغاءه. في هذا السياق، تقول مصادر متابعة إن التأجيل جاء بسبب تضارب في الرؤى الأميركية والفرنسية. وهناك من يشير إلى اعتراض أميركي على التحرك الفرنسي، سواءً ضمن عمل اللجنة الخماسية، أو في الاعتراض على الورقة التي سلمتها باريس للبنان حول تسوية الوضع في الجنوب.
تلك الورقة والتي أصبحت معروفة المضمون، ظن كثيرون بأنها منسقة مع الأميركيين، لا سيما أن المبعوث الأميركي آموس هوكتشاين كان قد زار باريس قبل فترة، والتقى فيها مسؤولين عن الملف اللبناني، بالإضافة إلى لقائه بمسؤولين من شركة توتال. لكن ما يظهر في الكواليس أن هوكشتاين يخط مساره لوحده، وهو لا يشرك به أحد، لا الفرنسيين ولا غيرهم.. حتى داخل الإدارة الأميركية.
هناك من يعتبر أن أي حل سيكون أميركياً، سواءً في الرئاسة أو في تسوية الوضع في الجنوب. مع إشارات إلى الرفض الأميركي لمحاولات الاستعجال أو الاستباق الفرنسية. وهنا تقول مصادر متابعة، إن أميركا على قناعة بأن لا حل في الجنوب قبل الوصول إلى حلّ في غزة. وبالتالي، من المبكر الحديث عن صيغ ومقترحات لتطبيق القرار 1701.
هنا يبرز الاختلاف الفرنسي. إذ يعتبر الفرنسيون أن هوكشتاين يعتمد استراتيجية ترك التوتر يبلغ مداه، وبعدها يمكن إنتاج الحلّ على الحامي لا على البارد. في المقابل، فإن الفرنسيين يعتبرون أن هذه الاستراتيجية تنطوي على مخاطر كبرى يمكن بموجبها أن يتوسع نطاق الحرب، وفي هذا السياق أبلغ الفرنسيون اللبنانيين بأنه لا يمكنهم انتظار مسار هوكشتاين المرتبط بالمسار الإسرائيلي، والذي سيكون هدفه تحقيق مصالح إسرائيل بخلاف فرنسا التي يمكنها أن تكون متوازنة.
يحاول الفرنسيون تمرير رسالة اعتراضية للبنانيين، الذين يراهنون على هوكشتاين، بأن أي صيغة حل مطروحة من قبله ستكون على حسابهم ولن تكون في صالحهم.