جاء في “المركزية”:
أكثر من رواية تُصاغ يومياً عن عمليات التهريب التي تحصل عبر المعابر غير الشرعية. سيارات “مفيّمة” من دون لوحات وُضِعت لخدمة التهريب وتسهيل مرور المهربين بين سوريا ولبنان. صور موثّقة عن أشخاص يعبرون الحدود اللبنانية السورية من دون التوقف على حاجز أمني أو عسكري، وشهادات لأهالي وأبناء بلدة الهرمل تروي معاناتهم وهم يشاهدون الصهاريج المحملة بالبنزين والمازوت والغاز تعبر الحدود، فيما هم يقفون بالطوابير أمام المحطات لتعبئة صفيحة بنزين أو غالون مازوت وغالبا ما يعودون إما بقنينة بنزين أو سيرا على الأقدام. إنها قصة إبريق زيت التهريب غير الشرعي بين لبنان وسوريا.
رسمياً هناك خمسة معابر برية تفصل بين الحدود اللبنانية – السورية و124 معبراً غير شرعي، تتم عبرها عمليات تهريب واسعة. الاكيد أن الجهات الأمنية كافة والسياسية وقوى الأمر الواقع على الأرض وأبناء العشائر وكتلة نواب حزب الله و….”كلن يعني كلن على علم بوجود هذه المعابر”
مصادر عليمة بملف التهريب عبر الحدود غير الشرعية في المنطقة كشفت عبر “المركزية” أن قبل اندلاع الحرب السورية في آذار 2011 كانت عمليات التهريب تحصل من الداخل السوري إلى لبنان. بعد هذا التاريخ انقلبت المعادلة “وبدأ العمل على خط لبنان – سوريا حيث تشمل مواد مدعومة، محروقات، مخدرات، وأشخاصا بطبيعة الحال. وبالنسبة للحماية كشف أهالي من منطقة بعلبك أن حزب الله يهيمن بشكل تام من الجانب اللبناني وعلى جميع القرى والبلدات التي لديها منافذ على سوريا” وتلفت إلى “أن المهرب لا يهتم بهوية المسافر أو ظروفه سواء كان مطلوباً “للعسكرية” أو لا، فالهدف من وراء كل عملية تهريب المال وليس سواه”.
قصة التهريب عبر الحدود غير الشرعية ليست جديدة ” لكنها اليوم وصلت إلى الذروة حيث تتخطى في بعض الأيام نسبة 90 في المئة بعدما كانت لا تتجاوز الـ10 أو 20 في المئة”. وتكشف المصادر لـ”المركزية” “أن منذ حوالى الأسبوعين استفحلت مسالة التهريب بشكل لافت، فكميات المازوت والبنزين التي تصل من بيروت وطرابلس تعبر كل النقاط الأمنية لتصل إلى الهرمل. ومجرد وصولها إلى هنا تبدأ عملية التفريغ للمحطات بكميات محدودة جدا لا تكفي ليوم واحد، ويتم تهريب الباقي عبر تجار سوريين ولبنانيين إلى سوريا”.
نقاط التفتيش التابعة للجيش اللبناني تقوم بواجبها تقول المصادر “لكن حنكة المهربين تُسقط هيبة الأمن. فمجرد أن يبتعد سائق الصهريج مسافة 50 أو 100 متر، ينعطف نحو طريق فرعي ويكمل السير وصولا نحو الحدود”. وتكشف المصادر عن الدور النافذ الذي يتخطى سلطة الأحزاب على الأرض ” في النهاية الشعب من الحزب ولا يمكن لنوابه أو كوادره العسكرية أن يمونوا على المهربين أو أن يردعوا قوافل المهربين من اجتياز الحدود. وإذا ما حاول الحزب أن يحل مكان القوى الأمنية يواجه من قبل أبناء العشائر…بالنهاية هون مجتمع عشائري”.
صحيح أن صرخة أبناء الهرمل وبعلبك وصلت إلى آذان نواب حزب الله وحتى القوى الأمنية “بس ما بيقدروا يعملوا شي. كلو بيتوقف ع المسؤول المناوب”. وبحسب معلومات متوافرة فإن أصحاب المحطات يعمدون إلى بيع الكميات التي تصلهم إلى التجار المهربين ويقبضون ثمنها بالعملة الصعبة وهذا ما يفسر شح مادة المحروقات علما أن الكميات التي تصل من بيروت وطرابلس تكفي لمدة أسبوع لكل محطة.
لا تخفي المصادر الدور المهم الذي تؤديه العناصر الامنية على الحواجز في توقيف مهربين “بس مش عم بيتوقف إلا إبن الجمل. والرأس المدبر عم يسرح ويمرح من دون حسيب أو رقيب. وتختم: “أبناء العشائر يطالبون القوى الأمنية بفرض هيبتها على الأرض لأن المستفيد واحد بينما المتضررون بالألاف. لكن الواضح أن عمليات التهريب ستستمر لأن الرؤوس الكبيرة من قلب الدولة وأجهزتها الأمنية. وإذا ما أرادت الدولة أن تحسمها فهي قادرة في أقل من 48 ساعة. لكن لا توجد نية ولا قرار بالحسم والتهريب ماشي على عينك يا دولة”.