نعت “الهيئة الوطنية لوهب وزرع الأعضاء في لبنان” البروفسور انطوان اسطفان “الطبيب – الإنسان، الذي فارقنا منذ ايام و الذي يقول عنه الجميع إنه شخصية فريدة لا تتكرّر”.
وقالت في بيان:”لقد عمل يومًا بيوم طوال 54 سنة في خدمة المريض وصحّة المجتمع، من دون أي تمييز بين الناس وبعيدا من الرغبة بالمناصب والماديات، بتواضع وحِكمة وهدوء ومحبّة وتفان، كونها خدمة الإنسان كما كان يردّد. نشأ في عائلة أحبّت العِلم، واحترفت الطب ببراعة، من جدّيه لوالدته إلى والده الراحل الدكتور جورج اسطفان أحد أوائل الأطباء الموقّرين في زمانه في لبنان.كانت لتربيته في عائلة مُحبَّة للإيمان وفعل الخير الأثر الكبير في حياته وسلوكه، فالتزم العيش بضمير ونكران الذات في سبيل الآخر، هو المعروف بالتزامه جوهر الأمور بالأفعال لا بالمظاهر”.
تابعت:”هكذا عاش الصدق والبساطة، وخصوصا تحمُّل المسؤولية، وكان يردّد أسفه واعتذاره عن أي أمر يمكن أن يكون قد جرح فيه أحدهم أو أساء إلى أيّ فردٍ من محيطه وعائلته وزملائه ومعارفه متمنيًا الإلفة والتسامح للجميع. جسّد الدكتور اسطفان الروح المواطنية، بعيدا من انقسامات هذا البلد بكلّ أصنافها، فلم يعرف يومًا التمييز والتفرقة والطائفية، وعمل بصدق وسعادة وتعاون مع كلّ لبنان وبقي دومًا على قناعته برفض العنف والحروب”.
اضافت:”تتلمذ على يد البروفسور أنطوان اسطفان المئات من الأطباء، من ثلاثة أجيال،في الجامعة اليسوعية والجامعة اللبنانية والجامعة اللبنانية الأميركية. وقد برع طبيبًا لامعًا في العِلم كما في التعامل الإنساني والمهني.كان من الروّاد في مجاله الطبي والمهني،حيث افتتح مراكز غسيل كلى في مستشفيات عدة في لبنان، بين عامي 1970 و1984، تلك الفترة الاستثنائية في تاريخ لبنان. وخلال الحرب الأهلية، كان يؤمِّن بنفسه المستلزمات الطبية لمرضى غسيل الكلى، غير آبه بتعرّضه للخطر واجتياز خطوط التماس.أسّس أول مركز متكامل لأمراض الكلى وزرع الكلى في لبنان والعالم العربي سنة 1985 في مستشفى رزق في العاصمة بيروت، وأداره مع مجموعة من الأطباء.يُعتبر من الرواد في قضية وهب الأعضاء في لبنان والشرق الأوسط. وكان رئيسًا لجمعية الشرق الأوسط لزراعة الأعضاء.وضع أسُس البرنامج الوطني لوهب وزرع الأعضاء في لبنان، من خلال ترؤسِه للهيئة الوطنية لوهب وزرع الأعضاء والأنسجة NOD-LB منذ سنة 2009، وحيث تمّ تأمين معالجة مئات المرضى بفضل هذا البرنامج. كانت له إسهامات مميزة في رفع اسم لبنان ووضعه على خارطة البلدان العالمية ضمن إنجاز معاهدات تعاون مع منظمات عالمية عديدة في مجال وهب وزرع الأعضاء وبالأخص في أوروبا.وكان عضوا فاعلا في منظمات عالمية عدة، في الشرق الأوسط وأوروبا وأميركا، وشارك في محاضرات ومقالات في المؤتمرات العالمية والإقليمية”.
وقالت:”ترأس دورات تدريبية علمية لمنسّقي وهب وزراعة الأعضاء لكلّ منطقة الشرق الأوسط على مدار 15عاما، تدرّب فيها أكثر من 750 ممرّضة وممرّض و250 طبيبة وطبيب.له أكثر من 80 منشورة طبية وعالمية في علوم أمراض الكلى ووهب وزرع الأعضاء والأنسجة.
وكما تقول المنسقة العامة في الهيئة فريدة يونان، التي مشت هذه الدرب الريادية لأكثر من أربعة عقود مع البروفسور اسطفان: رحل المعلم والأب والأخ، رحل الطبيب الذي لا يتكرر، الإنسان صاحب القلب الكبير الصادق والشفاف مع ذاته ومع الآخرين، الملتزم بالقيم والآداب والأخلاق، الذي لم يضجر رغم ما أثقلته عليه الأيام، الذي بقي مثابرًا دون كلل يجيب المرضى على الهاتف لخدمتهم وهو في العناية الفائقة ولا يقول إنه مُتعَب، والذي بقي واعيًا مفكرا حتّى آخر رمق، رحل تاركًا لنا إرثًا كبيرا من العِلم والتجربة والروح الإنسانية، قدوة لأجيال…”.
ختمت:”نعزي نفسنا بفقدان ركن عائلتنا الصغيرة والكبيرة، وزارة الصحة العامة، نقابة أطباء لبنان في بيروت، المركز الطبي للجامعة اللبنانية الأميركية – مستشفى رزق، أطباء لبنان والمؤسّسات الطبية والاستشفائية، جمعية الشرق الأوسط لزراعة الأعضاء، وسائر الهيئات والجامعات والمؤسّسات التي كان فيها الراحل مؤسّسا فاعلا أو عضوًا كريمًا أو صديقًا مُفضِلا ومكرَّمًا، نعزّي لبنان بفقدانه عَلمًا من أعلامه الكِرام”.