الهجرة غير الشرعية على طاولة البحث
وجمعية أقوى فوندايشن تنظم ندوة بعنوان “بين الواقع المرير وبؤس المصير”
تحت عنوان ” بين الواقع المرير وبؤس المصير ” نظمت جمعية أقوى فوندايشن ندوة تفاعلية حول مخاطر الهجرة غير الشرعية وذلك في مركز الصفدي الثقافي في منطقة الضم والفرز، وكان قد سبق الندوة مأدبة غداء أقامتها رئيسة الجمعية السيدة رولا فاضل على شرف الإعلاميين والاعلاميات ورئيسات الجمعيات الأهلية وذلك في مطعم الحج علي.
الندوة أتت بحضور وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي ، وزير الإعلام زياد المكاري والنواب اشرف ريفي، أديب عبد المسيح وجميل عبود وحشد من الفاعليات الإقتصادية والثقافية والاجتماعية في طرابلس اضافة الى وجوه إعلامية من بيروت .
بداية النشيد الوطني اللبناني ثم كلمة ترحيبية للاعلامي داني حداد الذي قال:” نعيش المرارة وقد يكون الأمر في لبنان قدرا، إلا أن بؤس المصير يحتاج الى إجراءات وتدابير لا الى إستسلام وتقاعس، وليس صدفة أن يكون لقاء اليوم في طرابلس هذه المدينة والتي تحول برها الى حزام بؤس وبحرها الى موج من المآسي، ففي هذه الندوة سنبحر شرعيا مع كلمات ومداخلات تحبط بموضوع الهجرة الغير شرعية من مختلف جوانبها، ولنا بين الحضور أصحاب معالي وسعادة ورجال دين وممثلين عن هيئات المجتمع المدني وضباط ووجهاء وأساتذة وزملاء”.
فاضل
رئيسة منظمة “أقوى فوندايشن” رولا فاضل كانت لها كلمة جاء فيها:” بإسمي أرحب بالجميع وبكل من جاء من خارج طرابلس، أرحب لكن في هذه المدينة التي ولدت وترعرعت بها ، طرابلس الجميلة والتي يقال إنها الأفقر على حوض البحر المتوسط بسبب التهميش والحرمان ، لكن هي الأهم بتاريخها وشعبها وتراثها وضيافتها، هذه المدينة تستحق وقوفنا الى جانبها ، كما يجب تضافر كل الجهود من الشخصيات والأفراد والجمعيات والمنظمات والاعلاميين والمسؤولين بهدف تقديم الدعم الذي عجزت الدولة اللبنانية عن تقديمه”.
وتابعت:” لقد تحولت الهجرة الغير شرعية الى آفة خطيرة وكارثة حقيقية تهدد مستقبل شبابنا، حيث بات الحلم الأوروبي هاجسهم من دون الأخذ بعين الإعتبار تجارب الغير ممن سبقهم الى هذا الحلم، للأسف تجاربهم كانت محفوفة بالمخاطر والمآسي والحزن ، والكل يعلم أنه ليس بهذه البساطة يغدو الحلم الأوروبي ورديا ، هذه القضية الإنسانية تتطلب حلول ومعالجات على عدة مستويات ، أقوى فوندايشن بدأت كمبادرة لتأهيل الخبرات البشرية وتطوير الإمكانيات ونشر التوعية حول العديد من المواضيع الوطنية ومنظومة الحقوق والواجبات وغيرها، وبالتالي فإن موضوع الهجرة الغير نظامية يعد من صلب أولوياتنا كجمعية ، لذا نتمنى اليوم من خلال هذه الندوة التي يشارك بها عدد كبير من المهتمين، الاضاءة على هذه الكارثة الإنسانية ونتكاتف في سبيل نشر الوعي لمخاطرها ، لأن من يحلم بالفردوس الأوروبي يتحول حلمه الى كابوس خطير عبر مراكب الموت، أو يتحول للعودة التي تحمل المآسي والحزن”.
الصحافي بشارة
الصحافي أسعد بشارة وفي كلمته قال:” اهالي ضحايا مركب طرابلس الوزراء والنواب الحضور الكريم، الجمرة لا تكوي الا مكانها صحيح، لكن نحن يا من أصبتم بهذه الفاجعة أتينا لكي نقف الى جانبكم لبلسمة جراحكم، ولن نكتفي بذلك بل سنسعى الى وضع تصور ونتعاون كي لا تتكرر هذه الكارثة، منذ اللحظة الأولى التي قررت فيها منصة ” جسور” الإعلامية التي تشرف عليها السيدة رولا فاضل ابنة طرابلس، أن تقوم بهذا الفيلم الوثائقي كان الهدف الإضاءة على هذه القضية ورسم التصورات للمستقبل، لكن إسمحوا لي الحديث عن تجربة شخصية عشتها في طرابلس مع أهالي الضحايا ” أم هاشم، ابو هاشم ابراهيم الجندي القدور وكل قصة ، باتت الأولوية بمنع تكرار هذه الكارثة، أعتقد هي مسؤوليتنا جميعا كي لا يتكرر ” الهروب الى الأعماق “, أن لا يتكرر مشهد الغرق، لقد أخذنا بهذا الوثائقي تجربة العائلات ومن فر في البحر ونجح في الوصول إلى المنافي، وكما قالت السيدة رولا هناك ليس أرض الميعاد ولا الجنة ، هناك أيضا العذاب وبالتالي سأترك لهذا الفيلم الوثائقي أن يخبر هذه المشاهد وما عشته لن أنساه طوال حياتي ، الجمرة يا أم هاشم لا تكوي الا صاحبها لكن كان لي شرف مشاركتكم ببعض الآلام التي عشتوها ونأمل أن تكون قصيرة كي نتمكن من وضع البلد في مكان لا يسمح فيه لأبنائه بهجرة محفوفة بالمخاطر تكون نتيجتها شهداء في الأعماق “.
فيلم وثائقي
ثم كان عرضا لفيلم وثائقي بعنوان”: الهروب الى الأعماق ” والذي تناول روايات لعائلات فقدت أبنائها في البحر وما زالت تبحث بحرقة عن جثثهم، كما وقصص لناس تم إنقاذهم وناس وصلوا الى دول أوروبية لكن اعتبروا بأن أحلامهم ليست كما تمنوها بل هم قدموا النصائح بعدم المخاطرة لأنه ما من شيء يستحق هذه المجازفة “.
السفير الهولندي
ثم كانت كلمة للسفير الهولندي في لبنان
الاعلامي تقي الدين
تلتها كلمة نقابة المحررين ألقاها عضو مجلس النقابة الصحافي صلاح تقي الدين الذي قال:” الواقع مرير لكن الأمر عدم الإقرار به يجب أن لا نحذو حذو النعامة وندفن الرأس في الرمال، ونعتبر أن كل شيء على ما يرام وكأن الدنيا بألف خير إذا لم تصل حمم براكينها الينا، وشرارة حرائقها وكأن جهنم بعيدة عنا، واقعنا مر وهو ينذر بمصير بائس لأننا في عالم لا ثالث فيه الا المتحور، الضعيف فيه فريسة القوي والذي لا يستوقفه في طغيانه لا رادع أخلافي ولا وازع من ضمير، ولبنان في واقعه المر يستبد فيه الجلاد ويترك كل شيء متعثرا عاجزا عن النهوض وكأنه استسلم لجلجلته بإنتظار أن يصلب لكن دون رجاء القيامة، كل ما فيه مدمر انسانه طاقاته مؤسساته وحتى الأمل في الحياة بات عرفت.ان الهجرة غير الشرعية واحدة من أخطر أزمات العصر لأنها نتيجة أوضاع اقتصادية اجتماعية واضطهادات سياسية في البلدان التي ينزح عنها المهاجرون سعيا لبناء حياة جديدة في بلدان توفر لهم الأمن والحرية والرخاء وتبعد عنهم شبح القهر والفقر المقدع، ولما كانت المسالك المؤدية الى تلك البلدان موصدة في وجوههم يتوسلون السبل غير الشرعية لبلوغها والتسلل اليها وفرض أمر واقع على حكوماتها التي غالبا ما تكون مضطرة الى الإذعان والقبول بهم كنازحين ومن ثم كمواطنين بعد دمجهم في المجتمعات وما يزيد الأمر حرجا هو تعرض مراكب الهجرة الى حوادث غرق تقضي على أعداد منهم، أو القوافل التي تستخدم طرق البر الى عوامل طبيعية أو أحداث تهلك بعضهم، وهذه الأزمة معقدة وتستلزم معالجة عميقة من خلال مساعدة البلدان الأكثر فقرا على السير في التنمية وتوفير فرص العمل وتعزيز آليات التحول الديمقراطي والاصلاحي فيها، على أننا في لبنان نعاني من أزمة النزوح السوري الذي لا يلقى الاهتمام المطلوب من المجتمع الدولي سيما الغرب، لأنه لا قدرة لبلدنا الذي فتح حدوده أمام الأشقاء السوريين الذين تدفقوا إليه أثناء الحرب على الاستمرار في هذه السياسات بعدما أصبحوا يشكلون أكثر من ثلث سكان البلاد الاصليين من دون احتساب عدد اللاجئين الفلسطينيين، وبدلا من مساعدة هؤلاء على العودة الطوعية والآمنة الى مناطقهم نرى المجتمع الدولي يرغمنا على قبولهم في ارضنا ودمجهم في المجتمع اللبناني بالتركيبة الديمغراغية الحساسة مما يستوجب مقاربة مختلفة في ملف النزوح الى لبنان ، ولأن مواردنا محدودة ومحنتنا الإقتصادية تفوق قدرتنا على الاحتكار بلغت نسبة هجرة أبنائه مرتفعة بطريقة غير مسبوقة في التاريخ الحديث، فإن بلدنا سيظل ممرا للهجرة غير الشرعيةمع ما يترتب عليها من أخطار محدقة “.
الوزير المكاري
وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري كانت له كلمة قال فيها:”لطالما كانت الهجرة مرة ومكلفة فكيف وهي غير شرعية ؟؟؟ أن نهاجر يعني ببساطة أن نخرج من أرض الى أرض، بحثا عن لقمة عيش لا نجدها في وطننا، أما أن نختار درب الهجرة غير الشرعية فهو أن نغادر دائرة الأمان الى دائرة المجازفة في الحياة نفسها التي نظن أننا نحلم بها، إذا بات العيش في لبنان مأزوما بل مستحيلا فإن الموت في قعر البحر ليس حلا!!! أقول هذا وعداد الهجرة غير الشرعية شغال ، اذ تم توثيق ما لا يقل عن 155 محاولة هجرة غير شرعية خلال الربع الثالث من العام 2022 شارك فيها 4637 مهاجرا وأدت الى وفاة 214 شخصا على الأقل، و 225 مفقودا، أمام هذه الأرقام يتنازعنا شعورين حزن على وطن بلغ به الوهن حدا جعله يرى المواطنين سكانا يهربون الى الموت المحتم لقلة الحياة في أرضهم، وأسف على مهاجرين لا يعون فظاعة ما يفعلون مع عائلاتهم او لعلهم آثروا الموت مرة على الوجع كل يوم في شغف العيش ، المشهدان مؤلمان وغير مبررين، فإذا كانت الدولة تعاني ما تعانيه من داء يفتك بمفاصلها، فعل يكون القفز في مراكب الموت ترياقا؟؟!!! أمام لا وعي يردع أبا عن صوت عائلته الى حتفها، أيعقل أن نصطدم بالموت ونحن في طريقنا للبحث عن حياة؟؟؟ لا لشيء الا لعدم إدراكنا هول ما نرتكب، آلاف المهاجرين غير الشرعيين ومئات الضحايا ولا من يرتدع، ولعل المفارقة في هذا المشهد المظلم أن المهاجر غير الشرعي يكون هو نفسه الضحية مرتين ، مرة عندما يبتزه تجار الموت والأزمات فيقبضون جنى عمره ، ومرة عندما يقبض عليه الموت في عرض البحر ، اننا في صدد مشهدية مثلثة الأضلع أزمة إقتصادية خانقة غير مسبوقة تدفع البعض الى الانتحار طوعا، وإعلام يسعى جاهدا الى التوعية على أخطار هذه الهجرة ، والتنبيه الى الوقوع في شرك العصابات ، صحيح أن الهجرة غير الشرعية باتت ظاهرة معممة في بلدان كثيرة ويكاد لا يمر يوما من دون حوادث وضحايا، ان للإعلام دورا محوريا بالغ الأهمية في الحد من هذه الظاهرة الآفة من منابعها ويوثق حالات الفقر قبل انتشاره ويكثف حملات التوعية والارشاد على مخاطر سلوك طريق البحر هربا ويلاحق عصابات الإستغلال ويضعها تحت المجهر من خلال الصحافة الاستقصائية الهادفة الى اقتفاء أثر كل مجرم تسول له نفسه سرقة الباحثين عن فرصة للنجاة، نحن إذا أمام مسؤولية مشتركة تقتضي أن يتعقل المتعجلون الى ركوب البحر عشوائيا وأن يشغل الإعلام كل محركاته للتوعية وكشف أوكار عصابات الموت وتعريتها أمام المجتمع والأمن والقضاء “.
الوزير مولوي
وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال القاضي بسام مولوي قال:” نحن في الوزارة وبالرغم من الظروف الصعبة نسعى الى توفير الأمن والأمان كما ونسعى الى التأكيد على الايمان والذي يمنع المواطن الطرابلسي الموجوع من التوجه الى المصير البائس بهدف تغيير واقعه المرير، مؤخرا تمكنت الأجهزة الأمنية ليلة رأس السنة من اعادة قارب يقل مهاجرين الى الشاطئ بخير وسلام، ليس هناك جنة موعودة في الخارج، وليس سرا ان أقول بأن من يصل الى اوروبا لا يجد المعاملة الجيدة واللجوء غير سعيد وما من فرص عمل ولا تغطية صحية “.
وتابع:” من الناحية الشرعية اي عمل يغلب عليه الهلاك على النجاة يكون محرم، من الناحية الوطنية أي هروب من المسؤولية هو جريمة ، ففي السياسة اقول لماذا لا يلجأ المواطن اللبناني الى كل ما هو شرعي؟؟؟ لماذا يختار البناء غير الشرعي؟؟!! لماذا يهاجر بطريقة غير شرعية؟؟ لماذا لا يضع يده مع الدولة في ظروفها الصعبة ويساهم في بناء الدولة التي يحلم بها، طرابلس موجوعة وهي ليست غريبة عن لبنان ، رجالات الاستقلال عملوا على اغناء طرابلس وهم أبنائها”.
وأضاف:” علينا أن ننظر بايمان لطاقاتنا بهدف مساعدة البلد، والمبالغ التي يضعها المواطن للهجرة فليستغلها في بلده ، علينا ان نضع نصب أعيننا ان انماء الاقتصاد لا يتم الا من خلال المبادرات الفردية وكذلك المجتمع ، الدولة ظروفها صعبة انما هذا لا يدفع القطاع الخاص للإبتعاد عن الدولة “.
جلسة حوارية وشهادات حية
ثم كانت جلسة حوارية أدارها الاعلامي داني حداد تحدث فيها كل من رئيسة إتحاد قيادات المرأة العربية فرع لبنان أكينة سر لجنة المرأة باتحاد المحامين العرب المحامية سهير مرشد درباس، الدكتور محي الدين الشحيمي خبير قانوني في المفوضية الأزروبية، محمد شمس الدين الحليب والباحث في الدولية للمعلومات، الحقوقي محمد صبلوح ، يوسف دياب الصحافي والمتخصص في الشؤون القضائية حيث تطرقوا الى تاريخ وحجم وأسباب الهجرة غير الشرعية وتداعياتها وطرح الحلول الممكنة، إضافة الى الثغرات القانونية وتطوير النصوص مع جمع بعض المواد القانونية في قانون موحد لتجريم المهاجرين غير الشرعيين ، الاستنسابية في تطبيق القانون ، التحديات التي تواجه الضابطة العدلية وغياب الدولة وتورط مسؤولين في حماية عصابات التعريف.
ثم كانت فقرة لعرض مقتطفات من فيلم ” طرابلس 06″ الذي يعالج ظاهرة الهجرة غير الشرعية وكانت مداخلة للمنتج نبيل الرفاعي.
ثم كانت مداخلة للناشطة الاجتماعية مهى الأتاسي حول تأثير الفقر وغياب التنمية وصعوبة اللجوء السوري في لبنان وتأثيره على تفاقم الهجرة.
تلتها شهادات من أحد أقارب الضحايا وناج من أحد القوارب وقد حاورهما الاعلامي داني حداد والناشطة مهى الأتاسي.
التوصيات
وفي الختام ألقت رئيسة جمعية أقوى فوندايشن رولا فاضل التوصيات والتي تلخصت بالتالي:” اولا اطلاق حملة توعية تتولى القيام بها جمعية أقوى بالتعاون مع منصة جسور الإعلامية وبرعاية من وزارة الإعلام وتشارك مع اعلاميي الوسائل المرئية والمسموعة والمقروءة ووسائل التواصل بهدف الحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية والتنبيه من مخاطرها وذلك عبر تنظيم سلسلة برامج تلفزيونية وندوات في المناطق وعبر التواصل المباشر مع الشرائح الإجتماعية لوقف هذه الظاهرة، ثانيا إعداد مشروع قانون لتجريم كل من يشارك او يتدخل او يساعد على تنظيم رحلات الهجرة غير الشرعية والغاء أي استثناء في القانون يسمح بإستمرار القيام بهذه الأعمال من دون عقلي وهنا نتمنى على النواب تبني هذه الفقرة، ثالثا إعداد مشروع قانون بفرض ضرائب على العمالة الأجنبية في لبنان وتسجيل عائد هذه الضرائب لصندوق مستقل يخصص للمساعدات الاجتماعية ولإعانة العائلات المحتاجة، رابعا إجراء مسح للمناطق التي تشهد النسبة الأكبر من الهجرة غير الشرعية وتشكيل هيئة مختصة من جمعيات المجتمع المدني للتواصل مع هذه العائلات ومساعدتها وتشجيعها على رفض الهجرة غير الشرعية والتوعية على مخاطرها”.