كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
قبيل كلمة المرشح سليمان فرنجية بدقائق خرج مجلس التعاون الخليجي في بيان يؤكد على «إنتخاب رئيس في لبنان ضمن المهل الدستورية وضمان عدم تحوّله منطلقاً للإرهاب أو تهريب المخدرات، والأنشطة الإجرامية الأخرى التي تهدد أمن واستقرار المنطقة»، مشدداً على «أهمية بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الأراضي اللبنانية»، وهو ما فهم ضمناً بمثابة دعم للجيش ورفض لسلاح «حزب الله» ولمرشحه الرئاسي.
وبفارق دقائق عن البيان خرج فرنجية ببيان ترشيح مسهب شرح من خلاله تفاصيل المباحثات التي سبق وجرت بخصوص ترشيحه وموقف فرنسا، وشن هجوماً قاسياً على خصومه من «القوات» الى «التيار الوطني» والكتائب فقدم جردة حساب بحقهم متعهداً السير «بالإصلاحات وباتفاق الطائف وبمبدأ «اللامركزية الإدارية».
في قراءة أولية لمصادر سياسية معنية بالملف الرئاسي أنّه يمكن تلمس تراجع لفرنجية ليس قريباً ولكن متى وجد «حزب الله» مرشحاً مرضيّاً عنه ما يمكن اعتباره بمثابة فتح باب أمام «حزب الله» ليخرج من التزاماته. قدم فرنجية أوراق اعتماد للغرب بخصوص حاكم المركزي وللسعودية بقبول نواف سلام لرئاسة الحكومة. وتقدم بمطالعته متحدثاً ايضاً عن صعوبة انتخاب رئيس في ظل الأجواء السائدة.
سواء بموقف مجلس التعاون أو بحديث فرنجية وبرنامجه الإنتخابي للداخل والخارج معاً، فإنّ الموقف لا يزال ضبابياً بحيث لم يسعف المترددين في حسم الموقف من المرشحين للرئاسة عشية انعقاد جلسة الإنتخاب بعد غد الأربعاء.
في أجواء مشحونة بالتوتر يتحضر النواب لجلسة الإنتخاب الرئاسية. والتزاماً بالتعميم خفّف نواب المعارضة تحركاتهم ولاذت غالبيتهم بالصمت. على جبهة «التيار»- «حزب الله» لم يكن الوضع أقل توتراَ، وقد شهر «حزب الله» عدة المواجهة للحليف السابق ولم ييأس بعد من محاولة احداث خرق في صفوف نواب «تكتل لبنان القوي» وحث بعضهم على الخروج على الاجماع بانتخاب أزعور. الوساطة بين الطرفين بوشرت ومرحلة ما بعد الجلسة لكل حادث حديث.
محاولات استقطاب النواب من الطرفين لا تزال مستمرة. التركيز على النواب السنة والمترددين من التغييريين. أصوات النواب يفترض أن تتوزع على مرشحين أساسيين هما مرشح الثنائي سليمان فرنجية ومرشح المعارضة جهاد أزعور ومرشح ثالث يتجه بعض النواب إلى تبنيه وهو الوزير السابق زيارد بارود. عدد هؤلاء لن يكون كبيراً ولذا كان يفضل بارود ألا يزج اسمه بهذا الشكل الذي يريد اخراجه البعض كي لا يكون عرضة للحرق. الحيرة تعتري بعض النواب في صفوف السنة، عاطفتهم مع فرنجية وقرارهم السياسي أقرب الى أزعور خشية أن يكون المرشح المرضي عنه مسيحياً.
ليس معلوماً ما اذا كانت جلسة الأربعاء ستعد استكمالاً للجلسات المقبلة ام هي جلسة انتخاب جديدة أي بمثابة الأولى التي تعقد بعد انقطاع. فرق دستوري بين الإعتبارين: اذا كانت تتمة فيعني أنّ النصاب المفترض هو 86 نائباً مقابل 86 للإنتخاب، أما اذا كانت استكمالاً للجلسات التي سبق وانعقدت فيعني وجوب تأمين 86 للنصاب و65 نائباً للإنتخاب. ويمكن لمثل هذا الجدل أن يطرح ولا تجد من يحسمه خاصة وأنّ مجلس النواب أناط بنفسه وحده حصرية تفسير الدستور. في التجارب السابقة كان الأمر مدعاة جدال يوم طرحه النائب ملحم خلف لولا أن سعى البعض إلى سحبه من التداول خشية أن يتكرر بصيغة تجعل للمسلمين الغلبة في البرلمان.
بات بحكم المؤكد أنّ الجلسة ستعقد في دورتها الأولى فيما لن يتأمن نصاب الجلسة الثانية لإصرار الثنائي وحلفائه على أنّ انتخاب أزعور لن يمر حتى ولو نال أصواتاً أكثر من أصوات فرنجية. الخشية في أن ينتقل التشنج السائد بين المعارضة والثنائي إلى جلسة الإنتخاب أو أن يمنع حصولها قبيل انعقادها بفترة وجيزة.
ليس سهلاً البيان الذي تحدث باسم المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان والذي اعتبر أنّ تمرير انتخاب رئيس جمهورية أميركي وطعن الثنائي أمر خطير وأنّ الرئاسة لن تمر من دون الشراكة وهو كلام يختصر مقاربة الثنائي لإنتخاب أزعور ولو أنّ الرجل كان انطلق في خطوة ترشيحه من الثنائي الشيعي إثر زيارته لرئيس كتلة الوفاء للمقاومة النيابية النائب محمد رعد ثم رئيس مجلس النواب نبيه بري.
والمستغرب أنّ الثنائي تفهم موقف جنبلاط الذي فضل خيار أزعور لعلمه أنّه لن ينتخب فيكون قد سلف المسيحيين والسعودية موقفاً للتاريخ ثم يعيد التموضع مجدداً بحجة فشل ورقة أزعور فيكون مصيره مماثلاً لمصير النائب ميشال معوض، لكن لم يتفهم بعد موقف رئيس «التيار» جبران باسيل ويعتبر انّه ذهب بعيداً في خيار يعارض توجه «حزب الله» وهو رفض حتى النقاش بشأنه.
سيكون الثنائي محرجاً في حال حصل أزعور على أصوات أعلى من أصوات فرنجية ما سيظهر تكتلاً حوله يؤهله ليكون رئيساً من الدورة الأولى ولو معنوياً خاصة اذا ما عطل جلسة الإنتخاب فيما قد يظهر الثنائي بمفرده ولو أنّ ضمناً يصر على خياره ولو تطلب الأمر الإنتقال إلى مرحلة أشد وأصعب بإعادة النظر في النظام برمته وتوزيع الحصص اي المطالبة بالمثالثة.