كتبت ليلى دندشي
.. وكأن لبنان كانت تنقصه تلك الفواجع والآلام والإضطرابات والمخاوف التي تزامنت وأعقبت الزلزال الذي ضرب أقساما كبيرة وبلدات عديدة في الجنوب الغربي من تركيا وشمالي سوريا، حيث عانى لبنان من ترددات الهزات الأرضية ومبعثها “الفالق” الممتد من “باب الهوى” عند الحدود التركية السورية مرورا باليمونة في شمال البقاع اللبناني وصولا إلى الأردن جنوبا بعد أن يعبر البحر الميت.
وصحيح انّ تأثيرات هذا الزلزال والذي وصلت قوته إلى 7.8 على مقياس ريختر كانت ضئيلة وإقتصرت على بعض الماديات على الأراضي اللبنانية، فإنّ الذعر والخوف من تسارع وتيرة الهزات الإرتدادية قد أرعبت الطرابلسيين والشماليين وجعلت قسما كبيرا منهم يهرعون مغادرين منازلهم (لايلوون على شيىء) بإستثناء طلب الإلتجاء إلى أقرب “فسحة” غير مأهولة بالسكان وبالأبنية كالمساجد و باحة معرض رشيد كرامي الدولي التي كانت ملاذهم حيث باتت أكثريتهم تلك الليلة إما داخل سياراتهم او إفترشوا الأرض وعانوا ما عانوه من الصقيع.
وصحيح أنه مضى إسبوع على تلك المآسي والكوارث التي ما يزال خلاله الطرابلسيون يتحلقون حول شاشات التلفزة يتابعون أحداث ومآسي أعمال الإغاثة التي تجري في كل من تركيا وسوريا ويضعون أيديهم على قلوبهم ليخففوا من مشاعر الخوف التي تعتريهم، لاسيما إذا كانوا من ابناء المناطق الشعبية، التي حماها الله تعالى من كارثة ومن فواجع كادت أن تصيبهم في تلك الليلة الليلاء لو أنّ تأثير الزلزال قد وصل إلى الفيحاء!!
والغريب على هذا الصعيد وبالرغم من فداحة الأخطار المحدقة بالطرابلسيين والتي إن إستكانت فهي لن تزول إلآ من خلال الأعمال الإنقاذية الإستباقية والتي لم تتحرك إلى اليوم عبر الجهات الرسمية المعنية والتي ليست بحاجة لإعادة (درس وتمحيص) فكل الخرائط والصور والتقارير موجودة على طاولات المسؤولين (عفوا) في أدراجهم والتي كالمعتاد لن يتم الإفراج عنها ومعاينتها إلا عندما يصيب الزلزال المدينة وساعة إذن لا ندري من سيُطلق فعل الندامة!؟
وفي عودة سريعة إلى البيانات المتتابعة عن حجم وأضرار هذا الزلزال و الهزات ربما بإستطاعتنا أن نبدأ الحديث عنها بمسألة قد تبعث في نفس القارىء بعض الطمأنينة وهدوء البال وهي أن الزلزال العاصف قد نجا منه حوالي 700 ألف نسمة في كل من المناطق التي ضربها في سوريا وتركيا.
أما الحديث عن الخسائر والأضرار فإن المسألة قد تطول ولكن بالإمكان القول أن أعمال التنقيب والتفتيش عن أحياء تحت ركام الأبنية المحطمة والمدمرة، قد اصبح من المستحيلات، حيث بات ذاك متعذرا منذ صبيحة يوم السبت الفائت، وما يجري حاليا هو البحث عن جثث الضحايا الذين فاق عددهم ال 37 الف، منهم أكثر من 6 آلاف في شمال سوريا والباقي هم من الأتراك علما أنه قد تم إنقاذ أكثر من 15 مصابا من اللبنانيين أحياء من مختلف الأعمار وأكثريتهم من أبناء طرابلس وكانوا في زيارة لأقربائهم أو معارفهم في المناطق التي تعرضت للزلزال.
ويُذكر أن فرقا عديدة من المتطوعين اللبنانيين قد شاركوا في أعمال الإغاثة كما باشرت الحكومة اللبنانية عبر الوزارات المعنية في إرسال المساعدات العاجلة للمنكوبين.
وكان لافتا ضآلة عدد فرق الإنقاذ في شمال سوريا بصورة خاصة وتحديدا على صعيد الآليات والمعدات بإستثناء فريق طبي وهندسي من مصر وحرمان المناطق المتضررة من المساعدات العربية وسواها التي تم تحويلها إلى مناطق وبلدات بعيدة عن منطقة الهزات والأضرار، علما أنّ المساعدات العينية من فرش وأغطية ومواد تموينية قد تجاوزت ال 4 مليارات دولار.
والمؤسف أنّ بعض من يدّعي أنه من الإختصاصيين بعلم الزلازل والهزات قد “تبرّع” للإدلاء ببيانات وتصريحات تجافي الحقيقة وتتضمن مغالطات عديدة وذلك إما بهدف “حب الظهور وإدّعاء المعرفة” بالرغم من العواقب الخطيرة التي قد يتسببون بها ويدفعون بالناس إلى تبني ما تتضمنه من نظريات مزعومة وهي تندرج في الحقيقة في إطار “التخاريف” والمزاعم التي لا تقوم على أسس علمية.
وللإضاءة على ما جرى وبشكل علمي دقيق كان هذا اللقاء مع الباحث اللبناني والخبير الجيولوجي الدكتور سمير زعاطيطي الذي امضى 30 سنة في التدريس بالجامعة اللبنانية وتحديدا في علوم الجيولوجيا وما يتعلق بالزلازل والكوارث الطبيعية.
وفي خلال مقابلة معه تتعلق بموضوع الساعة وعن رأيه بما سمع ويسمع من آراء ومواقف من قِبل (مطلعين)، يقول الدكتور زعاطيطي: هناك الكثير والعديد ممن دخلوا على الخط بينهم متعلمين ومنهم من يفتش عن إثارة إعلامية ولا تهمه الحقيقة العلمية ويفتقدون لأي شرح بإمكانه أن يشرح ماذا حدث؟
وقال: الزلزال الذي ضرب تركيا تفاجأت بقوته 7.7 على مقياس ريختر عِلما أن القوة القصوى أي 10 درجات تعني التدمير الكامل للأبنية، هذا من حيث قوة الزلزال ونقطة إرتكازه التي إنطلق منها هي صفيحة عربية تصطدم بالصفيحة الاسيوية في منطقة تركيا فينشأ هذا (الخبيط) عند سلسلة جبال طوروس بين شمال سوريا وجنوب تركيا وفيها سلسلة كسور أرضية حيث يمتد فالق الأناضول الكبير في حين ان الصفيحة العربية دائمة التحرك بإتجاه الشمال، وفي هذه المنطقة تحدث الزلازل من وقت إلى آخر يقابلها خط زلزال في شمال البحر المتوسط فتنزلق الصفيحة التي هي صخر قاسٍ على شكل بلاطة كبيرة وتنزلق تحت البحر ،ويضاف إلى ذلك خط زلزالي يجري على طول الكرة الأرضية ويبدأ من العقبة بإتجاه الأردن فالبحر الميت – طبريا وحولا فالبقاع فيلتقي بفالق اليمونة بلبنان ويستمر في سوريا وصولا إلى الإسكندرون فجبال طوروس وهذا الخط ضعيف لأن صفائحه تنزلق خلف بعضها ولا تحدث زلازلا مدمرة بل هي بحدود 4 درجات على مقياس ريختر ونشعر بها ولكن ليس لها قوة تدميرية.
وعن إمكانية التنبؤ بالزلازل وموعدها وموقعها يقول: الزلزال اليوم هو نتيجة تحرر طاقة محبوسة بين صفيحة المتوسط البحرية المنزلقة تحت الصفيحة الأورو آسيوية من الجهة التركية القارية تحرر الطاقة ينتج موجات زلزالية تنتقل عبر الصخور لتصل الى سطح الأرض فترتج. الموجات الزلزالية ٣ أنواع موجة الضغط P التي تصل أولا تليها موجة القص S الأقل سرعة والتي تمر بالصخر الصلب وتختفي بالصهارة الصخرية السائلة والثالثة والتي تصل بالآخر وهي السطحية المدمرة. بعد مرور هذه الموجات الثلاث تأتي الموجات الإرتدادية الأقل حدة.
ويطمئن الدكتور زعاطيطي المواطنين فيقول: ان اسوء شيىء بالزلزال هو وقت حصوله اولا من حيث الدمار وبعدها هناك موجات إرتدادية أخف بكثير وإذا كان هناك من تصدع سابق بالبناء فإن ذلك يؤدي إلى إنهياره او تدمير بعضه.
ويختم : سألني البعض هل صحيح ان تركيا “زاحت” 3 امتار؟ وكيف حصل ذلك؟ وجوابي هو أن هناك أقمارا إصطناعية تقيس بالضبط كيف كان موقع تركيا وكيف صار، وليعطونا براهين إذا كان ذلك صحيحا. وأسأل هؤلاء هل أنتم إختصاصيون؟ وهل لديكم ابحاث؟ وبالتالي هل عندكم معدات ومختبرات؟ هذه تخيلات ! وهي غير “ظابطة” هدفكم بس تطلعوا على الإعلام!.