
في مقابلة أجراها اللواء عباس إبراهيم ضمن بودكاست “كلام إيناس” الذي تقدمه إيناس جرمقاني تناول العديد من القضايا السياسية والأمنية المتعلقة بالوضع اللبناني الراهن. من أبرز المحاور التي تم التركيز عليها كانت مسألة السلاح وتنظيمه بالإضافة إلى رؤية اللواء إبراهيم حول قضايا حزب الله ودمج مقاتليه في الجيش اللبناني وكذلك موقفه من الأحداث الحالية بما فيها التفجير في مرفأ بيروت وعلاقته بحزب الله وبالرئيس نبيه بري.
السلاح يحتاج الى مقاربة هادئة بعيدا من الاستفزاز
عند سؤاله عن موقفه من تسليم السلاح، أجاب بأن “موضوع السلاح موضوع شائك وكل موضوع شائك يحتاج إلى حل، إنما تسليم السلاح ونزع السلاح وهذه التعابير المستفزة تجعل من هذه البيئة ضد مجرد الكلام في سيرة وموضوع السلاح بالمطلق، لا تسليم ولا نزع. هناك استفزاز مقصود، فالحديث عن السلاح يجب أن يكون بمقاربة مطمئنة وليس أن أقول إني سوف أنزع سلاحك، وعندما أنزعه سأدخلك للسجن، فرضاً. نحن نتكلم بالمطلق، هناك مقاربة يجب أن تتم لتنظيم وضع السلاح.
أما موقفي، فهو أن كل قوة، سلاح أو غير سلاح، يجب أن تُسيّر لتقوية الدولة. كل ما نملك من عناصر قوة يمتلكها اللبنانيون يجب أن تُسيّر لتقوية الدولة. أما إذا قصد السؤال فيما يتعلّق بخصوصية البلد، فمطروح استراتيجية دفاعية لتنظيم وضع السلاح ضمن الإطار الموجود”.
أضاف اللواء ابراهيم:” قبل أن نتكلم في موضوع السلاح، يجب أن نسأل: لماذا هناك سلاح أساساً؟ السلاح هو نتيجة وليس سبباً، والسبب هو الاحتلال الإسرائيلي. وقبل هذا السلاح، كان هناك سلاح غيره أيضاً بسبب الاحتلال الذي بقي مستمراً. حتى الأمس القريب، حصل وقف لإطلاق النار في 27 نوفمبر، وبقيت إسرائيل في خمس نقاط لبنانية. وبسبب هذا البقاء، إن لم يكن هناك سلاح، سيُستوجب أن يكون هناك سلاح لمقاومة هذا العدو، وهذا حق شرعي لأي شعب تُحتل أرضه. ولكن، بسبب هذه الخصوصية اللبنانية، يجب أن نتفق على آلية لتسييل هذا السلاح، على أن يكون قوة للدولة وقوة للدفاع عن لبنان”.
السلاح وضرورات الحاضر
في سياق الاسئلة المطروحة عن سلاح المقاومة، علّق اللواء عباس إبراهيم على ما أورده النائب الدكتور علي فياض في حلقة سابقة حيث قال فياض إنه عندما يسمع عبارة “تسليم السلاح” يتبادر إلى ذهنه مباشرة عام 1982 ومجزرة صبرا وشاتيلا.
وفي هذا الإطار، قال اللواء إبراهيم: “دعينا لا نذهب بعيداً نحو مجزرة صبرا وشاتيلا ولنَعِش يومياتنا، وحتى الآن، وهذا السلاح موجود، وهناك كل يوم خروق لوقف إطلاق النار ومسيّرات فوق بيروت والجنوب ومختلف المناطق اللبنانية وأينما وجد هذا العدو هدفاً سيعالجه. وهذه النشاطات المدانة تحصل والسلاح موجود، فماذا سيفعل إن لم يعد هناك سلاح؟ هذا السلاح يجب أن يُنظَّم، ويجب أن يُسيَّل ضمن الدولة اللبنانية لتواجه به إسرائيل وليس ليوضع في المخازن”.
الدمج في الجيش اللواء ابراهيم يؤيد طرح رئيس الجمهورية
وتطرّق النقاش إلى طرح رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون القاضي بدمج مقاتلي حزب الله ضمن الجيش اللبناني.
في هذا الصدد، قال اللواء إبراهيم: “أنا كنت من أول الأشخاص المؤيدين لهذا الحل، وانتقدوني على وسائل التواصل الاجتماعي. انتهت الحرب الأهلية في لبنان، وكل الميليشيات دخلت في المؤسسات الدفاعية للدولة. ونحن لدينا مقاتلون، كمقاتلي حزب الله، بهذا البُعد العقائدي، إضافة إلى عناصر القوة التي يمتلكونها. نعم، لا شيء يمنع أن تكون هذه المقاومة، بعناصرها وسلاحها جزءاً من الدولة وقوة الجيش اللبناني في المستقبل. إنما هذا المسار تحدّده الاستراتيجية الدفاعية الموضوعة على طاولة البحث هذه الأيام. فقط فخامة الرئيس يتحدث عن حوار وتواصل مع حزب الله للوصول إلى حل لهذا الموضوع، وكل كلام آخر يبقى ضمن إطار المزايدات والكلام الفارغ ولا يؤدي إلى نتيجة. فالحوار هو الأساس لحل هذه المشكلة”.
حزب الله باقٍ ولا جناحين داخله… والشيخ نعيم هو صاحب القرار
في سياق الحوار سئل اللواء إبراهيم عن رأيه بأداء أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم، فقال إن لكل قائد أسلوبه، والمشكلة، بحسب تعبيره، أن الجميع يقارنون بين الشيخ قاسم وسماحة السيد حسن نصرالله. وأوضح اللواء إبراهيم أن السيد نصرالله كان لديه أسلوب والشيخ نعيم لديه أسلوب مختلف، مضيفًا أن الحزب هو من اختار قائده، وبالنسبة لهم، قد ملأ الفراغ. وتابع: “ولست أنا من يقرّر إذا ‘معبى محله’، فحزب الله اختاره، ولا أعلم الآلية المتّبعة داخل الحزب وكيفية التعاطي داخله، وهل هو حاسم.”
وعندما سُئل عمّا إذا كان الشيخ نعيم قاسم هو القائد الفعلي لحزب الله، أم أنه مجرد صورة ظاهرية بينما القيادة الحقيقية مخفية، أكد اللواء إبراهيم وجود جناحين داخل حزب الله، جناح سياسي وآخر عسكري، لكنه استبعد أن يكون ذلك بمعنى وجود أجنحة متباينة. وأشار إلى أنه، في التنظيمات العسكرية، المستوى السياسي هو من يتخذ القرار، ممثّلًا بالشيخ نعيم قاسم.
وفي سؤال حول من هو الأقوى اليوم، الشيخ نعيم قاسم أم الحاج محمد رعد، أجاب اللواء بكل وضوح: “الشيخ نعيم قاسم أكيد.”
كما سُئل عن مدى استمراره في العلاقة مع حزب الله، وما إذا كان لا يزال مقرّبًا منهم، فأوضح أنّ التواصل مع الحزب كان يتم على المستوى الوظيفي عندما كان مديرًا عامًا للأمن العام، تمامًا كما هو حال أي رئيس جهاز أمني في لبنان ينسّق مع حزب الله أمنيًا، خصوصًا في مرحلة التهديد الإرهابي المباشر. أما على المستوى الشخصي، فأكد وجود علاقات شخصية مع أشخاص من الحزب، قائلًا: “بالنهاية أنا ابن هذه البيئة، وحزب الله لديه وجود قوي وفعّال فيها، فأنا لست مغلقًا باب منزلي، بل مفتوح.”
وحين طُلب منه أن يحدّد من هو الأقرب إليه في حزب الله، أو من يتواصل معه بشكل دائم، أجاب: “أقربهم إليّ هم أبناء ضيعتي [كوثرية السياد] الذين أتواصل معهم بشكل دائم.” وأضاف أن القادة والمسؤولين الذين كان يتعامل معهم في السابق “مختفون ولا يمارسون نشاطهم اليومي بشكل طبيعي نتيجة الظروف والتهديدات الأمنية.”
أما في ما يتعلق بالانتقادات التي تشير إلى أن الحزب تعرّض لانكسار، فرأى اللواء أنه من الواقعية القول إن الحزب تعرّض لنكسة نتيجة الحرب، مشيرًا إلى أن “أي قوة في العالم تتعرّض لنكسات ثم تنظّم نفسها، وإلّا لماذا يوجد إعادة تنظيم للقوى بعد كل حرب؟”
وفي رده على سؤال حول ما إذا كان الحزب سيزول مع الوقت، كما تقول بعض الأطراف، أجاب: “هناك من يتمنى ذلك، وهذا لا يعني أن ذلك سيكون واقعًا. حزب الله موجود، ومن خلال قراءة واقعية وسياسية الحزب لن يزول. كيف يزول الحزب وهو يمثّل شريحة واسعة رأيناها في تشييع السيّد.”
وفي ما يخصّ شعبية حزب الله أشار اللواء إلى أن الحرب الأخيرة “صنعت بعض الفجوات، لكنها زادت من التصاق الناس بالحزب.” وأضاف أن الناس في المجتمع الشيعي يريدون اليوم حماية الحزب، لأنه حماهم لسنوات، وهم يريدون حمايته الآن ليعود قويًا ويحميهم من جديد. وقال: “هذه النظرية قائمة في المجتمع الشيعي الآن، وهذه القوة لا نريد أن نفرّط بها، وهذه القوة حمتنا على مدى عشرات السنين. ومن يتعاطى مع الوضع القائم بعد الحرب بكيدية يقوّي هذه العصبية والالتفاف حول الحزب، ومن يريد رأس الحزب هو الذي يقوّيه.”
أما في ما يخص الانتخابات المقبلة، فقد اعتبر اللواء أن حزب الله لن يكتسح، ولكنه أيضًا لن يتراجع، قائلاً: “سيبقى الواقع قائمًا على مستوى الثنائية الشيعية.”
السيد نصر الله أكثر لبنانية من كثير من السياسيين
وسئل عن رأيه فيما يقوله بعض الأفرقاء السياسيين حول استشهاد السيد حسن نصر الله، الذين يعتبرون أنه “شهيد بيئته” أو “شهيد ولاية الفقيه”.
أجاب اللواء عباس إبراهيم: “أنا أقول مجددًا أن السيد أكثر لبنانية من كثر ممن يدعون اللبنانية ومن يعرف السيد أو من جلس معه واستمع لأحاديثه ورآه وعرف كيف يفكر يعلم أن السيد سابق لكثير من اللبنانيين.”
الرئيس نبيه بري يحمل مسؤوليات أكبر بعد استشهاد السيد نصر الله
سئل عن رأيه في دور الرئيس نبيه بري، وما إذا كان قد أصبح الصورة التي أخذت مكان السيد حسن نصر الله بعد استشهاده.
أجاب اللواء إبراهيم: “الرئيس بري هو الرئيس بري والسيد حسن هو السيد حسن ولكن أعتقد وأجزم أن الرئيس بري أصبح على كاهله مسؤوليات أكثر بكثير بعد استشهاد السيد حسن. شخصية الرئيس بري وقدراته كما هي لا زادت ولا نقصت، إنما المسؤوليات هي التي زادت على كاهله.”
سئل عن إمكانية أن يكون الحاج علي حسن خليل هو الخليفة المحتمل للرئيس بري، بما أن البعض يرى أنه “أذن” الرئيس بري.
أجاب اللواء عباس إبراهيم: “لا شيء يمنع، ولكن من يقول أن الرئيس بري لن يكون رئيس مجلس النواب القادم، لم يقل أحد ذلك.”
سئل عن تداول أسماء مرشحة لرئاسة مجلس النواب: عباس إبراهيم، علي حسن خليل، وجميل السيد، ومن هو الأقرب لهذا المنصب؟
أجاب اللواء إبراهيم: “أنا أعتقد أنه ما زال مبكرًا الحديث عن هذا الاستحقاق، وأعتقد أن الرئيس بري، أطال الله في عمره، طالما هو باقٍ، لا أرى أحدًا مرشحًا لهذا المنصب.”
الترشح للانتخابات من خارج الثنائي الشيعي
وعن سبب اقتصار الترشح للطائفة الشيعية عبر الثنائي الشيعي، ولماذا لا يمكن لأي شخص طامح أن يترشح بشكل مستقل وينجح؟ فأجاب اللواء ابراهيم: “لا أحد يمنع أحداً من الترشح، وهناك العديد من المرشحين الذين ترشحوا ولم يحالفهم الحظ. الثنائي الشيعي أكثر شعبية وتمثيلاً في البيئة الشيعية، والقانون الحالي يسهل هذا الموضوع.” وأضاف أنه لا يعتقد أن هناك ظلماً لبعض الأشخاص الذين يستحقون الوصول للنيابة ولكن لم يترشحوا عبر الثنائي الشيعي. وأكد أن هناك كثيرين يترشحون ولكن لا يوفقون، لافتاً إلى أن هذا مرتبط بقانون الانتخاب الذي يساهم في فوز الثنائي الشيعي بأغلب المقاعد الشيعية، وهو الأكثر تمثيلاً بين أبناء الطائفة.
رسالة إلى أهالي شهداء مرفأ بيروت: دعوة للوحدة والعدالة
فيما يتعلق بكارثة انفجار مرفأ بيروت، وجه اللواء إبراهيم رسالة إلى أهالي شهداء المرفأ قائلاً: “الشهداء والضحايا هم أهلنا، وأدعو أهالي شهداء المرفأ إلى العودة إلى وحدتهم لأنهم للأسف انقسموا. السياسة دخلت على حساب دماء أبناءكم. أعتقد أن البحث عن العدالة يجب أن يكون أولوية، فهي تعني لهم أكثر مما تعني للقضاة والمجلس العدلي لاحقاً. الأهالي هم المعنيون الأكبر بتحقيق العدالة.” وأضاف أنه يجب على الأهالي العودة إلى وحدتهم والتركيز على العدالة بعيداً من الانقسامات”.