كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
تُجري كل القوى السياسية حساباتها على أساس أن الإنتخابات النيابية في العام المقبل قائمة في موعدها ولا بدّ من جمع أكبر عدد من الأصوات لزيادة عدد أعضاء الكتلة النيابية.
في وقت تخوض قوى عدّة معركة قتال تراجعي بعد الضربات التي تلقتها بعد إنتفاضة 17 تشرين وعلى رأسها “التيار الوطني الحرّ” وتيار “المستقبل”، هناك قوى سياسية تحاول الحفاظ على حجمها أو زيادته مثل “القوات اللبنانية” وقوى المجتمع المدني، من خلال الإستفادة من أخطاء خصمهما، أي “التيار الوطني الحرّ”.
وتكتسب دائرة الشمال المسيحي التي تضم أربعة أقضية هي البترون والكورة وبشري وزغرتا، أهميتها الخاصة نظراً إلى معركة الأحجام والأوزان، خصوصاً وأنها تشكّل أكبر دائرة مسيحية في لبنان، وحتى الآن يبدو هناك 4 لوائح سياسية أساسية وهي: لائحة “القوات”، لائحة “التيار الوطني الحرّ”، لائحة “المردة” ولائحة تحالف رئيس حركة “الإستقلال” ميشال معوّض مع “الكتائب”، في وقت لم تتبلور بعد لوائح ما يُعرف بالمجتمع المدني.
وفي السياق، فإن المعركة الإنتخابية في الكورة تبدو شرسة من الآن، فهذا القضاء ذو الصبغة الأرثوذكسية يوجد فيه ثقل ماروني وسنّي، لكن يبقى الأرثوذكس هم الغالبون لأن المقاعد الثلاثة في القضاء هي للأرثوذكس.
وحتى اليوم، يبدو من خلال الإحصاءات أن هناك تقدّماً واضحاً لـ”القوات” في هذا القضاء، وقد حُسم ترشيح أمين سرّ تكتل “الجمهورية القوية” النائب السابق فادي كرم كمرشّح رئيسي للحزب في الكورة، ويعود ذلك لأنه حلّ الأول في إنتخابات 2018 بفارق شاسع عن منافسيه ولم يدخل الندوة البرلمانية بفعل لعبة الحواصل، كما أنه كثّف نشاطه وتصرّف كأنه نائب في وقت غاب نواب الكورة الثلاثة المنتمون إلى فريق 8 آذار عن هموم الناس، حتى ذهب بعض الكورانيين للقول تعليقاً على هذا الأمر: “فادي كرم نائب سابق برتبة ثلاثة نواب منتخبين لكنهم غائبون”.
وتعطي “القوات” أهمية بالغة لاستعادة مقعدها في الكورة، ولهذا فإنها تُجري كل الحسابات الرقمية من أجل عدم الوقوع في سيناريو الإنتخابات الماضية، فالمطلوب اليوم قواتياً تأمين فوز كرم وعودة النيابة في الكورة إلى مكانها الطبيعي حتى لو كلّف الأمر التضحية بمقعد في مكان آخر.
إنتخب في الكورة أخيراً نحو 24 ألف مقترع، وحصل كرم منفرداً على نحو 7800 صوت، أي تفوّق على نائبين فائزين، ويعتبر بلوك “القوات” الأول وتشير الإحصاءات إلى احتمال إرتفاعه، في حين ان القوة الثانية في الكورة هي للحزب “القومي السوري”.
وتتراوح قوّة “القومي” بين 4 و5 آلاف صوت، وقد لعب النائب سليم سعادة دوراً بارزاً في تلميع صورته وطنياً بعد خطابات الفكاهة التي كان يلقيها في مجلس النواب، لكنّ هناك سؤالاً كبيراً يطرح وهو هل سترشح قيادة الحزب سعادة مجدداً خصوصاً وأن نائب الكورة إلتزم بما قرره النائب أسعد حردان وسمّى الرئيس نجيب ميقاتي في الإستشارات الأخيرة، بينما القيادة أصدرت بياناً ضدّ هذه التسمية؟
لا شكّ أن وجود سليم سعادة على لوائح الحزب “القومي” يُعطي دفعاً لأنه إبن أميون ومن بيت سياسي ولديه علاقة طيبة مع الجميع، لكن في حال استمرار الشرخ بين حردان والقيادة القومية، فقد تكون الكورة على موعد مع مرشحَين للحزب ما سيضعفه، في حين أن القرار بالنزول على لائحة النائب السابق سليمان فرنجية أو النائب جبران باسيل لم يُحسم بعد.
وإذا كان كل من حزبَي “القوات” و”القومي” يملكان أكبر كتلة ناخبة ولو بفارق كبير لصالح “القوات”، إلا أن هناك قوى أخرى تستنزف، ففرنجية إستثمر على اسم النائب فايز غصن، وهناك حديث أنه لن يترشح مجدداً، وأي بحث عن اسم آخر سيخسّر “المردة” مقعداً.
ومن جهته، لم يستطع النائب العوني جورج عطالله بناء حيثية خاصة، فأرقامه في آخر إنتخابات كانت متدنية جداً وحلّ الأخير بين الفائزين، ويعاني “التيار” في الكورة تراجعاً يشبه تراجعه في كل لبنان.
ويقف تيار “المستقبل” حائراً بعد اعتكاف النائب السابق فريد مكاري السياسة ووفاة النائب نقولا غصن، وقد خفّ وهجه في قضاء فيه حضور سني لافت، بينما فضحت الانتخابات الأخيرة ضعف “الكتائب” في هذا القضاء، في حين أن تواجد الحزب “الشيوعي” رمزي أكثر مما هو فاعل على الأرض.
لا تعني قوّة أي فريق أنه خطف المقعد الإنتخابي وتجربة كرم أكبر دليل في الإنتخابات الاخيرة، لكن حتى الآن لا يوجد أي جديد على الساحة الكورانية بانتظار لحظة الحقيقة والإتجاه نحو حسم أسماء المرشحين والتوجه نحو صناديق الإقتراع.
الأكيد في الكورة أن “القوات” تستفيد من أخطاء غيرها، فـ”القومي” بات “دقة قديمة” حسب الكورانيين، و”التيار الوطني الحرّ” أوصل لبنان إلى جهنم، ولا فرق بين “المردة” ورفاقه من نفس الخط الذين أخذوا لبنان إلى المحور السوري – الإيراني، وبالتالي فإن الغضب عارم على السلطة في الكورة الخضراء… كورة شارل مالك.