شعار ناشطون

الشرائط المرسومة توثّق فلسطين: اليوميات كما التاريخ..خيط الزمن موصول

13/06/24 04:51 pm

<span dir="ltr">13/06/24 04:51 pm</span>

 

في 29 أيّار الماضي، افتتح “مركز رادا ومعتّز الصوّاف لدراسات الشرائط المصوّرة العربيّة” في الجامعة الأميركيّة في بيروت، المعرضَ الرقمي “فلسطين: الفنّ التاسع يوثّق ويتحدّى” في بيروت ولندن. أضيئت الشاشتان الرقميتان بالتزامن في قاعة نهى الراضي في مسرح المدينة البيروتي وقاعة P12 اللندنية. هذه ميزة لا تملكها المعارض الفنّية كما عرفناها وألفناها؛ أن تشاهد المعرض نفسه في الوقت نفسه في مكانين مختلفين.

 

 

(دعاء العدل)

 

في الشاشتين الرقميّتين، يعرض 42 فنّاناً عربياً رسومهم وشرائطهم المصوّرة حول فلسطين المحتلّة، وليس غزّة فقط، بل يتناولون تاريخ فلسطين وشعبها طوال 76 عاماً، موثّقين إرث النكبة الممتدّة، ومُتَحدّين كلّ محاولات الترهيب والإسكات. وهم بهذا الخيار يقولون إنّ الإبادة لم تبدأ في السابع من أكتوبر، بل هي امتداد لذاك التاريخ من الاحتلال والتعذيب والقتل والحصار والفصل العنصري… وقد أفسحت التقنيات الرقمية الحديثة لفنّ الشرائط المرسومة حيّزاً ليقول كلمته ويخطّ رسومه سواء كانت متسلسلة أو مجرد لقطة واحدة من سلسلة، وسواء كانت تخاطب الأطفال أو اليافعين أو البالغين، أو جميعهم معاً، وهي ميزة مهمّة في هذا الفنّ، الذي يمكنه مخاطبة كلّ الشرائح العمرية، منفردةً ومجتمعةً.

 

 

(أميرة تناني)

 

أمّا أداة العرض، وهي الشاشة الرقمية، فتأتي متوائمة مع مفردات حياتنا اليومية وتلقّينا لأحداث الإبادة وتداعياتها. غالبيتنا تعتمد على شاشات أجهزتنا الالكترونية لنواكب ما يجري، وأيضاً لنشجب ونغضب ونندّد بالتخاذل كما بالوحشية. وعبر شاشاتنا نفسها ولدت فكرة هذا المعرض، فبعدما شارك مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي والمنصّات الرقمية رسوم هؤلاء الفنانين وشرائطهم المرسومة مع نصوصها، ظهر أثر هذه المشاركة عالمياً، ووصل الصدى إلى شعوب ومناطق أبعد من المتوقّع أو حتى المسموح به من قِبل المعتدي، الذي حاول ويحاول بشتّى الطرق إخراس الفنّانين وتهشيم أصابعهم وإحباط أملهم، متسلّحاً بسيطرة كبيرة على وسائل الإعلام العالمية والمنصّات المؤثّرة.

 

 

(هاني صالح)

 

عن دور الفنّ التاسع في الإبادة الحالية، تقول مُنظّمة المعرض لينا غيبة لـ”المدن” إنّ أهمية فنّ الشرائط المرسومة تكمن في قدرته على التقاط تفاصيل يومية حالية ووثائق تاريخية غابرة في آن، فهو يسمح للفنّان بالتعبير عن الحاضر وتوثيق الماضي، ويعطيه مساحة لمواصلة الاحتفاء بحكايات قديمة حول أرض فلسطين وإرث أهلها والمثابرة على التحدّي ورفض الخذلان. “وقد أثبت هذا الفنّ قدرة عالية على مواكبة السرعة التكنولوجية، حيث يستوحي فنّانوه من الخبر العاجل ويعيدون عرضه بأسلوبهم الفنّي لإيصال رسالتهم بشكل أقوى غالباً، عبر الشاشات الرقمية سريعة الانتشار، من دون انتظار طباعته وتوزيعه، بالتالي سرعة التفاعل هي ميزة العصر الرقمي. الرقابة على الإنترنت تبقى أصعب من مصادرة كتاب أو أداة تواصل أخرى. فرغم كل التعتيم تصل رسوم الفنانين وملصقاتهم للعالم في سرعة كبيرة”.

 

 

(حسان مناصرة)

 

عن تمديد المعرض في لندن، قالت غيبة لـ”المدن” إنّ السبب هو تعطّش الناس هناك لمعرفةٍ أعمق لما يجري في غزّة، فقد تعبوا من الصور الواقعية التي تصلهم بوتيرة سريعة وكثيفة وتنهك بوحشيتها أعصابهم، وأيضاً الاطلاع على سردية مختلفة لقضية فلسطين والنكبة. وقد تكون رؤية رسوم وشرائط وقراءة نصوص مرافقة بمثابة تقديم بُعد آخر، بصري فنّي، لأنها تسمح للناس بالتواصل ومتابعة ودعم القضية الفلسطينية بحرية أكبر وفي مساحة أرحب وشروطها أكثر ليونة. “الإبادة في غزّة تؤجّج العاطفة أكثر عبر الشرائط المرسومة، لأنه فنّ يمزج بين النص والرسم، ما يعطي أبعاداً عديدة بينها بالتأكيد البُعد التسلسلي لهذا الفنّ، هذا التسلسل يلاقي يوميات البثّ الحيّ المتواصل، وأيضاً الخيط الزمني وتعاقب الأحداث. ولا ننسى أنّ هذا الفنّ يقدّم للجمهور قراءتين، بصرية وذهنية”.

 

بين الفنانين المشاركين: مايا فداوي وناجي المير من لبنان، عمر لافي وحسان مناصرة من فلسطين، عثمان سلمي من تونس، سالي سمير من مصر…

 

جدير بالذكر أن المعرض الرقمي، خصّص للفنّ الورقي حيّزاً، إذ أطلق مركز “رادا ومعتز الصوّاف” كتاباً لمجموعة من القصص المصوّرة والرسوم لفنانين من العالم العربي تحت عنوان “فلسطين بدون تخدير”.

تابعنا عبر