مقال بقلم الكاتب صفوح منجّد
تتواصل تواريخ الأحداث وتتعاقب من عام إلى عام في لبنان والمنطقة، دون التمكن من تغيير الواقع المؤلم أو إحداث تحولٍ بإمكانه أن يدفع بالأمور من أجواء المآسي إلى ما ينشده أبناء البلد من إستقرار وراحة بال.
وهكذا هو الحال منذ سنة وتسعة أشهر حين غادر رئيس الجمهورية ميشال عون القصر الرئاسي في بعبدا، وهو الرئيس ال 13 الذين تعاقبوا على رئاسة الجمهورية، وبحمله العدد ال 13 كأنه يقول للبنانيين “لا تتفاءلوا فالآتي بعدي من الأيام لن يحمل لا الخير ولا الطمأنينة فالتشاؤم هو سيد الموقف.
وهذا التصوّر يبدو أنه ينطبق على الحالة الراهنة التي إنطلقت منذ مغادرته القصر يوم الأحد في 30-10-2022 قبل يوم واحد من إنتهاء ولايته.
وهكذا تتوالى الأيام والشهور والسنوات دون تحقيق اي إنجاز على صعيد هذه الإنتخابات التي يبدو أنها اصبحت في مهب الريح ب”فضل” التباينات، وما قيل عن خلافات بين الكتل النيابية والقوى السياسية والطامحين لملىء الفراغ في كرسي الرئاسة الأولى، والمبادرة الوحيدة التي برزت مؤخراً تكمن بالتحرك الذي يقوم به “نواب المعارضة” من خلال متابعتهم الإتصالات واللقاءات مع الكتل النيابية، حيث من المقرر أن يتايع هؤلاء النواب تحركاتهم مع مطلع الإسبوع القادم ويلتقون ايضا نواب الثنائي بعد مناسبة عاشوراء، ولكن الأمور لا تبشر بأي خير طالما أنّ نواب الحزب قد أعلنوها صراحة “لا رئاسة طالما أحداث غزة قائمة” ، وهذا إن دلّ على شيىء فعلى قرار الحزب بالإمساك بإختيار الرئيس وبتشكيل حكومة العهد الأولى، وبالتالي إبقاء هيمنته على البلد وفي كافة الإتجاهات.
حرب غزة تقترب
من نهاية سنتها الأولى
أما المسألة الثانية فتتعلق بتاريخ 8 أوكتوبر 2023 أي منذ 9 أشهر حين إندلعت حرب غزة التي شنها العدو الإسرائيلي وقيام تلك المقاومة ما بين حركة حماس و”حزب الله” في وجه الطغيان الإسرائيلي الذي قام على العنصرية والإبادة الجماعية وإستخدام كل أنواع الأسلحة والطائرات الحديثة، لقتل الشعب الفلسطيني وهو أمر لم يحصل بهذا الشكل منذ الحرب العالمية الأولى والثانية، وحتى يومنا هذا، على حد ما وصفته وسائل الإعلام الغربية والعربية، والقائمة على إبادة قطاع غزة ومحوه من الوجود مع معبر رفح وإعتماد الشر وتواصل تنفيذه ضد الشعب الفلسطيني وضد جنوب لبنان، وإستمرار هذه الحرب وهذه المواجهات الدامية مع عدم الإمكان بتحديد موعد لإنهاء هذه الإبادة وتوقف أعمالها الإجرامية، وهو أمر آخر يتعلق ايضا بالمدى الذي سيستغرقه وضع اليد من قِبل الثنائي وحلفائه على مجمل القضية الفلسطينية، والتحكم بمستقبل المداولات الجارية في المنطقة وفي دول أوروبية عديدة بغية التوصل إلى حلول من شأنها إحلال السلام، هذا السلام الذي يطمع “الثنائي” إبقاءه تحت سلطته.ومن هنا أيضا يمكن قراءة ما جرى و يجري وما يُطبخ في عواصم عديدة.
المبعوث الأميركي ينتظر في اليونان
والتجديد لليونيفيل ينتظر التوافقات
من جهة ثانية المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين ينتظر في اليونان، حيث يقضي إجازته الصيفية “الضوء الأخضر” من البيت الأبيض للقدوم إلى لبنان للبحث في ترتيبات اليوم الثاني لوقف النار!! ، إذا ما قُدّر للتسوية في غزة أن تُبصر النور، حيث يواصل رئيس حكومة العدو نتانياهو مناوراته في “ربع الساعة الأخير” والحاسم في المفاوضات الدائرة بين القاهرة والدوحة.
وقد بات واضحا وجود إتفاق مع الأميركيين على تطبيق القرار الدولي 1701 فور إنتهاء الحرب في غزة، دون أي بحث في الترتيبات حتى الآن، بعد أن جزم الأمين العام ل”حزب الله” بأن الهدنة في غزة ستنتقل تلقائيا إلى الجنوب، وبعدها يمكن الحديث عن “اليوم التالي” الذي سقطت منه حكما الأبراج البريطانية للمراقبة “بفيتو إسرائيلي”، وكذلك تم تحييد ورقة التجديد “لليونيفيل” من بازار الضغوط، حيث يُفترض أن يتم التمديد تلقائيا ودون تعديلات.
أما مسألة إنسحاب المقاومة من الحدود، فتبقى فكرة غير قابلة للتطبيق عملياً وإن حاول الإسرائيليون مستقبلا البناء على أوهام لتبرير الإتفاق المفترض.
أما داخليا فقد نجحت الحكومة اللبنانية المتخبطة والغارقة في الإهمال مع نظيرتها العراقية، في الإفراج عن الفيول الذي كان ينتظر في سفينتين في البحر، وبدأ تفريغها بالأمس على أن يكون التيار الكهربائي قد عاد بدءا من صباح اليوم.
في هذا الوقت يستمر العجز الداخلي في إيجاد مخارج لحالة الإستعصاء الرئاسي، كما أشرنا، في ظل عدم نضج الحل الخارجي بعد، وفيما حمّل رئيس القوات اللبنانية النواب “الوسطيين”مسؤولية عدم إنتخاب رئيس حتى الآن.
مناورة نتانياهو.. والإستماع لنصر الله
وفيما نقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤول أميركي تأكيده ان إطار وقف إطلاق النار المكون من ثلاث مراحل في غزة جاهز للتنفيذ، والأطراف تتفاوض على التفاصيل المعقدة المتعلقة بتنفيذه، يواصل رئيس وزارة العدو نتانياهو “مناوراته” لنسف مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى التي جرت في مصر، اليومين الماضيين، وحققت تقدما بشأن مسألة تأمين الحدود بين مصر وقطاع غزة وإعادة فتح معبر رفح.
مظاهرات
وبالتزامن مع الحراك الدبلوماسي، إنطلقت عائلات الأسرى المحتجزين في قطاع غزة ونشطاء إسرائيليون، في مسيرة من أمام وزارة الدفاع في تل ابيب إلى مدينة القدس، في إطار الضغط على الحكومة الإسرائيلية للموافقة على صفقة لتبادل الأسرى. ورفع المشاركون في المسيرة شعارات تطالب الحكومة بالتوصل إلى صفقة تبادل، وقال هؤلاء أن الهدف من المسيرة هو التأكد من أن أحداً لا يعرقل صفقة تبادل الأسرى وألا يُسمح لنتانياهو بعرقلتها.
إرتفاع حصيلة الشهداء
في هذه الأثناء أعلنت وزارة الصحة في غزة أن الإحتلال إرتكب مجزرتين، وصل منهما للمستشفيات 50 شهيدا و54 مصابا خلال ال 24 ساعة الماضية، وبذلك إرتفعت حصيلة الضحايا إلى 38 ألفا و 345 شهيدا و88 ألفا و 295 جريحا منذ السابع من تشرين الأول الماضي.
جثث في الشوارع
وقال المتحدث بإسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل أن أكثر من 30 جثة شهيد، ما زالت ملقاة في شوارع حي الرمّال ومنطقتي الصناعة والكتيبة بمدينة غزة، حيث تواصل قوات الإحتلال توغلها وقصفها العنيف.
وأشار: إلى أن عشرات من المناشدات تصل الدفاع المدني من جرحى وعائلات محاصرة، لكنهم لم يستطيعوا الوصول إلى حي تل الهوا أو للمناطق المستهدفة بسبب إطلاق النار وقصف قوات الإحتلال.