كلير شكر – نداء الوطن
تتكثف الاتصالات واللقاءات الخارجية بحثاً عن علاج قد يحول دون لفظ الوضع الاقتصادي اللبناني أنفاسه الأخيرة، وها هو وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني يصل بيروت في جولة على المرجعيات الرسمية، بينما عادت الولايات المتحدة لوضع الملف اللبناني على طاولة اهتمامها من باب العمل على منع انهياره بالكامل، ولو أنّ بعض المواكبين لعمل الإدارة الأميركية مقتنعون أنّ واشنطن ستترك الهيكل اللبناني يسقط على رؤوس حامليه، لإعادة بنائه من جديد وفق قواعد مختلفة كلياً.
حتى الآن، تبدو الفرضيتان متساويتين في الفرص طالما أنّ المجتمع الدولي يترك الطابة بأيدي الطبقة السياسية، التي أثبتت أنّها تجيد سياسة اللعب على الحافة مستخدمة ورقة الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي لابتزاز الدول المعنية، على قاعدة: نحن أو الانهيار… فيما البركان يقترب من لحظة انفجاره والتي قد تطيح كل شيء. ولكن يبقى السؤال: أين السعودية من الحراك الدولي حيال لبنان؟
اذ بينما شاركت السفيرة الأميركية دوروثي شيا والسفيرة الفرنسية آن غريو في اجتماع السفراء والبعثات الدبلوماسية في السراي، الذي دعا إليه رئيس حكومة تصريف الأعمال لتوجيه نداء استغاثة لمساعدة لبنان، قبل أن يغرق بالكامل في الفوضى الاجتماعية والاقتصادية، كانت لافتة مقاطعة السفير السعودي وليد بخاري الاجتماع، ولو أنّ المتابعين لنشاط السفير في لبنان يؤكدون أنّ الأخير ستكون له في وقت قريب سلسلة مواقف تعبّر عن تطلعات بلاده تجاه الملف اللبناني.
ويتردد أنّ السفير السعودي سيشارك غداً في مناسبة ثقافية ستعقد في بكركي لتوقيع كتاب، وسيحرص خلالها على توجيه سلسلة رسائل للبنانيين تظهر عودة السعودية إلى الملف اللبناني، ولكن هذه المرة من بوابة “الكنيسة المارونية”، وهي إشارة معبّرة في توجهات المملكة المستقبلية.
في هذه الاثناء، يبقي رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري ورقة التكليف في جيبه، ولو أنّه يهوّل برفع بطاقة خروجه الحمراء من خلال الاعتذار عن التأليف، للمضي قدماً في مشروع التحضير للانتخابات النيايبة من خلال اعتماد الخطاب المعارض، الذي يسابقه الآخرون عليه، وكأنّ السلطة، ولسخرية القدر، تتجلى فقط في حكومة حسان دياب المستقيلة، التي لم تجد لها أباً يتبناها!
حتى الآن، لا موعد محدداً لإعلان آخر الكلام من جانب الحريري. لا بل ثمة من يذهب إلى حدّ الإشارة إلى أنّ الاعتذار، في ما لو حصل، لن يتمّ قبل أسابيع غير قليلة، ما يعني البقاء في حالة مراوحة قاتلة تنذر بمزيد من الويلات، متسببة بنزوح بشري غير مسبوق سيؤدي في وقت ليس ببعيد، إلى افراغ البلد من طاقاته وعناصره المنتجة.
ومع ذلك تحاول حكومة تصريف الأعمال تقطيع الوقت من خلال تحضير الآلية التطبيقية لوضع البطاقة التمويلية التي تمّ اقرارها في مجلس النواب، موضع التنفيذ والتي يفترض أن يستفيد منها حوالى 500 ألف عائلة، ستنضم إلى 250 ألفاً تستفيد من برنامجيّ مساعدة يتولى كل من الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي تمويلهما، بعد أن يتمّ توحيد معايير الدعم التمويلي لتصير 93.3 دولاراً لكل عائلة وفق المعايير التي سبق لوزراة الشؤون الاجتماعية أن وضعتها، حيث يُنتظر أن يتم نشر القانون في الجريدة الرسمية ليبدأ مشوار التفاوض مع البنك الدولي لتحويل وجهة بعض القروض لمصلحة البطاقة التمويلية، فيما تعمل اللجنة الوزارية المختصة المؤلفة من وزير الاقتصاد، وزير الشؤون الاجتماعية ووزير المال، على تثبيت المعايير التي سيتم على أساسها استثناء بعض العائلات اللبنانية من البطاقة التمويلية. وينتظر أن تواجه هذه البطاقة العراقيل في تجميع الداتا، وفي الحؤول دون استفادة العائلات من برنامجيّ دعم مختلفين، وفي رفع السرية المصرفية والتأكد من مطابقة المعايير التي سيتمّ وضعها.