“ليبانون ديبايت”
يَستشف المُراقب للحركة السياسيّة في لبنان أنّ لا ولادة حكوميّة قريبة، لا سيّما أنّ التشكيلة التي قدَّمها الرئيس المُكّلف نجيب ميقاتي على عجل أُجهضت قبل أن تتمّ يومها الأوّل، وباتَ مِن المُتعثّر حَمل تشكيلة جديدة بإنتظار ما تَحمله الرياح الإقليميّة والدوليّة من أجواء مُناسبة تُرافِق الولادة
والأسباب التي تَحول دون حِمل الرئيس ميقاتي تشكيلة جديدة، عديدة وفق مَعلومات على تماس مع المعنيين بالتشكيل:
-الحرب المُعلنة والمُستترة بأهدافها بين التيار الوطني الحرّ والرئيس ميقاتي والذي دفع بالأخير إلى تقديم تشكيلة “مُستفزة” يعلم مُسبقاً رفضها من قِبَل رئيس الجمهوريّة.
– إنتزاع حقيبة الطاقة من “التيار” بدون تقديم بديل دَسم يعني بحسب المصادر “فتح الجبهة مع الأخير وجرّ التشكيل إلى ملعب المُماطلة والتسويف إلى مشارف الإنتخابات الرئاسية.
إتفاق ضمني بين الرئاستَيْن الثانية والثالثة على عدم التنازل لـ “التيار” بهدف التشفي بعد موقف الأخير من إنتخابات رئاسة المجلس النيابي والإستشارات النيابيّة لتكليف ميقاتي تشكيل الحكومة، على إعتبار أنّ ا”لتيار” الذي اراد ترميم شعبيته بالوقوف في وجه بري وميقاتي يجب أنْ يتحمَّل نتيجة هذا التحدي للرئاستَيْن.
-صمت حزب الله وعدم إبداء رأيه بالتشكيلة الحكوميّة يُشكّل علامة إستفهام لأنّه لا يُمكن أنْ يكون الجواب هو إحتفاظه بوزرائه، فلو لم يَكن على يقين من أنّ التشكيلة لن تُبصر النور لكان تصرَّف بِما تُمليه مصلحته بالحفاظ على شريكه المسيحي من باب تعزيز التحالف وليس ضربه.
-إيحاء الرئيس ميقاتي بزيارة قريبة للقصر منذ الإثنين الماضي والتي لم تُترجم على أرض الواقع إلى اليوم، يعكس أن تقديم تشكيلة جديدة أمر مُستبعد وأنّ العقبات التي تَحول دون التشكيل لا زالت قائمة فلا لزوم لزيارة لن تأتي بجديد.
ترحيل اللقاء إلى ما بعد عيد الأضحى بات شبه مُؤكّد مع حزم الرئيس ميقاتي حقائبه والحجّ إلى المملكة العربية السعودية لتأديّة فريضة الحجّ علّ الله يُوفقه في التوّصل إلى تشكيلة تحمل “الروح العربيّة” وليس “الروح المُمانعة”.
-ميقاتي الذي لَن يؤثّر به التشكيل مِن عدمه ما دام يتربَّع على كرسي السراي وهو ليس بوارد إهداء الرئيس عون إنجازاً وإنْ “معنوياً” بأن يُشكل آخر حكومات العهد ويُنجز الإتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي قد يحمل إنفراجات على الصعيد الإقتصادي فيُسجل ذلك كإنجاز لهذا العهد.
– ميقاتي ليس مُتحمّساً لتشكيل حكومة قد لا تَعيش إلّا لأربعة أشهر أو أقل إذا جرى إنتخاب رئيس للجمهوريّة، ويُواجه بالتالي إحتمال عدم نيْل حكومته الثقة وإهتزاز مَوقعه بعد أن إهتزَّ سابقاً في إستحقاق التكليف.
وإزاء هذه المعطيّات يتيَّقن المُراقب أنّ لا حكومة جديدة بل إستمرار حكومة تصريف أعمال إلى حين الوصول للإستحقاق الرئاسي، وعلى ما يَبدو أنّ الرئاستَين الثانية والثالثة “طبختا الطبخة سوا” وتنتظرنا إستواءِها على مَهل أمّا مُكوّناتها فتقوم على دعوة رئيس مجلس النوّاب بعد الأول من أيلول إلى إنتخاب رئيس جديد للجمهوريّة، وبالتالي القضاء على العهد العوني بمُباركة دوليّة، لا سيّما “مُباركة فرنسيّة” لا يبدو أنها تستعجل تشكيل حكومة ولكنّها بالطبع ستكون لها لمساتِها على الشأن الرئاسي الذي يحظى مُستقبله بإهتمام بالغ من الأمّ الحنون.