كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
لم يجد «حزب الله» مبرراً لزيارة الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين المفاجئة، إلا لتحقيق مطلب إسرائيل بتخفيف ضرباته الموجعة على الداخل الإسرائيلي. لا جديد ولا تغيير في الموقف اللبناني، فما الذي دفعه للمجيء والهدنة لم تنضج بعد؟
بالتدقيق وبناءً على المعلومات، تبيّن أنّ هوكستين بدّل خطابه وعدّل اقتراحاته، بعد أن كان ربط جبهة الجنوب بوقف الحرب على غزة، تراجع متحدثاً عن إمكانية الفصل بين الجبهتين، قائلاً إنّ إسرائيل تفصل بين هاتين الجبهتين، وإذا لم يلتزم «الحزب» هذا الفصل، واستمر في عملياته ضدها فإنّ احتمال الحرب سيكون وارداً في أي لحظة.
بدا للموفد الأميركي أنّ المفاوضات من أجل الهدنة في غزة طويلة وشاقة ما يحتّم التوصل إلى اتفاق في شأن جبهة الجنوب بشكل منفصل. ولمّح إلى أنّ إسرائيل قد لا تشمل الجنوب بهذه الهدنة متى أعلنت. نصح باغتنام فرصة وبدء مفاوضات حول ترسيم الحدود الجنوبية. وبحسب ما تتحدث مصادر مطلعة على أجوائه وما حمله، فإنّ الموفد الأميركي حاول الحصول على إجابة وافية من «حزب الله» في شأن الجبهة الجنوبية مقدماً عروضاً بالجملة: سياسية تتصل بالرئاسة، وعسكرية تتصل بالتهدئة وترسيم الحدود. لكن «حزب الله» كان جوابه واحداً وهو رفض مباشرة مفاوضات من أي نوع قبل وقف العدوان الإسرائيلي على غزة.
وفي المعلومات، أنّ زيارة هوكستين جاءت على خلفية التصعيد الكبير الذي اضطر «الحزب» للردّ عليه بضربات موجعة لإسرائيل، ما اضطر الموفد الأميركي للقول إنّ المطلوب العودة إلى ما قبل السابع من تشرين من دون الإتيان على ذكر انسحاب قوات «الرضوان» أو غيرها من الشروط التي تحدّث عنها في زيارات سابقة. لمس «حزب الله» تبدلاً في اللهجة وتراجعاً في المطالب حيث صار المهم وقف الحرب انطلاقاً من جبهة الجنوب بأي ثمن.
لم تلقَ اقتراحات هوكستين تجاوباً من «حزب الله» الذي دخل الجبهة مسانداً غزة، ولن يكون في مقدوره التراجع أو القبول بالتفاوض على جبهة الجنوب بينما حرب غزة مستمرة. يدرك أنّ المباحثات شاقة ومعقدة وقد لا تصل إلى اتفاق قريب، ولكنه سيكمل في المواجهة مستعداً لكل الاحتمالات.
تعامل مع ما قاله الموفد الأميركي على أنّه مجرد تهويل، مستبعداً احتمال شنّ إسرائيل حرباً واسعة على لبنان. من ناحيته، سيلتزم في حال الهدنة، بوقف ضرباته من جبهة الجنوب وتوقعاته أنّ اسرائيل ستلتزم وتوقف اعتداءاتها، واذا لم تفعل فسيكون «حزب الله» مجبراً على الردّ وإن كان يجزم، حسب مصادره، بأنّه لا يريد حرباً ولا يسعى إليها.
وفي حالتيْ التحذير من الحرب، كما الضغط لفصل الجنوب عن غزة، فطروحات الموفد الرئاسي الأميركي غير قابلة للصرف. أما حديثه عن توسع الحرب فيندرج في خانة التهويل الذي اعتاد الموفدون الدوليون ممارسته منذ بداية الحرب. يصرّ الحزب على رفض أي بحث في الحدود أو التماهي مع أي عرض دولي ما لم تتوقف الحرب الإسرائيلية على غزة. ويؤكد أنّ التوصل إلى اتفاق على هدنة محتملة يمكن أن يطلق البحث في المراحل التي تلي، وإلا فلا يمكن وقف الجبهة بأي ذريعة.
يصرّ الحزب على المضي بربط الجبهتين ما دام الجنوب جبهة مساندة لجبهة غزة واستمرارها واجب طالما الحرب على غزة مستمرة، لكنه في الموازاة يؤكد أنّ هذه الجبهة ستتوقف متى أعلنت الهدنة في غزة، إلا إذا أصرّت إسرائيل على استكمال عدوانها وشنّ ضربات على الجنوب فحينها سيكون الردّ محتوماً، وقد يقود إلى مواجهة مفتوحة.
لا يريد «حزب الله» الحرب ولا يسعى إليها، ولكن متى أرادتها إسرائيل فسيخوضها ويفتح باب المواجهة على مصراعيه، لكن في تقديره أنّ إسرائيل ستلتزم الهدنة وتطبّقها على لبنان بالنظر إلى انعدام قدرتها على توسيع الجبهة والى الضغوط الأميركية التي تمارس عليها.