شعار ناشطون

الحريري يُغضب فرنسا رافضاً لقاء باسيل.. و”رسائل” لئلا يعتذر

06/05/21 09:31 am

<span dir="ltr">06/05/21 09:31 am</span>

منير الربيع – المدن

يطفو مجدداً جمع سعد الحريري وجبران باسيل عنواناً للخلافات كلها. وهذا بلا شك تبسيط للأزمة اللبنانية، وتسخيف للمبادرة الفرنسية، بصرف النظر عن من هو المحق ومن عليه الحق.

مبادرة لإنقاذ المبادرة

وتحتاج المبادرة إلى أي مبادرة لإنقاذ نفسها. وباريس تريد حكومة بأي شكل من الأشكال. والسعي إلى هذا الهدف غالباً ما يوقع أصحاب المبادرة بأخطاء كثيرة، تؤدي بهم إلى تغيير مواقفهم.

ولوّح الحريري بالاعتذار، فأظهر جبران باسيل بعضاً من النشوة. والمشهد كله من النوع الهزلي المتوهم تراجيدياً. فبمجرّد ظهور بوادر التباس أو عدم وضوح في جدول لقاءات وأعمال وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، ولا سيما في ما يتعلق بلقائه الرئيس سعد الحريري، حتى بدا أن هناك تغيّراً فرنسياً ما حيال الرئيس المكلف. وأصل المشكلة هو رفضه مسعىً فرنسياً متجدداً للقائه باسيل.

تصلّب الحريري
وفي الاتصالات لمعالجة مسألة عدم طلب لودريان موعداً من بيت الوسط، طُرحت فكرة لقاء الحريري–باسيل. وكان جواب الحريري أنه مستعد للقاء باسيل بعد تشكيل الحكومة، أما قبلها فلا حاجة لذلك، إلا إذا نظمت فرنسا لقاء لبنانياً جامعاً في قصر الصنوبر، تشارك فيه الشخصيات اللبنانية المختلفة.

ولم يتحمّس الفرنسيون للفكرة. وسأل الحريري عن فحوى لقائه باسيل، وهل يضمن الفرنسيون نتيجة اللقاء؟ أي تخلّي باسيل عن الثلث المعطل وعن تمسكه بتسمية الوزراء المسيحيين جميعاً. وأبدى الفرنسيون انزعاجهم من طرح الحريري هذا، لكنه أصر على عزوفه لئلا يحرق خطواته بلا نتيجة. فبدا كأنه لا يريد مراعاة الفرنسيين والتنازل لهم لعقد اللقاء.

وبدأ الانزعاج الفرنسي من الحريري عندما رفض لقاء باسيل، لمّا كانت دوائر الإيليزيه تحضر للقاء سابق بينهما. واعتبرت فرنسا أنه استند على موقف مصري، بعد طلبه مساندة القاهرة للتدخل لدى باريس.

وهذا ما دفع الفرنسيين إلى الحديث عن عقوبات والتلويح بفرضها على شخصيات محسوبة على تيار المستقبل. وغضب الحريري، معتبراً أنه قدّم كل التنازلات والتسهيلات المطلوبة لتشكيل الحكومة، ولا يمكن فرنسا أن تتعاطى وفق سياسة “كلن يعني كلن”، وتحميل المسؤولية للجميع، لأنها لا تريد أن تتخذ موقفاً واضحاً تحدد فيه المعرقلين.

وهكذا رفض الحريري أن يدفع الثمن، بنتيجة شروط باسيل واضطرار فرنسا إلى مراعاته.

مصادر قوة الحريري
دفعت هذه الأجواء السلبية الحريري إلى التعبير عن غضبه من الواقع، وصولاً إلى التلويح بالاعتذار. وهذا خيار حاضر في تفكير الحريري لكنه لم يحسمه بعد. فهو لا يريد أن يكون أول الخارجين من المشهد، والسماح لعون-باسيل بتسجيل انتصار عليه. ولا يريد أن يكون كذلك وجهاً من وجوه التطورات الحاصلة في المنطقة والإقليم: فتح أبواب التفاوض من الجهات وفي الاتجاهات كلها.

ويراهن الحريري في قراءته هذه على موقف تبلغه من الرئيس نبيه برّي: لا يمكن الابتعاد من المشهد، ولا بد من البقاء والعمل على تشكيل حكومة. وتشير معلومات إلى أن الحريري أبلغ حزب الله نيته الاعتذار، فلم يقدّم الحزب أي جواب أو إشارة واضحة.

وتلويح الرئيس المكلَّف بالاعتذار، يؤدي حتماً إلى التفاف سنّي حوله دعماً له: لقاءٌ يجمعه بالمفتي عبد اللطيف دريان، إلى إقدام رؤساء الحكومة السابقين على خطوة نحوه لثنيه عن قراره. وهذا إضافة إلى موقف نبيه برّي الداعم له، وموقف وليد جنبلاط الذي لا يرى عنه بديلاً.

وهناك أيضاً التمسك الروسي به، ومعلومات عن مساعي موسكو لإقناع باسيل بالتنازل، وتسهيل مهمة الحريري، وعدم تمسكه بتسمية الوزراء المسيحيين كلهم، وترك هامش لوزراء مستقلين. وهذا لأنه من غير المنطقي أن ينال رئيس الجمهورية 10 وزراء، فيما تكون حصة رئيس الحكومة 6 وزراء فقط.

الخطوة الأخيرة
ويسير مسار تشكيل الحكومة اللبنانية على إيقاع التطورات الإقليمية. لا أحد يغفل حسابات الإقليم، وخصوصاً اللقاءات السعودية-الإيرانية، والسعودية-السورية.

صحيح أن كثراً في لبنان يعتبرون الحريري الورقة الأضعف في هذه المعادلة، ويعزون ذلك إلى رفض سعودي ترؤسه الحكومة. وصحيح أن المنطقة تتأرجح على رمال متحركة، وقد تنقلب الأمور فيها رأساً على عقب. وهنا يكون على الحريري الإقدام على حركة ما. إذ لا يمكنه البقاء ثابتاً.

ثمة خطوة سيقدم عليها الحريري، وليس بالضرورة أن تكون الاعتذار، خصوصاً بعد تلقيه رسائل خارجية عربية وأجنبية تنصحه بعدم الإقدام على هذه الخطوة، وهناك من يشير إلى أن الحريري تلقى إشارة أميركية بهذا الصدد أيضاً.

تابعنا عبر