أضاع لبنان وقتاً كبيراً، ولم يَعُد باستطاعته الاستفادة لا من أموال مؤتمر “سيدر” الذي خرج من التداول منذ مدّة طويلة، ولا من أي مفاوضات أو محادثات مع وفود “صندوق النقد الدولي”. وهذا كلّه فيما تبدو كل الأفكار والطروحات المحلية المتعلّقة بالاقتصاد اللبناني، عقيمة، ومثل من يدور في حلقة مُفرَغَة.
تسوية كبرى
فهل بات مستقبل لبنان الاقتصادي، والمالي، والنفطي، رهينة تسوية كبرى على صعيد المنطقة؟ تسوية تُرسي استقراراً سياسياً، وأمنياً، واقتصادياً، على مستوى إقليمي كبير، يمكن للبنان أن يحصل على حصّته منه، وبغير ذلك، لا شيء سوى الفراغ، والتدهور، والمزيد من الانهيار؟
وهل بات مستحيلاً لنا أن ننتظم معيشياً وحياتياً، من دون تسوية إقليمية كبرى، تفرض الاستقرار والانتظام محلياً من خلال انعكاساتها على لبنان؟
يكره الفراغ
شدّد الوزير السابق آلان حكيم على أن “الأزمة في لبنان ليست اقتصادية، بل هي أزمة سياسية، سيادية، هيكلية، نظامية”.
ولفت في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى أن “الواقع الاقتصادي والمالي المحلّي شاذّ حالياً، وغير طبيعي، ومن دون أي ضوابط تقريباً. ولكن رغم ذلك، الاقتصاد يكره الفراغ، وهذا يعني أنه لا يمكن أن لا يكون هناك اقتصاد. والبرهان على ذلك، هو الحركة الاستهلاكية الموجودة في البلد. وفي هذا الإطار أيضاً، تحتّم زيادة التكاليف زيادة الأسعار، بينما تشكّل المنافسة ضابط الإيقاع في الأسواق. وهذا هو الواقع المتوفّر لدينا الآن”.
خطة اقتصادية؟
وأشار حكيم الى “تأقلُم الاقتصاد الرسمي في لبنان، مع الاقتصاد الأسود أو الغير شرعي. ومع الأسف، يبقى الاقتصاد الشاذّ أو الغير شرعي أكبر من الرسمي. وهذه الحالة ستكون مستمرّة ومُستدامة، طالما بقيَت حالة عدم الاستقرار والتلاعب بالنار بسبب الحرب في المنطقة، والى أن تتوفّر ملامح التوصُّل الى معادلة جديدة وواضحة، تُنهي الحالة الشاذّة المتمثّلة بواقع أن البلد مخطوف من قِبَل “حزب الله” الذي يسيطر على الدولة اللبنانية”.
وأضاف:”هذا هو الواقع الذي يتسبّب بإبعاد الاستثمارات والمساعدات العربية عن لبنان. وبالتالي، لا حلّ اقتصادياً ممكناً في الوقت الحاضر إلا بالتخلُّص من سيطرة “حزب الله” على الدولة، بموجب معادلة جديدة. فلا مجال للحديث عن أي خطة اقتصادية طالما بقيَت الحروب على أرضنا”.
الحلّ…
ورأى حكيم أنه “لا يمكن للحالة التي وصلنا إليها على صعيد المنطقة أن تستمرّ. فالتقاذف حاصل على كل جبهات الشرق الأوسط تقريباً، من البحر الأحمر عبر الحوثيين، مروراً بقناة السويس والبحر المتوسط، وصولاً الى الهجمات المتكرّرة على القواعد الأميركية في أكثر من مكان، والى المواجهات بين “حزب الله” وحركة “حماس” من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى”.
وختم:”يحتاج كل اللاعبين على تلك الجبهات الى حلّ، ولا يمكنهم الاستمرار على تلك الحالة. فإسرائيل ترزح تحت خسائر بشرية وعسكرية واقتصادية، وتحت ضغط النازحين من مناطقها الحدودية قرب لبنان وغزة. كما أن “حماس” بحالة مُزرية، فيما “حزب الله” مُربَك بالرأي العام اللبناني الرافض للحرب بمعظمه. ومن هذا المُنطَلَق، لا بدّ من الوصول الى معادلة جديدة. ولكن المهمّ هو أن لا تكون على حساب لبنان من الناحية السياسية والسيادية”.