
ملاك عقيل – اساس ميديا
25 بنداً على جدول أعمال جلسة مجلس الوزارء اليوم، وهي الأولى بعد نيل الحكومة ثقة 95 نائباً. البندان الأوّل والثاني، المتعلّقان بآليّة تنفيذ الإصلاحات وموازنة 2025 التي أقرّتها الحكومة السابقة ولم يناقشها مجلس النواب، يُشكّلان عصب العمل الحكومي إلى حين تحوّلها إلى حكومة تصريف أعمال، بعد الانتخابات النيابية المقبلة في أيار 2026. لكنّ الموضوع الأدسم هو التعيينات التي ستُطرح من خارج جدول الأعمال، كعادة الحكومات، وستُدشَّن بتعيين قائد جديد للجيش هو مدير العمليات العسكرية العميد رودولف هيكل.
إقرار الرزمة الأولى من هذه التعيينات، لن يتمّ في جلسة اليوم، لكنّه سيكون نتاج اتّصالات رئاسية بدأت قبل سفر رئيس الجمهورية جوزف عون إلى السعودية والقاهرة، واستتبعت أمس بسلسلة لقاءات ومتابعات، بعد عودته، شملت قصر بعبدا والسراي الحكومي وعين التينة. فيما تردّد عن لقاء سيجمع الرئيس عون بالرئيس نبيه برّي لاطلاعه على نتائج زيارته للسعودية والقاهرة، وسيتباحثان في ملفّ التعيينات.
قد يكون تعيين قائد الجيش هو الأسهل على لائحة التعيينات العسكرية والأمنيّة والماليّة والقضائية والدبلوماسية، التي لا يزال العديد منها معلّقاً حتّى لحظة الحسم في مجلس الوزراء. فاسم رودولف هيكل محسوم لدى رئيس الجمهورية حتّى قبل انتخابه، ولا فيتو عليه من أيّ طرف سياسي، وبشكل أدقّ لا يثير حساسيّة ثنائيّ “أمل” و”الحزب” باعتبارهما الطرفين المعنيَّين، بشكل أساسي، بمسار القيادة العسكرية الجديدة في مرحلة استكمال تطبيق آليّة القرار 1701، وانتشار الجيش اللبناني جنوب الليطاني، واستكمال مسار نزع سلاح “الحزب” في ظلّ الانتهاكات المستمرّة للعدوّ الإسرائيلي، وتكريس احتلاله لخمسة مواقع حدودية، وتمدّد شريطه العازل عدّة كيلومترات باتّجاه الداخل اللبناني.
حتّى لحظة الحسم في مجلس الوزراء. فاسم رودولف هيكل محسوم لدى رئيس الجمهورية حتّى قبل انتخابه، ولا فيتو عليه من أيّ طرف سياسي
دور هيكل في الجنوب
يمكن الجزم أنّه خلال تولّي رودولف هيكل (دورة 1994) قيادة اللواء الأوّل (صيدا) بدأ يبرز في الكواليس الضيّقة اسمه كمرشّح محتمل لخلافة جوزف عون في قيادة الجيش، إلى جانب أسماء أخرى. لاحقاً، “اختمر” الاسم أكثر بحكم الواقع والظروف ومراكمة الخبرة العسكرية على أرض الجنوب واكتمال ملامح شخصيّته العسكرية والعملانيّة التي توصف بـ”الصلبة”. ثمّ عُيّن قائداً لقطاع جنوب الليطاني خلفاً للعميد مارون قبيّاتي، وهو ما أتاح له الاحتكاك بشكل أوسع مع الخارطة الجنوبية الحسّاسة، إن من خلال العلاقة مع قوّة “اليونيفيل”، أو الواقع الميداني لـ”الحزب” على الأرض، أو احتياجات الجيش.
التعيينات
بعدئذٍ عُيّن هيكل مديراً للعمليات العسكرية في قيادة الجيش، خلفاً للعميد جان نهرا، ولا يزال في هذا الموقع حتّى لحظة تعيينه قائداً للجيش وترقيته إلى رتبة عماد.
كان هيكل على تماسّ مباشر مع اللجنة التقنيّة الخماسية المولجة مراقبة وقف إطلاق النار، وواكب مراحل انتشار الجيش منذ توقيع الاتّفاق في 27 كانون الثاني، وتمديده حتّى 18 شباط، ثمّ تنفيذ الانسحاب الإسرائيلي والإبقاء على عدّة مواقع ومساحات حدودية محتلّة. وقاد من موقعه، في قيادة العمليات العسكرية، المهمّات غير المرئية للجيش، وهي سحب سلاح “الحزب” بالتنسيق مع “اليونيفيل” في جنوب الليطاني والبقاع والضاحية الجنوبية.
سيكون هيكل القائد الخامس للجيش، بعد اتّفاق الطائف، وسيخلف قائد الجيش السابق جوزف عون، الذي كان قائداً للفوج التاسع قبل تعيينه عام 2017، وكان نتاج خيار شخصيّ للرئيس السابق ميشال عون، في ظلّ معارضة النائب جبران باسيل. واليوم يحظى هيكل بدعم أميركي لتعيينه، وموافقة سعودية وأوروبية.
إذاً التوافق السياسي على اسم رودولف هيكل محسوم. لكنّ الشكليّات قد تقود إلى رفع وزير الدفاع ميشال منسّى ثلاثة أسماء إلى مجلس الوزراء. ولم يعرف هل يُتّخذ القرار بالتوافق أو بالتصويت. كما تضاربت المعلومات إذا التعيين سيحصل اليوم من خارج جدول الأعمال، أو يؤجّل إلى الأسبوع المقبل.
قد يكون تعيين قائد الجيش هو الأسهل على لائحة التعيينات العسكرية والأمنيّة والماليّة والقضائية والدبلوماسية، التي لا يزال العديد منها معلّقاً
ملء الشّواغر العسكريّة
فور حصول التعيين، سيُصار إلى ملء الشواغر في المجلس العسكري في قيادة الجيش، أي المدير العامّ للإدارة، المفتّش العامّ، والعضو المتفرّغ. فيما يضمّ المجلس حالياً ضابطين بالأصالة فقط هما: رئيس الأركان اللواء حسّان عودة الذي يتولّى حاليّاً مهمات قائد الجيش بالوكالة، والأمين العامّ للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد مصطفى. يمارس المجلس مهمّاته حاليّاً بموجب موافقة استثنائية من رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي.
مدير جديد للمخابرات
يُمَهّد هذا التعيين لرفع المجلس العسكري اسم مدير المخابرات الجديد إلى وزير الدفاع لتعيينه بقرار وزاريّ. مع العلم أنّ مدير المخابرات الحالي العميد طوني قهوجي الذي كان من ضمن المرشّحين المحتملين لقيادة الجيش، وهو أيضاً من دورة 94، يستطيع البقاء في موقعه. إذ لا مشكلة في التراتبية بعد ترقية هيكل لرتبة عماد، لكنّ “المشكلة” في مكان آخر، إذ يفضّل الرئيس عون، وفق المعلومات، اختيار مدير مخابرات جديد، لكنّ الأمر لم يُحسَم بعد وقد يبقى في موقعه.
هكذا فور عودة الرئيس عون من جولته الخارجية نشطت الاتّصالات في ما يخصّ ملفّات التعيينات، ولم يُحسم حتّى الآن. كان تعيين قائد الجيش في جلسة اليوم، أم يحصل التعيين مع رزمة ملء الشغور في حاكمية مصرف لبنان ومديرية الأمن العامّ، أم تشمل الرزمة، أيضاً، تعيين بدلاء عن الضبّاط الموجودين بالأصالة في مواقعهم اليوم، أي المدير العامّ لقوى الأمن الداخلي والمدير العامّ لأمن الدولة.
تردّدت معلومات عن أنّه قد يتمّ اختيار أحد القادة الأمنيّين “السابقين” ليكون من ضمن السفراء من خارج الملاك، الذين سيعيّنهم مجلس الوزراء، بعد التمديد المؤقّت للطاقم الحالي.