أمام “إيدال” خياران، إنتظار الحلول لمعاودة المهمّة التي أنشئت لأجلها، بصرف النظر عن المدى الزمني الذي قد تستغرقه تلك الحلول، والتذرع بواقع الحال على قاعدة أنّه يفوق قدراتها، أو اللجوء إلى الإبتكار والبحث عن بقعة ضوء وسط العتمة، لجذب استثمارات رغم كل شيء. ماذا اختارت؟
استثمار الودائع
في قائمة برامج “إيدال”المبتكرة لمواكبة المرحلة، مشروع غير مسبوق موجّه لأصحاب الودائع والشركات في آن، يدعى Business Matchmaking Platform أو منصّة ملاءمة الأعمال. فكرة المشروع إنطلقت من سعي المودعين لتهريب ودائعهم المحتجزة في المصارف،لاستثمارها في قطاعات أخرى خوفًا من خسارتها. بالمقابل وجدت “إيدال” أنّ المصانع والشركات بحاجة إلى أموال لتستمر في عملها،خصوصًا بعد توقّف المصارف عن إعطاء القروض، انطلاقًا من حاجة الفريقين لبعضهما البعض، أي المودع والمصنع، فعمدت “إيدال” إلى جمعهما. بذلك يستثمر المودع وديعته في مصنع أو شركة ما، ومن شأن ذلك أنّ يوفّر للمصنع حاجته للتمويل، ويوفّر للمودع قطاعًا يستثمر فيه أمواله، والأهم أن المستثمر سيتقاضى أمواله نقدًا، كون معظم الشركات مُصدِّرة إلى الخارج. “إيدال” درست واقع هذه الشركات والمصانع، وأجرت تدقيقًا مفصًّلا في أرقامها خلال السنوات العشر الاخيرة، واختارت لمشروعها شركات قويةً ومعروفةً في السوق ولا غبار عليها.
تعوّل “إيدال” على مشروعها الجديد، وتنظر إليه بأنّه سيشكّل نقلة نوعيّة، من شأنه أن يطوّر الشركات ويوفر فرص عمل ويحرّك الدورة الإقتصادية. حضّرت “إيدال” لإطلاق مشروعها في شباط الحالي، ورغم الإنتهاء من إنجازه، حصل تأخير في الاعلان عنه، بسبب جائحة كورونا وما فرضته من إقفال.
إعفاءات للمتضررين من إنفجار المرفأ
لتداعيات إنفجار الرابع من آب حصّة في برنامج “إيدال” لعام 2021، بحيث تمّ تحضير مرسوم، لإدخال كلّ المشاريع والمحال الواقعة في محيط إنفجار المرفأ ضمن مشروع “إيدال”،كي يستفيد هؤلاء من الإعفاءات الضريبية لمدة سبع سنوات قابلة للتجديد.
حوافز وإعفاءات ضريبية بنسبة 50 في المئة
في ظل تدهور سعر الليرة اللبنانية، بات لبنان من البلدان ذات الرسوم الضريبيّة المتدنّية. لاستغلال هذا الواقع في تشجيع المستثمرين،لبنانيين مغتربين وأجانب، عمدت “إيدال” إلى طرح تخفيض المعايير والمتطلبات بنسبة 50% عما كانت عليه، إنطلاقًا من مبدأ أنّ الإستثمار لا يتحقّق من دون حوافز، خصوصًا أنّ التحفيزات الموجودة لم تعد تجذب المستثمر في زمن الأزمات. على سبيل المثال تمّ تخفيض عدد الموظّفين المطلوب للإستثمار في قطاعات معينة من 15 موظفًا إلى 5 موظفين فقط، بعدما بدا أنّ معدّل اليد العاملة يشكّل عائقًا أمام المستثمرين، لاسيّما أنّ التطور التكنولوجي بدّل مفهوم وحجم اليد العاملة.
مساعدة المزارعين في تصدير منتوجاتهم
الترويج للصادرات اللبنانية والتسويق لها، لا سيّما المنتجات الزراعية والصناعات الغذائية، يأتي في صلب عمل “إيدال”، لهذه الغاية استحدثت أجندة زراعية لمساعدة المزارعين على تطوير أعمالهم، وإيجاد أسواق جديدة لمنتجاتهم.
قبل جائحة كورونا كانت إيدال تقوم بالمهمة من خلال المشاركة في دعم المشاركة اللبنانية في معارض دولية، وإتاحة الفرصة أمام المزارعين وأصحاب الصناعات الغذائية للتعرف على أسواق جديدة. بعد كورونا استبدلت المعارض بلقاءات عبر الإنترنت، بموجبها تعمل “إيدال” مع البعثات اللبنانية في الخارج، ومع الملحقين الإقتصاديين في السفارات اللبنانية، ومع السفارات الأجنبية في لبنان، لفتح أسواق جديدة للمصدّرين. مصادر في “إيدال” أكّدت أنّ هذه اللقاءات تحقّق مبتغاها، وباتت تجذب عددًا لا بأس به من المشاركين من كبار المصدّرين، وتلقى إصداءً إيجابية. كما تعمل “إيدال” على التواصل مع كافة الدول الخليجية بقصد فتح أسواق خليجية أمام اللبنانيين، وبالفعل لقيت تجاوبًا من هذه الدول، ولكن جائحة كورونا فرضت إيقاعها السلبي، الذي انعكس تراجعًا في الأسواق المحليّة والأجنبيّة.
استشارات قانونية وضرائبية
أنشأت “ايدال”وحدة دعم الأعمال Business Support Unit (BSU)، من خلالها تهتم المؤسسة بتوفير كلّ المعلومات للشركات، سواء أكانت كبيرة متوسطة أم صغيرة، بما في ذلك الإستشارات القانونية والضرائبية، بشكل مجاني، وبذلك لا تتحمل الشركات أعباء الإستعانة بمكاتب قانونية. كما تواكب “إيدال” المستثمرين في مسار عملهم، فتشكل في غالب الأحيان وسيطًا بينهم وبين ، كافة الوزارات المختصّة لتسهيل حصولهم على الأوراق والمستندات المطلوبة.
ورشة وزارية
بقصد تطوير المراسيم القديمة لتحاكي متطلبات المرحلة وتشجّع على الإستثمار، نظّمت “إيدال” ورش عمل أسبوعية مع وزراء السياحة والاعلام والإقتصاد والصناعة والزراعة، كلّ على حدة، خلصت إلى صيغة تطويرية.
طلاب الجامعات
في سياق برنامجها للعام 2021 توجّهت “إيدال” إلى الطلاب نظرّا لدورهم المستقبلي في النهوض بالبلد، وعقدت اتفاقيات مع إدارات الجامعات، لإرسال طلابها إلى المؤسسة وإشراكهم في برامج تدريبية، بشأن كيفية جذب الإستثمارات إلى لبنان والمحافظة على الإستثمارات الموجودة وتطويرها.
على رغم المشهدية السوداوية التي تطبع المرحلة الراهنة، هناك إمكانية لتوفير فرص من رحم الأزمات، وكون الإستثمار في بلد مثل لبنان هو عصب أساسي للنهوض بالاقتصاد من جديد،آن الأوان لنسلك مسار تطوير صناعاتنا المحلّية، لعلّ الإزمة تمثل جسر عبور من الإقتصاد الريعي إلى المنتج.