على شفير الفشل
أكدت مصادر خاصة بقناتي “العربية” و”الحدث” في واشنطن من داخل وخارج الإدارة الأميركية أن واشنطن لا تملك سياسة جديدة تجاه لبنان، وما زالت تبدي الالتزام ذاته منذ سنوات طويلة، لكن الأميركيين وصلوا مثل دول عديدة إلى قناعة “خطيرة” وهي أن الدولة اللبنانية هي دولة “معطّلة بالكامل” وربما تكون على مسافة خطوة من كونها “دولة فاشلة”.
هذه القناعة تجعل من المساعي الأميركية في لبنان محاولات يائسة، مع فهم مسبق لدى الأميركيين أن ما يريدون القيام به لن يتحقق.
زيارة دايفيد هايل كانت بحدّ ذاتها محاولة يائسة، فهو سفير سابق في لبنان ويعرف اللبنانيين عن قرب وهم يعرفونه، وأرسلته الإدارة في الأيام الأخيرة من عمله كوكيل لوزارة الخارجية، فالسفيرة فكتوريا نولاند تستعد لأخذ موقعه في وزارة الخارجية.
هايل أيضاً ذهب إلى لبنان وهو يعرف أنه يحمل موقفاً أميركياً بدون وسائل ضغط على الأطراف اللبنانيين، وأقتصر الموقف على المطالبة بتشكيل حكومة قادرة على الإصلاح.
لا عقوبات قريباً
لكن اللافت أن الأميركيين يكررون الآن بشكل علنّي أكثر من أي وقت مضى، أنهم سيعترفون بأي حكومة يشكّلها اللبنانيون وهم سيتصرفون تجاهها تماماً كما تصرفت الإدارات السابقة، أي أنهم سيتعاطون مع أعضاء الحكومة من غير أعضاء حزب الله، وسوف يقاطعون الوزراء من حزب الله.
إلى ذلك، يتحدّث الأميركيون بتناقض واضح حول مسألة العقوبات على اللبنانيين وحزب الله. دايفيد هايل قال في بيروت خلال زيارته إن “أولئك الذين يواصلون عرقلة تقدّم أجندة الإصلاح، يغامرون بعلاقتهم مع الولايات المتحدة وشركائها ويعرّضون أنفسهم للإجراءات العقابية”.
لكن مصادر “العربية” و”الحدث” في العاصمة الأميركية أشارت إلى أن إدارة بايدن ستتأخّر في العودة إلى سياسة فرض العقوبات.
فالإدارة الحالية تعتبر أن سياسة الضغط على حزب الله وشركائه في لبنان حدثت في السنتين الأخيرتين من ولاية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، والإدارة الحالية ستُعطي نفسها الوقت الكافي لإعادة استعمال هذه الوسيلة للضغط على حزب الله وعلى الأطراف المناصرة له.
لا يعني هذا تغييراً في موقف واشنطن القانوني والمبدئي من حزب الله، فهو “تنظيم إرهابي” لكن ممارسة الضغوطات من خلال العقوبات ليست في جدول الأعمال للأشهر الأولى من ولاية جو بايدن.
لا نريد الفوضى
ويعطي الأميركيون الانطباع أنهم باتوا يقبلون بالقديم، وبمشاركة حزب الله في الحكومة لتحاشي السقوط في هوّة أعمق ولخوفهم من أن تقع الفوضى في الجمهورية الصغيرة، فالهمّ الأميركي هو إيران والسلاح النووي، ولبنان مشكلة تابعة للمشكلة الكبيرة، والاهتمام ينصبّ على “قضايا أخطر” على المنطقة.
المال والجيش
إلى ذلك شدّد الأميركيون على أن جزءاً من مهمة دايفيد هايل في لبنان كانت للتأكد من بعض المعطيات المالية، وقد أمضى وقتاً مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة “لفهم عمق المشكلة وأساليب حلّها”.
ينفي الأميركيون أن يكون لقاء المسؤول الأميركي مع حاكم المصرف المركزي موقفاً سياسياً، أو غطاء أجنبياً لشخصية مصرفية. لكنهم يؤكدون أن المشكلة جاءت من الهدر الحكومي ومن استغلال مالية الدولة ومن التهريب على الحدود ويجب أن تحصل الإصلاحات ليستقيم الوضع المالي.
وربما يكون الشيء الوحيد الذي يوحي بالأمل لدى الأميركيين هو موقفهم الإيجابي من مؤسسة الجيش اللبناني، وقد شدّد قائد المنطقة المركزية الجنرال كينيث فرانك ماكنزي على ذلك خلال إيجاز صحافي في البنتاغون يوم الخميس. فبعد انهيار كل شيء في لبنان، يحرص الأميركيون على التعامل مع هذه المؤسسة وسيعملون على استمرارها فهي عامل استقرار في لبنان.