جاء في الحدث.نت:
لم يسلم أي قطاع أو مرفق حيوي من تداعيات الأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان منذ خريف العام 2019 والتي تجلّت بتدهور العملة المحلية التي خسرت نحو تسعين في المئة من قيمتها مقابل الدولار ما أدى إلى تراجع القدرة الشرائية لدى اللبنانيين.
وشكّل انفجار المرفأ في 4 آب الماضي الذي خلّف أكثر من مئتي قتيل وآلاف الجرحى فضلاً عن خسائر جسيمة بالأملاك العامة والخاصة، الفاجعة الأكبر، حيث فاقم أرقام الهجرة في عدد كبير من القطاعات، لاسيما أصحاب الكفاءات وحملة الشهادات.
ومع أن الهجرة ليست ظاهرة جديدة على المجتمع اللبناني، إلا أن أرقام المهاجرين من العاملين في القطاعات الأكثر حساسيّة تعكس ما هو أخطر بكثير من هذا الاستنزاف التقليدي، وتؤشر إلى “فقدان” لبنان لنخبته على المدى الطويل، وهو ما يُعرف بـ”هجرة الأدمغة”.
هجرة 1200 طبيب
ففي القطاع الطبّي الذي لطالما شكّل “النموذج” في المنطقة وجعل لبنان طيلة عقود “مستشفى الشرق” نسبةً إلى خيرة طواقمه الطبّية المشهود بكفاءتها ومستواها، أصبحت الهجرة ملاذاً وحيداً أمام الأطباء بعدما أرهقتهم تداعيات الانهيار المالي المُتسارع والضغط المتواصل منذ بدء تفشّي فيروس كورونا، ثم انفجار المرفأ.
وكشف نقيب الأطباء في لبنان شرف أبو شرف لـ”العربية.نت” “أن 1200 طبيب غادروا لبنان في الأشهر الأخيرة بسبب الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة”.
كما أضاف: “معظم المغادرين من الأطباء هم من أصحاب الكفاءات والخبرة أو ممن تخرّجوا حديثاً من الجامعات، وهذا يُشكّل خسارة كبيرة”.
إلى ذلك، أوضح “أن قسماً من هؤلاء غادروا لبنان مع عائلاتهم في اتّجاه الولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبا ما يعني أن عودتهم صعبة جداً، في حين أن الأطباء الذين تخرّجوا حديثاً اختاروا دول الخليج للاستقرار”.
ولا يبدو أن هجرة الأطباء ستتوقّف، إذ إن أعداداً أخرى متوقّع أن تغادر في الأشهر المقبلة كما أكد أبو شرف، لأن لا شيء يُبشّر بالخير، والأوضاع إلى مزيد من التأزّم”.
الممرضات أيضاً
وكما الأطباء كذلك الممرضون والممرضات، حيث غادر عدد مماثل منهم (1200 ممرض وممرضة) وفق تقديرات النقيبة الدكتورة ميرنا أبي عبد الله ضومط لـ”العربية.نت”، مضيفة “العدد يزيد يومياً والوجهات متعددة منها دول الخليج وأميركا وكندا وأوروبا”.
كما لفتت إلى “أن من هاجر إلى أوروبا اصطحب معه عائلته، وهم بمعظمهم من حملة الشهادات الجامعية وأصحاب خبرة لا تقل عن خمس سنوات، وهذا بحد ذاته يُشكّل أكبر خطر على القطاع الصحي في لبنان”.
وأوضحت “أن الممرضين والممرضات الذين هاجروا إلى أوروبا وأميركا وكندا لن يعودوا إلى لبنان أقلّه في السنوات المقبلة، في حين أن الذين توجّهوا إلى دول الجوار وقّعوا عقود عمل تمتد حتى خمس سنوات، وهذا للأسف نزيف خطر سبق وحذّرنا منه منذ أشهر”.
إلى ذلك، أسفت “لأن المستشفيات لا تُحافظ على الممرضين والممرضات ولا تُعطيهم حقّهم بشكل كافٍ”.
المهندسون إلى الخليج وإفريقيا
كذلك، أعلن نقيب المهندسين في بيروت جاد تابت لـ”العربية.نت” أن عدداً كبيراً من المهندسين تركوا البلاد في الأشهر الأخيرة، مضيفا أن انفجار 4 أغسطس ضاعف الأرقام.
وأشار إلى “أن هؤلاء توزّعوا على وجهات ثلاث: دول الخليج، إفريقيا وأوروبا”.