
المشهد العقاري في الشرق الأوسط يتغير بسرعة، ووراء هذا التغيير وقود جديد يتمثل في رؤوس الأموال الخاصة، والمكاتب العائلية، وجيل جديد من المستثمرين الأثرياء. من دبي إلى مكة وقطر، الطلب على العقارات الفاخرة في ازدياد، ومعه تتبدّل الأولويات—من العائد المادي إلى نمط الحياة، ومن الاستثمار التقليدي إلى المشاريع ذات الطابع المستدام. في هذه المقابلة، نغوص في الأسباب، ونكشف التوجهات الجديدة التي تعيد رسم خريطة الاستثمار العقاري في المنطقة، مع بثينة البيتي – شريكة ورئيسة قسم رأس المال الخاص والشركات العائلية، في نايت فرانك.
كيف شكل رأس المال الخاص المشهد العقاري في منطقة الشرق الأوسط، ولماذا أصبح هذا الأمر ذا أهمية متزايدة إلى جانب الصناديق السيادية؟
• رأس المال الخاص والشركات العائلية لها دور جوهري في تنمية الثروات في المنطقة وتشكل جزءاً رئيسياً من اقتصاديات الدول – سواء كانت من خلال مساهمتها في الناتج المحلي أو خلق الوظائف… إلخ.
• من خلال النمو في الثروات الذي شهدناه في الآونة الأخيرة فإن عدد الأثرياء، الذين تتجاوز ثرواتهم 30 مليون دولار، في المنطقة زاد بمعدل 6% ليصل إلى 19ألف شخص تقريباً.
• أدى ذلك إلى نمو ملحوظ في قطاعات عدة، مثل العقارات السكنية الفاخرة، والمنازل ذات العلامات التجارية، في دلالة واضحة على التطور الشامل الذي يشهده القطاع العقاري.دبي أصبحت وجهة عالمية للعقارات الفاخرة، ما هي العوامل التي تقف وراء هذا الطلب الكبير من ذوي الثروات العالية؟
خلال العقد الماضي نما عدد الأثرياء بمعدل 98%. إذ انتقل 7,200 مليونير إلى دبي في 2024 فقط.
طبعاً هناك العديد من العوامل التي أدت إلى أن تكون دبي مدينة جاذبة مثل: عدم وجود ضريبة على الدخل، البنية التحتية المتطورة، جودة الحياة وما إلى ذلك.
ساهمت هذه العوامل في تسجيل أرقام غير مسبوقة بلغت 435 صفقة في مبيعات العقارات التي تتجاوز قيمتها 10 ملايين دولار. كما أن هناك توجهاً نحو المجتمعات السكنية التي تركز على الصحة والعافية والطبيعة.هناك اهتمام متزايد من قبل المستثمرين المسلمين في السوق العقارية السعودية، خاصة في المدن المقدسة. ما الذي يدفع هذا الاتجاه؟
هناك 506 من الأثرياء المسلمين في 9 بلدان أغلبيتها من المسلمين (نحو 84% من الأثرياء المسلمين في العالم) يتطلعون إلى امتلاك عقارات في المملكة. هناك 2 مليارا دولار استثمرا في العقارات في السعودية خاصة في مكة والمدينة المنورة. والحقيقة أن هذا الطلب ليس فقط بسبب العوائد المرتفعة التي يتوقعها المستثمرون، بل يرتبط أيضاً بعوامل دينية وروحية.
كما أن المبادرات الجديدة مثل تأشيرة الإقامة المميزة التي ترتبط بامتلاك عقار، أسهمت بشكل كبير في جذب المزيد من الاستثمارات.
سوق العقارات في قطر تشهد نمواً ملحوظاً بين المستثمرين الخليجيين. ما هي العوامل التي تقف وراء هذا الاتجاه؟
حسب دراسة نايت فرانك وجدنا ما قيمته 537 مليون دولار من رأس المال الخاص الخليجي يتم توجيهها إلى قطر.
لقد ساهمت التحولات التي حدثت في نمط الحياة بعد كأس العالم، إضافة إلى تحسينات في البنية التحتية مثل المترو والمطار باستثمار 330 مليار دولار، وهناك تزايد أيضاً في عدد العقارت السكنية ذات العلامات التجارية التي تستقطب المزيد من المستثمرين، ما يعكس قوة السوق القطرية.
هناك حديث متزايد حول نقص المنازل الفاخرة في دبي. كيف يؤثر ذلك على مستقبل تطوير العقارات في المدينة؟
هنالك نقص كبير في المنازل التي تتجاوز قيمتها 5 ملايين درهم في دبي، ما يعزز الطلب على هذا النوع من العقارات. إذ يركز المطورون الآن بشكل أكبر على مشاريع تلبّي هذا الطلب، مثل المجتمعات السكنية التي تركز على الفخامة والجانب الصحي.
ومن المتوقع أن يستمر هذا النقص في دفع الأسعار للارتفاع.
المكاتب العائلية أصبحت لاعباً رئيسياً في السوق الاستثمارية في الشرق الأوسط. كيف يؤثر ذلك على سوق العقارات؟
في السنوات الأخيرة، هناك تحول كبير في كيفية هيكلة المكاتب العائلية من الشكل غير الرسمي إلى الشكل الأكثر احترافية، ما يساهم في تعزيز مكانتها في السوق.
وهناك أيضاً زيادة في الطلب على هيكلة الثروات عبر الحدود من خلال مراكز مالية مثل مركز دبي المالي العالمي وسوق أبوظبي العالمية.
هذا التحول يعكس الأجيال الجديدة من المستثمرين الذين أصبحوا يركزون على التنويع والاستثمار في المشاريع ذات التأثير الاجتماعي.
كيف يغير الأثرياء الشباب أولويات الاستثمار في منطقة الشرق الأوسط؟
أصبح الجيل الجديد من الأثرياء مهتماً بالاستثمار في قطاعات جديدة مثل التكنولوجيا والاستدامة، فضلاً عن الاهتمام بالمجتمعات السكنية التي تركز على الصحة. كما أن هناك تزايداً في رغبتهم في بناء محافظ استثمارية متنوعة تشمل فرصاً عالمية، تتجاوز القطاعات التقليدية مثل النفط والغاز.