
منير الربيع – المدن
في الداخل الحسابات انتخابية. أما في الخارج، فعلى الرغم من الرهان الغربي الواضح على الاستحقاق الانتخابي، إلا أن الشروط الدولية المعلنة تطال مجمل الملفات اللبنانية، التي يراها المجتمع الدولي “داهمة”. فعلى الرغم من التأكيد الدائم والدوري حول ضرورة إجراء الإنتخابات النيابية والرئاسية في مواعيدها، يبقى هناك إصرار على ضرورة اتخاذ لبنان لسلسلة إجراءات جذرية، تتعلق بإنجاز خطة الإصلاح المالي والاقتصادي، وتطبيق القرارات الدولية لا سيما القرارين 1559 و1701.
وهي شروط تدرجّت من البيان الفرنسي السعودي المشترك، إلى تقديمها وفق صيغة مبادرة خليجية حملها وزير خارجية الكويت، ومؤخراً تبناها مجلس الأمن الدولي في آخر جلسة عقدها للبحث في الملف اللبناني.
استنزاف سياسي
تلك الإحاطة التي قدمها أعضاء مجلس الأمن، تؤشر إلى أن الأزمة الأكبر في لبنان هي سياسية، وتوجب على اللبنانيين التزام سياسة النأي بالنفس، وتحييد لبنان عن صراعات المنطقة، وعدم استمرار أحد الأفرقاء بالتورط في حسابات خارجية.
وتضع الإحاطة الدولية لبنان على سكة واضحة، وأنه لا مجال للخروج من أزماته إلا بحل سياسي يفترض أن تتوفر مقوماته الداخلية والخارجية في آن. وهي لا بد لها أن تتحقق من خلال اتفاق إقليمي، لا يزال غير ظاهر. لكنها بلا شك مرحلة تقتضي الكثير الاستنزاف السياسي، وسعي كل طرف لتعزيز أوراقه التفاوضية.
“مفاوضة” إسرائيل
وهذا ما يتطابق مع الرسالة التي سلمها لبنان إلى الأمم المتحدة حول ملف ترسيم الحدود، وردّه على الرسالة الإسرائيلية. ما يعني الدخول في نزال ديبلوماسي جديد من خلال التلويح باستخدام الخطّ 29 في إطار تعزيز شروط لبنان التفاوضية. والهدف من ذلك، العودة إلى طاولة المفاوضات، ورفض الإملاءات الإسرائيلية. وهذا يبقى بانتظار ما سيحمله المبعوث الأميركي لشؤون الطاقة، آموس هوكشتاين، خصوصاً أن لبنان أبدى استعداداً للرد على إسرائيل، التي تحاول تطويقه ومنعه من القيام بأي عمليات تنقيب داخل مساحة 860 كلم مربع، والتي يعتبرها لبنان حقاً له، ويطالب بالمزيد.
مجلس الأمن واليونيفيل
في المقابل، أضفت إحاطة مجلس الأمن الدولي حول وجوب التزام لبنان بالقرارات الدولية، مؤشراً جديداً على عمق الأزمة السياسية التي يعيشها البلد، وعدم حصرها في ملف اقتصادي أو خطة إصلاحية، ولتؤكد أن المدخل الأساسي للخروج من الأزمة يبقى سياسياً، لا سيما أن مجلس الأمن، وفي ضوء تعيين قائد جديد لقوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان، أكد على ضرورة احترام عمل اليونيفيل وتوفير الحماية لها ومنع أي اعتداء عليها.
هي إشارة إلى الإصرار الدولي على استمرار قوات اليونيفيل بمهامها في الجنوب اللبناني، والتزام دولي بذلك، مع مطالبة الحكومة اللبنانية بضرورة التحقيق في أسباب الاعتداءات التي تعرضت لها دوريات تابعة لليونيفيل في الفترة الأخيرة، وضرورة محاسبة المعتدين. وهذا بحدّ ذاته مؤشر تصعيدي أيضاً، يحمّل الحكومة المزيد من المسؤوليات، وكأنه يضع شروطاً جديدة أمامها لتكتسب الرعاية الدولية أو ليستمر الدعم المعنوي لها.
أما بحال لم تتمكن الحكومة من ذلك، فإن الغطاء الدولي سيسحب شيئاً فشيئاً. والمؤشر الأساسي على ذلك سيكون منطلقاً مما سيتحقق في ملف ترسيم الحدود، خصوصاً أن كل الأجواء الدولية تفيد بأن الغطاء الأميركي الممنوح للحكومة يرتبط بإنجاز هذا الملف، والذي بحال استمر تعثره ولم يصل إلى أي نتيجة قبل الانتخابات النيابية، وفي حدود شهر آذار المقبل، وفق ما أعلن هوكشتاين نفسه، فذلك يعني المزيد من الضغوط الدولية على البلد.