كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
في ظلّ الفراغ المريب على كل المستويات يمكن لزيارة أمين عام جامعة الدول العربية أن ترتدي أهمية بالغة، وأن تنسج حولها أخبار وتحليلات منها المتعلّق بالإتفاق الإيراني – السعودي ومنها المتعلّق بانتخابات الرئاسة في لبنان ودور الجامعة في انتخاب رئيس لبناني ماروني. في ظلّ الفراغ أيضاً وأيضاً تصبح زيارة السفير المصري الذكي واللمّاح ياسر علاوي إلى بنشعي للقاء المرشح الرئاسي سليمان فرنجية خبراً أول ولو كانت ديبلوماسية بروتوكولية منسّقة سابقاً وحالت دونها ظروف خاصة.
لا أحد في لبنان يريد أن يقتنع أنّ أبو الغيط زار لبنان لهدف أساسي وهو المشاركة في مؤتمر تعقده اليونسكو بالمشاركة مع جامعة الدول العربية وأنّ الأمين العام لجامعة الدول العربية حضر من دون مبادرة تتعلّق برئاسة الجمهورية، وأنه قام بجولة بروتوكولية على المسؤولين شملت الرئيسين نبيه برّي ونجيب ميقاتي. ولأن لا رئيس للجمهورية ولا مسؤول مسيحياً على رأس السلطة حالياً، لا ضير أن تقام مأدبة يحضرها نوّاب من كتل مسيحية أساسية لسدّ الفراغ. وتكون مناسبة للتباحث في الشأن الرئاسي من بابه الواسع ويحلّ تفاهم مار مخايل بين «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» طبقاً رئيسياً يستسفر عنه المسؤول العربي ليتأكّد من أنّه «إنتهى».
لا شيء جديداً يحمله الأمين العام أحمد أبو الغيط على مستوى رئاسة الجمهورية أبعد من توصية بانتخاب رئيس للجمهورية ونصيحة باستغلال الظرف الذي يعتبره مؤاتياً لتوافق داخلي لبناني على اسم المرشح الرئاسي.
تثمّن الجامعة العربية الإتفاق الإيراني – السعودي الذي حقّقت فيه الصين نجاحاً يحتسب لصالحها. أي إتفاق بين دولتين جيد ولكن الخوف من ردة فعل دول الغرب فإن عارضت الإتفاق يعني إستمرار الأزمة، وإن مرّرته بلامبالاة فهذا جيد، أمّا إذا رحبت فيعني أن الأمور سلكت بإيجابية. وفي تقديره إنّ أول الإنعكاسات للإتفاق الإيراني- السعودي سيكون في اليمن قبل أي بلد آخر لذا يمكن للبنان أن يقتنص الفرصة ويعمل على التوافق الداخلي لانتخاب رئيس، لعلّها الفرصة المناسبة التي تؤمن له الخروج من المأزق الذي رآه المسؤول العربي بالغ الخطورة إذا ما استمرت الأوضاع على حالها في ظل الفراغ الرئاسي.
وقد دعا أبو الغيط اللبنانيين إلى انتخاب رئيسهم لتحظى خطوتهم بدعم جامعة الدول العربية مشدداً على أنّ الدول العربية تولي أهمية لانتخاب الرئيس الماروني في لبنان وضرورة أن يكون نتاج قرار لبناني صرف للموارنة كلمتهم الرئيسية فيه.
وتطرّق البحث إلى القمة العربية التي لا يزال تاريخ انعقادها في أيار، موضع بحث بين الدول العربية المعنية وأولها السعودية التي ستستضيف القمة، وفي ما يتعلق بعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية أكد أبو الغيط أنّ الموضوع قيد المتابعة ولكن خطواته التنفيذية لم تنضج بعد ومن المبكر الحديث عن تاريخ للعودة. غادر أبو الغيط واعداً باستمرار جهود الجامعة بالمساعدة في انتخاب الرئيس في لبنان من خلال مساعٍ يبذلها مساعده حسام زكي.
غادر الموفد العربي وعلق مصدر وزاري على الحراك الذي شهده لبنان خلال الساعات الماضية سواء لناحية التحرك العربي أو زيارة وفد «العمل الأميركي من أجل لبنان» (فورس تاسك فور ليبانون) برئاسة السفير السابق إدوارد غابرييل بأن لا جديد رئاسي بعد وأنّ الأمور تراوح مكانها.
حظي وفد العمل الأميركي هو أيضاً بترحيب لبناني واسع وعُلم أن نائباً بيروتياً نظم على شرفه حفل عشاء كان موضع خلاف لتزاحم النواب على استضافته والمشاركة حيث يكون ضيفاً.
وفي تعليقه على زيارة وفد الجامعة العربية وتشديد أمينها العام على ضرورة انتخاب رئيس لأن لبنان في مرحلة خطرة، قال مسؤول لبناني إنّ الجامعة ليس لديها إقتراح حل للبنان وأن موقف أمينها العام جاء في سياق الإجابة عن سؤال. لم يجد المسؤول ما يقوله فنظم جملة مفيدة حمّالة أوجه. غادر وبقي صداها يتردد.
منذ أعلن عن الإتفاق السعودي مع إيران غرق لبنان في صمت مريب لالتقاط أنفاسه. وأي خطوة على مستوى إنتخابات الرئاسة لم تسجل بل مجرّد مواقف عامة. لعل نقطة الضوء في زيارة وفد الجامعة العربية أنّه حرك الجمود وساعد المسؤولين في فهم أبعاد إتفاق بكين. أمّا التطور الأبعد والأخطر فقد استمر على مستوى إرتفاع غير مسبوق بسعر صرف الدولار، والعيون شاخصة باتجاه مثول حاكم المصرف المركزي رياض سلامة أمام وفد القضاة الأوروبي وبينهما يستعد رئيس الحكومة لزيارة الفاتيكان وقد آل على نفسه ألا يبقى رئيساً للحظة واحدة بعد انتخاب الرئيس.