كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
يتسلّح الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي بما يروّج له عن وجود دعم دولي لمهمته الحكومية، في حين أن الجميع ينتظر نتائج الإيجابيات التي تُبثّ وتتحدّث عن سرعة في التأليف.
لا يزال الرئيس ميقاتي ضمن المهلة المعقولة لتأليف الحكومة، وهو لم يُلزم نفسه بمهلة زمنية معينة لإنجاز المهمة الموكلة إليه، ليس لأنه غير مستعجل على التأليف أو أن البلاد لا تحتاج حكومة، بل لأن الغريزة الطائفية التي تُسيّر ميقاتي وغيره من السياسيين تفرض عليه ألّا يضع مهلاً على قاعدة أن الدستور لا يُلزم رئيس الحكومة السنّي بمهلة معينة للتأليف.
وعلى هذه القاعدة يسير ميقاتي المدعوم من دار الفتوى ونادي رؤساء الحكومات السابقين، والذي بدأ بمواجهة العقبات مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومن خلفه رئيس “التيار الوطني الحرّ” صهره النائب جبران باسيل.
وفي سياق الحديث عن دعم دولي لمهمّة ميقاتي، فإن إتصال نائب وزير الخارجية الروسية وموفد الرئيس بوتين إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ميخائيل بوغدانوف الخميس الماضي أتى في إطار التشاور في المستجدات الحكومية بعد تكليف ميقاتي.
ووفق المعلومات، فإن الروس يدعمون ميقاتي في مهمته تحت عنوان المطلوب حكومة في لبنان في أسرع وقت لتبدأ مسيرة الإصلاح وإلا فالوضع ذاهب نحو جحيم حقيقي.
ويُعرف عن الدول الكبرى أنها تتعامل ببراغماتية ولا يهمّها الأشخاص بل السياسات العامة، من هنا فإن موسكو كانت من أكبر الداعمين للرئيس سعد الحريري في مهمّته وحاولت فتح أبواب الرياض أمامه لكنها لم تنجح في المهمة.
وبقيت موسكو على موقفها الداعم للحريري، لكن الأشهر الأخيرة شهدت غضباً روسياً على الحريري من أدائه في ملف التأليف وتعامله بشخصانية خصوصاً في ما يتعلّق بعلاقته بالرئيس عون وباسيل، وعدم تقديره للظروف الصعبة التي تمرّ بها البلاد.
وهل هذا يعني أن موسكو تخلّت عن الحريري؟ يأتي الجواب من مصادر ديبلوماسية مواكبة لحركة التأليف، لتؤكّد أن الحريري هو الحليف الإستراتيجي الأول لموسكو في لبنان والتي تطمح للحفاظ على علاقاتها معه، لكن هذا شيء وعدم تأليف الحكومة شيء آخر.
من هنا، فإن الموقف الروسي لم يتغير لكنه أكثر واقعية، إذ إن موسكو تعلم جيداً أن الحريري غير قادر على إتمام المهمة، لذلك فإن تنحّيه وإفساح المجال أمام ميقاتي قد يفتح باب الحلول.
و رغم الأجواء التفاؤلية، إلا ان هناك حذراً شديداً في موسكو التي تعتبر أن العقبات التي واجهت الحريري قد تواجه ميقاتي، لذلك ستتباطأ عملية تأليف الحكومة ما سيسرّع تدهور الوضع.
وإذا كانت موسكو تدعم ميقاتي في مهمته، فإن الموقف الروسي ما زال كما هو، فما ينطبق على الحريري ينطبق على ميقاتي، فروسيا مع أن يؤلّف الحكومة بأسرع وقت ممكن من دون ثلث معطّل لأحد ويجب أن تكون الحكومة حكومة إختصاصيين مستقلّة.
تجري روسيا اتصالات دولية مع الدول المعنية بالملف اللبناني وعلى رأسها فرنسا، وهي لا تزال مع أي تسوية بين الأفرقاء الداخليين، وذلك لحماية الأمن والإستقرار، لكنها في المقابل تعتبر أن الحلّ ما زال بعيد المنال نظراً إلى العقبات الداخلية والعقد الخارجية الموجودة.