جاء في “المركزية”:
أبعَد من التَّوقيف والاستجواب ومصادرة المساعدات الإنسانيَّة التي كان يحملها المطران موسى الحاجّ، يبدو واضحاً ممّا عبَّر عنه النائب محمد رعد من تخوينٍ عالي النبرة للبنانيّين، ليرفُدَه الأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله برفض الحديث عن معايير لرئيس الجمهوريَّة، أنَّ هناك انقِضاضاً على الكيان اللُّبناني بهُويّتهِ الحضاريَّة، والاشتباك على ما يظهر سيتصاعَد بين الكنيسة المارونيَّة وأبنائها من كُلّ الطّوائف الحريصين على الهويّة والكيان، وبين محور الممانعة وحلفائه حتّى من المسيحيّين الذين لاذوا بالصّمت.
وفي هذا السّياق المأزوم، يعتبر مصدر كنسيّ أن “لا تسوية على حساب ثوابت البطريركيّة المارونيّة الأخلاقيّة، والرعويّة، والوطنيّة، وزمن الحوار غير النّديّ بمعنى محاولة تدوير الزّوايا قد ولّى إلى غير رجعة، وقد نكون أخطأنا في اعتبار أنّ لا بدّ من تدوير زوايا في مراحل ما، لكن تمّ استغلال صفاء نوايانا لضرب معنى وجودنا وعلّته، وانسياقنا للنّضال من أجل تاريخنا ووطننا، وطن العيش معاً. وقد أخطأ الآن من يريد التّهويل علينا بفائض قوّة وإعطاءنا دروساً في الوطنيّة، ونحن نعلم عنده تحديداً الخلل في ما يقوم به وبمن يأتمر. وبالتالي العودة عن الخطأ فضيلة، والتّوبة أساس في أيّ محاولة جديّة لإحقاق العدل بعد هذا الإعتداء الصّارخ على حُرمَة الأداء الرّعويّ الإنسانيّ الشفّاف”.
وفي أبعد من هذه المقاربة الكنسيّة، يقول مصدرٌ مطّلع على الديبلوماسيّة الفاتيكانيّة أنّ “الخطوط الحمر سقطت في ما يُعنى بسياسة الاحتواء الهادئة التّي تمّ تبنّيها، إنطلاقاً من منطق الإبقاء على جسور حوارٍ إيجابيّة بالحدّ الأدنى مع الجميع، لكن على قاعدة ثوابت لبنان الحريّات وحقوق الإنسان والتّعدّديّة والعيش معاً، وبالتّالي ما جرى يؤشّر إلى تأكيد فاتيكانيّ على الاستمرار في مواجهة من يريد تغيير هويّة لبنان واختبار شعبه التاريخي، والوقوف إلى جانب الكنيسة المارونيّة كما كلّ القوى الفاعلة وطنيّاً أساسيّ في هذه المرحلة”.
ويضيف المصدر: “هذا ليس اصطفافاً ولا فرزاً، بل خيار واجب إذ إنّ ما جرى دمّر ما يصطلح على تسميته بثقافة القانون، لصالح فرض خيارات إنتهازية وتوزيع تُهم بالعمالة غير مقبولين شكلاً ومضموناً.
من هنا، فإنّ لكلّ أصدقاء لبنان في العالم الحرّ دورا في هذه المرحلة التّاريخيّة للمساهمة في تحرير لبنان من براثن من يسعى إلى تدميره”.
من الجليّ، بالاستناد إلى ما سبق، أنّ الكنيسة في لبنان ومعها الفاتيكان يستعيدان زمام مبادرة تحرير وطن الرّسالة مهما غلت التّضحيات، وعلى القوى المجتمعيّة الحيّة فَهم طبيعة الصّراع الوجوديّ والابتعاد عن التكتيك السياسيّ غير المجدي.