كتبت راجانا حمية في “الاخبار”:
الاستعصاء. تبدو هذه العبارة، اليوم، الأنسب لوصف ما يجري في «قطاع» الدواء، مع استحالة الوصول إلى حلولٍ تُعفي المرضى من فقدان أدويتهم الأساسية. يوماً بعد آخر، تترسّخ الأزمة أكثر فأكثر. أدوية كثيرة مفقودة اليوم بشكلٍ كلّي من السوق وأخرى يوزّعها الوكلاء وأصحاب المستودعات بـ«الحبّة» على الصيدليات، رغم أن معظمها مما لا يمكن للمرضى الاستغناء عنه.
في الأيام القليلة الماضية، علت صرخة الأطباء والمستشفيات إثر التقنين القاسي في أدوية البنج، ولا سيما دواءَي propofol وesneron وغيرهما، ما اضطر المستشفيات إلى تعليق العمليات الجراحية الباردة والاكتفاء بتلك الطارئة. اليوم، وصلت «الموسى» إلى المختبرات، الخاصة والتابعة للمستشفيات، مع الشحّ الكبير في الكواشف الطبية (مواد كيميائية تُستخدم في التحاليل المخبرية)، وفقدان بعض الأنواع منها، ما أدى إلى «إلغاء» بعض الفحوص الطبية أو الامتناع عن إجراء فحوص أخرى لـ«التوفير» في الكواشف، أو في أحسن الأحوال إرسال الفحوص الضرورية إلى الخارج، مع ما يعنيه ذلك من مصاريف كبيرة.
ولإطالة «عمر» الكواشف المخبرية الموجودة حالياً، قرّرت المستشفيات أخيراً الامتناع عن استقبال مرضى من غير مرضاها لإجراء فحوص في مختبراتها، وذلك «لتوفير الكواشف للمرضى داخل المستشفى»، على ما يقول نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون. إذ لا مفرّ من «التقنين» لضمان علاج «من هم في المستشفى والذين تُعدّ حالاتهم الطبية أدقّ». ويُرجع هارون القرار إلى التقنين الذي يمارسه أصحاب المستودعات ومستوردو المستلزمات الطبية بدورهم، بسبب «احتجاز معاملاتهم في مصرف لبنان، إذ يعمد هؤلاء إلى تشحيل الطلبيات أو بيعها على أساس السعر غير المدعوم».