شعار ناشطون

وقف الحميدي الخيري بطرابلس مشروع إنساني وصحي يخفف آلام الناس في هذه الظروف الصعبة وبدأ إستعداداته لبناء مستشفى يسد حاجات الناس

18/04/23 12:57 pm

<span dir="ltr">18/04/23 12:57 pm</span>

ليلى دندشي 

الوقف الحميدي الخيري في منطقة الزاهرية بطرابلس بأهدافه وتقديماته ورسالته الإنسانية والدينية والصحية والطبية إضافة إلى أنشطته التعليمية، هو ولا شك “منارة” تفخر بها طرابلس وعموم الشمال نظرا لما تقدمه هذه المؤسسة من خدمات في شتى الميادين وهي أشد ما تحتاجه الفيحاء في الظروف والأوضاع المعيشية والإقتصادية والتربوية الصعبة التي تعيشها المدينة وأهلها وعموم اللبنانيين الذين باتوا في أشد الحاجة لمثل هذه المشاريع الخيرية وخدماتها المجانية في وقت بلغت فيه “المعاناة” لدى كافة فئات المجتمع حدودا ليس بالإمكان تخطيها بسهولة للحصول على حبة دواء أو لقمة طعام!! ووسط غياب شبه كامل للمؤسسات الرسمية بفعل الأزمة التي يتخبط فيها البلد منذ سنوات.
هذا المشروع الخيري بإمتياز قصدناه للإطلاع على تقديماته وطرحنا التساؤلات والإستفسارات “دون حرج” على رئيس مجلس أمناء وقف الحميدي الخيري الشيخ وليد علوش، بحضور ومشاركة عضو اللجنة الطبية بالمركز البروفيسور منذر حمزة ..

وفي مستهل اللقاء نسأل فضيلة الشيخ وليد علوش عن فكرة تأسيس وقف الحميدي وعن المرحلة الأولى في بناء هذا الصرح؟ فيجيب وقف الحميدي أساسا هو لجنة مسجد الحميدي التي تاسست سنة 1977 على يد مجموعة من خيرة رجالات المدينة، وذلك بعد أن قرر سماحة المفتي حسن خالد (رحمه الله) إنشاء ما يسمى “لجان المساجد” فظهرت عدة لجان لإدارة مساجد طرابلس وكان من أنشطها لجنة مسجد الحميدي التي أسسها المغفور لهم : سميح عدرة وشفيق بركة والحاج نجيب عويضة والحاج حلمي ياسين والحاج أحمد الشهال والحاج المرحوم محمد بركة وأكرم عويضة، هذه الثله من الافاضل أسسوا لجنة جامع الحميدي وطوروا العمل ليشمل القضايا الإجتماعية وتوزيع المساعدات وبالنسبة لي إنتسبت للجنة سنة 1987 .
أضاف: عند ذاك خطر ببالنا أن ننشىء “وقف الحميدي الخيري” كون هي لجنة للمسجد الحميدي وأن نفعّل العمل في هذا الوقف كونه شخصية معنوية وبالتالي أصبح أعضاء إدارة الوقف هم أعضاء في مجلس أمناء الوقف وقد تحلّى أعضاء المجلس بآمال كبيرة عند التأسيس وكلهم توفوا رحمهم الله ونحن الذين كنا في الصف الثاني تابعنا الحملة وأوصلناها إلى بر الأمان.

ويتناول الشيخ علوش الأنشطة وما يقوم به الوقف حاليا فيقول: إهتماماتنا تشمل النواحي الإجتماعية والصحية والتربوية ، وأقمنا بيت الزكاة التابع للوقف وهو يكفل 1400 عائلة في النواحي الصحية والطبية من معاينات وأدوية وتحاليل وصور شعاعية وهم من سكان طرابلس والميناء ونقوم بتقديم مساعدات مالية لهم بمقدار 500 الف ليرة لكل عائلة كدعم مالي كما نوزع موادا غذائية على المكفولين.

وعن الدور الصحي والخدمات الطبية يقول: لدى المركز حاليا 160 الف ملف لمرضى مسجلين في المركز يعني هناك 10% من سكان الشمال مسجلين في المركز من طرابلس والقلمون والكورة والضنية والمنية وعكار.
أما عن الشأن التربوي فيشير: نحن نقوم بدعم لطلاب”البروفيه” وكل سنة ننظم 3 أشهر لتعليم المواد الأساسية كالرياضيات والفيزياء والعلوم والتعليم هو مجاني، وننظم دورات كومبيوتر، وفي هذا العام تسجل  لدينا حوالي 900 تلميذ وتلميذة نفذوا دورات صيفية مدت كل منها 6 أسابيع، ونقيم أيضا دورات تعليم للغة الإنكليزية تضم 850 تلميذ وتلميذة من المتوسط حتى الجامعة وهي مجانية ويقوم بالتدريس أساتذة إختصاصيين، وفي مقدمة كل ذلك هناك دورات لتحفيظ وتعليم القرآن الكريم لأبنائنا، فبدل أن يبقى هؤلاء في الشوارع نقوم بتدريسهم شؤون دينهم الحنيف، ونعلمهم مكارم الأخلاق.

وعن المساعدات التي يقدمها وقف الحميدي يقول: أنشطتنا ولله الحمد هي كثيرة ومختلفة ومثلا عن ذلك ما قمنا بتأمينه من مساعدات للمتضررين من أهالي تركيا وسوريا أثناء الزلزال الذي ضرب تلك المناطق مؤخرا حيث بلغت قيمة هذه المساعدات 145ألف دولار امريكي وساهمنا في إعادة ترميم لبيوت إحترقت في طرابلس كما نقوم بتوزيع الأضاحي وتقديمات أخرى.

ونسأله هل يقتصر زوار المركز على أبناء المسلمين أم ان أبوابه مفتوحة أيضا لإستقبال أبناء الجوار المسيحي؟ فيقول: ديننا علمنا أهمية التعاون والتواصل مع جيراننا فكيف إذا كان هذا الجوار هو حارة عُرفت بإسم “حارة النصارى” والحي الذي يقوم فيه المركز هو “شارع الكنائس” الذي لا مثيل له في أي مدينة سواء في لبنان أو دنيا العرب، لذلك جيراننا هم من المكفولين من قِبل مركز الحميدي تماما كما المسلمين، لاتفرقة بينهم ونحن وإياهم جيران وديننا أوصانا بهم ونحن لا نميز بين مسلم وغير مسلم، وهو يأمرنا بتقديم المساعدة للجميع من دون تفرقة لا ثقافية ولا دينية ولا مذهبية.وما ورثناه عن اهلنا من قيم المحبة والتضامن هم ايضا ورثوه عن آبائهم وأجدادهم،وابواب المركز وخدماته بتصرفهم.

ويجيب الشيخ وليد ردا على سؤال: هناك حاليا 16 ألف مريض يتم معاينتهم في المركز شهريا . ويتم توفير التحاليل اللازمة وتقديم الخدمات الطبية بمختلف أنواعها وتمتاز بجودة عالية إلى جانب المساهمة في تغطية جزء من  تكاليف الطبابة في المستشفيات الخاصة، وكذلك ما يتعلق بالتصوير والأشعة والمعاينات على مستوى عال، والدكتور منذر هو احد اعضاء اللجنة الطبية المشرفة على المختبر.

من جهته يقول الدكتور حمزة بهذا الشأن: الفريق العامل في المختبر أعضاؤه على مستوى عال من الكفاءة وهم من طلابنا في كلية الصحة- الجامعة اللبنانية ودائما نحن نختار الأوائل للعمل في المختبر الذي تتوفر فيه التجهيزات الحديثه ؛ يضاف لذلك المراقبه الداخليه لجوده النتائج وأيضا المراقبه الخارجيه عبر الإشتراك مع مؤسسات دوليه .

يجري المختبر كافة انواع التحاليل المطلوبة في مجال التشخيص البيولوجي الذي يطلبه الأطباء سواء من داخل المركز او من خارجه وذلك وفق اعلى معايير الدقه والجوده.

وعن الخدمات الطبية وانواعها في المركز يقول الشيخ علوش: الخدمات عديدة وفي مقدمها المعاينات والتصوير فبينما الكلفة في مراكز التصوير الخاصة هي 30$ بينما في المركز التكلفة هي 60 ألف ليرة، وبالتالي نحن نعاين أكثر من 16 ألف مريض بالمكز شهريا وبالتالي نحن نقدم 16 الف خدمة للبلد وإذا كان المركز يلبي في السابق حاجات الطبقة الوسطى، فالبلد كله اليوم وفي هذه الظروف الصعبة قد أصبح بأجمعه طبقة وسطى، وما نتقاضاه هي بدلات متدنية تحسسا بأبنائنا وعائلاتنا علما أن لدينا حولي 100 موظف وموظفة بدوام كامل و50 طبيبا من مختلف الإختصاصات إضافة إلى 50 موظف يعملون نصف دوام و100 وبالتالي فميزانية المركز كبيرة جدا .
وعن العلاقة بين مركز الوقف الحميدي والمعهد العالي للدكتوراه في العلوم والتكنولوجيا في الجامعه اللبنانيه وايضا كلية الصحة يقول الدكتور حمزة: لقد تم  توقيع إتفاقية مع المعهد عام 2017 هي الثانية و تضمنت تجديد العمل بالاتفاقية الأولى بالإضافة إلى التعاون في مجال البحوث العلمية، عبر استفادة أساتذة الجامعة وطلابها من المنشآت والمرافق والنظام المتكامل في متابعة المرضى في “مركز الحميدي الطبي الخيري”.
ويضيف:لقد تم وضع جهاز “المالدي توف” (MALDI-TOF) الذي اشتراه وقف الحميدي والذي يقوم بتعريف دقيق وسريع جداً (خلال دقيقتين) لأكثر من 3500 نوع من البكتيريا و260 نوعاً من الخمائر والفطريات، بالإضافة إلى تشخيص سريع للجراثيم في بعض العينات العائدة للمرضى وتحديد لوجود مقاومة لدى البكتيريا للمضادات الحيوية، وضع هذا الجهاز بتصرف مختبر ميكروبيولوجيا الصحة والبيئة التابع للمعهد العالي للدكتوراه في الجامعة اللبنانية ولكليه الصحه في طرابلس.
ويوضح الدكتور حمزة: انه بسبب الإنقطاع في التيار الكهربائي تم نقل هذا الجهاز إلى مركز الحميدي للإستفادة من ديمومة التيار الكهربائي فيه نظرا لحساسية هذا الجهاز والذي يتطلب وجود الكهرباء بصورة مستمرة لإجراء”التبريد اللازم” حفاظا على متابعة العمل دون مشاكل.يضاف لذلك دعم مشاريع تخرج طلاب الماجستير وايضا دعم بنك السلالات الجرثوميه غي المختبر.
ثم عرض د حمزه للدور الكبير الذي قام به وقف الحميدي مع جمعيه سنابل النور حيث شكلا خليه أزمه لدعم فروع الجامعه اللبنانيه لتمكينها من العوده للتعليم الحضوري وبالتالي عوده ١٥٠٠٠ طالبه وطالب للصفوف ..وهذا ما كان( الكلف فاقت المئه الف ؛ كانت مناصفه بين الجهتين)..هذه الخطوه تظهر بوضوح تمتع هذه المؤسسات بحس انساني واجتماعي واستراتيجي عالي المستوى ..
وعن حاجة المركز للمساعدات المادية والمالية نفى الشيخ علوش تلقي اي مساعدات من الخارج وأن المركز يواصل تقديم خدماته بدعم من اهل المدينة فقط ومؤخرا تلقى المركز مساعدات من بعض أبناء المدينة الذين يعملون في الخارج. ونحن نؤمن أن (البلد الذي لا يستطيع إدارة مؤسساته ووقوفها على رجليها فإنه لا يستحق هذه المؤسسات). وإذا كان بلدي لا يقدر أن يقيم ويشغّل مركزا طبيا فالبلد بالنتيجة لا يستحق مثل هذه المؤسسة الإنسانية.
وتابع: نحن أنشأنا صندوقا خاص للزكاة، فيأتي الناس ويتبرعون ومن أموال هذه الصدقات نقوم بدعم العجز لدى المركز الطبي وتأمين تطويره، وقبل ذلك كان المركز الطبي يكفي نفسه بنفسه ولكننا إضطررنا إلى زيادة عطاءاته فأصبحنا مضطرين إلى تخفيض الأسعار من جهة وتغطية خسارة المركز من خلال الصدقات التي تأتينا من أموال الزكاة.
وفي ختام هذا اللقاء يتوقف الشيخ وليد علوش عند المشروع المستقبلي للوقف الحميدي والهادف إلى إقامة مستشفى جامعي في طرابلس فيقول: هذا المشروع هو إستراتيجي بالنسبة للمدينة سيما وأن طموحنا يشمل توفير 1000 فرصة عمل بشكل مستدام لهذا المشروع.
ويضيف: وحتى لا يبقى هذا المشروع “حبرا على ورق” فإننا إشترينا ارضا مساحتها 9500 مترا مربعا ب 4 مليون و700 ألف $ في المكان الممتد ما بين جامعة العزم والملعب البلدي في طرابلس، وتعاقدنا مع ?شركه خطيب وعلمي للقيام بالدراسات الهندسية المطلوبة ودفعنا المبلغ المطلوب كاملا وهو 760 ألف $، ولكن تعلمون أن الوضع الذي ألمّ بلبنان قد إنعكس جمودا في مختلف المجالات الحياتية والإنشائية ومنها التوقف عن متابعة هذا المشروع حاليا سيما وأن معظم الشركات المعنية بمسائل البناء والتجهيزات قد إضطرت إلى إغلاق مراكزها واللجوء إلى الخارج على امل ان يستتب الوضع قريبا وتعود لمزاولة عملها في لبنان، وعند ذاك يمكننا ان نعود إلى إستكمال مشروعنا وتكون الخرائط والدراسات الهندسية قد إستكملت لنبدأ بالحفر ووضع حجر الاساس وننطلق في المشروع الذي ننتظره جميعا وتنتظره فيحاؤنا وشمالنا وننجح بإذن الله تعالى.

تابعنا عبر