جاء في “المركزية”:
مع عودة البابا فرنسيس من رحلة “التوبة” الى كندا وإعلان دوائر الفاتيكان عن زيارة سيقوم بها في أيلول الى كازاخستان، باتت التساؤلات مشروعة في لبنان عن مصير الرحلة التي كانت مقررة في حزيران الماضي الى بيروت وتمّ إرجاؤها، لدواع تتصل بالحالة الصحية لقداسته.
مصادر عليمة على معرفة بشأن الزيارات البابوية افادت “المركزية” أن زيارة لبنان رُحّلت إلى أجل غير مسمّى، ولم يُحدد لها موعد وليست مدرجة حتى على جدول الزيارات المعلنة، وإن لم تُلغى، وأسباب التأجيل عديدة ومنها ما يتصل بالدواعي الصحية التي كانت وراء تأجيل زيارته الى الكونغو وجنوب السودان. أما زيارة كندا فعاد منها متعباً لأنها كانت زيارة طويلة نسبيا. إضافة الى ان البابا يستعد لتعيين كرادلة جدد آخر شهر آب. وابتداء من تشرين الاول وما بعد، ينهمك الفاتيكان بارتباطات لها علاقات بأمور كنسية تستوجب حضور البابا شخصياً.
إن البابا البالغ من العمر 85 عاماً، يعاني صحياً من إصابة في الركبة، وذكر أمام الصحافيين، في طريق عودته من كندا على متن الطائرة، أنه كان بالكاد يستطيع أن يخطو بضع خطوات، ويجلس على كرسي متحرك معظم الوقت. وتحدث عن إمكان تنحيه من منصبه لكن ليس الآن”.
وأضاف: “لا أعتقد أنه يمكنني أن استمر بإيقاع السفر نفسه، كما كنت من قبل”. وأضاف أن مشكلة الركبة لا تحلّ إلا بالجراحة وهو غير راغب فيها ثانية، بعد الجراحة التي خضع لها لعلاج مشاكل في القولون قبل أكثر من عام بقليل. وأضاف أنه لا يزال يرغب في السفر. وربما يتعين التخطيط لرحلاته على نطاق أضيق قليلا”.
وتشير معلومات “المركزية” الى ان البابا اختار عدم إلغاء رحلة كندا نظرا لأهميتها وما تعنيه للحبر الأعظم للاعتذار عن المأساة التي حصلت بين نهاية القرن التاسع عشر وتسعينات القرن العشرين، من خلال تسجيل عدد كبير من اولاد السكان الأصليين قسرا في أكثر من مدرسة داخلية مدعومة من الدولة وتدير معظمها الكنيسة الكاثوليكية، بعد فصلهم عن أسرهم ولغتهم وثقافتهم.
أما رحلة كازاخستان فقصيرة، للمشاركة في مؤتمر حول الحوار بين الأديان، في الفترة ما بين 13 و15 أيلول. وقال مدير دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي ماتيو بروني في بيان إن البابا سيتوجه “إلى كازاخستان لزيارة مدينة نور سلطان لمناسبة المؤتمر السابع لقادة الأديان العالمية والتقليدية”. وهي المرة الأولى التي يشارك فيها حبر أعظم شخصياً في هذا المؤتمر، وان كان الفاتيكان يشارك عبر ممثلين.
والبابا الذي يرغب في زيارة لبنان، قد لا تسمح له الظروف بذلك، أولاً بسبب وضعه الصحي، وثانياً، بسبب الوضع غير الثابت أو غير الواضح المعالم الذي يمرّ به لبنان، في ظل حكومة تصريف أعمال واستحقاق رئاسي، إلا أن هذا لا يعني عدم اهتمام البابا ببلاد الأرز، فهو لا يفوّت فرصة إلا ويطرح مسألة لبنان واهمها اللقاء التاريخي الذي عقده لرؤساء الكنائس في لبنان بحضوره شخصياً وبمشاركة كبار المعاونين في تموز الماضي. والفاتيكان لا يعقد مؤتمرات ولا يلقي خطابات للإعلان عما يقوم به، بل يعمل بصمت. ولا يتوانى عن مساعدة لبنان اقتصادياً من خلال المساعدات الاجتماعية والتربوية أو سياسياً من خلال بحث أزمة لبنان مع الدول الفاعلة وخاصة فرنسا والولايات المتحدة.
وفيما خص قضية المطران موسى الحاج، أوضحت أوساط معنية أن موقف الفاتيكان واضح ومبدئي ولا لبس فيه، وهو موقف مؤيد ومتفهم للكنيسة وللبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بشكل كامل من ناحية عدم التعرّض لأي رجل دين، وفي حال وجود اي اشكالية فمرجعيته البطريركية أولا ومن ثم الفاتيكان لأنه يتبع القانون الكنسي الذي يعترف به لبنان. هذا مع العلم انه تم نقل السفير البابوي لدى لبنان جوزيف سبيتري الى المكسيك، وستنتهي خدمته في ايلول المقبل في لبنان، ولم يتم تسمية سفير جديد بعد. وكذلك تم تبديل الدبلوماسي المعاون في السفارة بدبلوماسي اخر سينتقل قريبا الى لبنان بعد ان خدم في كولومبيا.
والفاتيكان لم ولن يتوقف عن مساندة لبنان ودعمه صحياً وتربوياً وانسانياً من خلال المؤسسات الخيرية، وموقفه في الموضوع السياسي او الدبلوماسي لموقف المجتمع الدولي الذي يطالب بالاصلاحات أولاً، كي تتيح له ليس فقط الانفتاح على لبنان إنما أيضاً استعادة الثقة به والقيام بخطوات تجاهه إن من خلال المساعدات او الاستثمارات.
على لبنان أن يعي أن كل يوم يمرّ تسوء أوضاعه أكثر، خاصة بعد الحرب الاوكرانية الروسية او الاستفزازات الصينية التايوانية التي قد تشعل حربا، وما كان يمكن أن يقدّمه العالم من مساعدات منذ سنتين يختلف عما يستطيعه اليوم أو غداً، وكلما تأخرنا اصبحت الامور اصعب. الكرة في ملعب لبنان، فهل يلتقطها المسؤولون؟ تختم الأوساط.