بقلم الكاتب والصحافي صفوح منجّد
منذ إنفجار 4 آب في مرفأ بيروت قبل سنتين ونصف السنة تحديدا والسؤال الذي “يعصف” في أذهان اللبنانيين عامة وأهالي بيروت بشكل خاص هو حول الأسباب التي حالت وتحول دون كشف الحقيقة كل الحقيقة عن عملية التفجير التي أدت إلى ذلك الخراب والدمار في أحياء وأسواق تُقدّر بنصف مساحة العاصمة بيروت وأودت بحياة أكثر من 250 ضحية وخلّفت المئات من المتضررين وقطّعت أوصالهم وباتوا دون أرجل أو أيادي ويعاني أكثريتهم من أمراض شتى وأوجاع وآلام دون أن يتمكنوا من الحصول على متابعة العلاج وتأمين الدواء.
كل ذلك حصل ويحصل دون أن تصدر عن المراجع المختصة أي إشارة عن مضمون وحقيقة التحقيقات التي حصلت؟ وعن الأسباب التي حالت وتحول دون الكشف عن مسار التحقيق بشأن الإنفجار وأسبابه ومن يقف وراؤه ومن كان على علم به وسكت؟ ولماذا لم يتم توقيف أي مسؤول؟ في حين تمّ التلطي وراء مواقف ومراكز، والتحجج بوجود حصانات؟ ولماذا لم يتم إسقاط هذه الحجج؟ وفي المقابل تمّ إهمال قضايا الأهالي المفجوعين!!.
كل ذلك وسط ممارسات سعت إلى كتم أنفاس العائلات كبيرها وصغيرها، نساء ورجالا؟ وقبل كل شيىء لماذا لم تلجأ الدولة العلية إلى الإستعانة بالقضاء الدولي للمساعدة في كشف الحقيقة طالما أنّ المماحكات كانت ولا تزال تعصف بالتحقيقات المحلية؟.
ولماذا تم الدفع بأهالي الضحايا الشهداء منهم والأحياء للقيام بردود الفعل المبررة بغياب أية معلومات قد تُثلج قلوبهم وتطمئن نفوسهم الأمر الذي كان يدفعهم إلى شتى أنواع التحركات التي كان بالإمكان إلغاءها أو الحد منها في حال سمعوا كلمة أو إطّلعوا على موقف من شأنه أن يتأكدوا أنّ قضيتهم لم تمت!؟.
وكأنّ ما حصل منذ بضعة أيام حتى اليوم كان مخططا له منذ تلك “الوقفة” أمام قصر العدل في بيروت وأنّ ما حصل كان مدبّرا ! وفي الحقيقة أنّ القضية لم تكن مسألة زجاج “مكسور” بل الأمر يتعلّق بوطن “مفجوع” وبشعب “مقهور”. لقد بات النظام في لبنان “مخطوفا” ودولته “مارقة” وفقدت أي إحساس أو شعور بالإنسانية تجاه مواطنيها!! وهمّها الأوحد هو حماية زعرانها ومافياتها والمتحكمين برقاب المواطنين.
النائب ريفي
وتعبيرا لما يعيشه البلد من فواجع وآلام وليس أقلها توقيف الناشط وليم نون شقيق شهيد المرفأ جان نون، عبّر النائب اللواء اشرف ريفي عن سخطه الشديد تجاه أساليب منظومة الفساد والإفساد التي تعبث بمقدرات البلد وبحياة أهله ومواطنيه وغرّد قائلا وموجها كلامه إلى وزير خارجية إيران الذي زار لبنان مؤخرا:نقول للوزير عبداللهيان أن يخفّف من التعفّف الدبلوماسي المرادف للدجل، فإيران لا تتدخل في لبنان لكنها تحتله وتتحكم بمصيره وتُهيمن على قراره، سيكتب التاريخ أن سقوط نظام هيمنتكم واستكباركم على دولنا لم يعد بعيداً، فاتّعظوا.
وأكد لسلطة القمع والفجور: توقيف وليم نون جريمة تضاف إلى تعطيل التحقيق بإنفجار المرفأ.
وتساءل: أيعقل أن يعطل التحقيق والمحاسبة بجريمة العصر ولا يوقف أحد من المجرمين الأساسيين ويوقف من يطالب بالعدالة؟هزلت فعلاً!أطلقوا سراح البطل وليم نون فوراً، لقد أصبحتم دمى بخدمة حزب الإرهاب، سيلعنكم التاريخ.
البطريرك الراعي
وعلى هذا الصعيد ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس السلام العالمي في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي بحضور المفرج عنه وليم نون ووالدته وعائلته ووزراء ونواب وهيئات وأهالي ضحايا المرفأ.
وتوجه إلى المجلس النيابي والكتل النيابية بالكف عن هدم البلاد والمؤسسات وعن إفقار المواطنين. وقال: ندعوهم لإنتخاب رئيس للجمهورية وفقا للدستور، رئيس يسهر على الإنتظام والخير العام والدستور، متجرد من أية مصلحة شخصية أو فئوية، رئيس عينه شبعانة، يأتي ليسخو في العطاء، لا ليأخذ. وفي إطار السلام العادل، وانتصار العدالة على الظلم، أرحب بعائلات ضحايا تفجير مرفأ بيروت. لقد جاء توقيف عزيزنا وليم نون، المجروح في صميم قلبه بفقدان شقيقه الغالي بتفجير مرفأ بيروت، ليبين أن القضاء أصبح وسيلة للإنتقام والكيدية والحقد. وإن الأجهزة الأمنية تلبس ثوب الممارسة البوليسية، وليبين فلتان القضاء بحيث صار يحلو لأي قاض أن يوقف أي شخص من دون التفكير بردات الفعل وبالعدالة ألا يخجلوا من أنفسهم الذين أمروا باعتقال هذا الشاب المناضل وبدهم منزله وسجنه غير عابئين بمآسيه ومآسي عائلته وكل أهالي ضحايا المرفأ، وغير مبالين بردة الشعب؟ ثم يستدعون مناضل آخر بيتر بو صعب وهو شقيق شهيد آخر. هل يوجد في العدلية قضاة مفصولون لمحاكمة أشقاء شهداء المرفأ وأهاليهم؟ إننا نقدر وقفة إخواننا السادة المطارنة وأبناءنا الكهنة والرهبان والسادة النواب والمواطنين، مستنكرين بتضامنهم هذه الممارسات المقيتة التي تقوض أساسات السلام.
وتابع: من المؤسف أيضا بل والمخجل أن دولا عربية وغربية تعقد لقاءات وتتشاور في كيف تساعد لبنان للنهوض بدءا من انتخاب رئيس للجمهورية فيما المجلس النيابي مقفل على التصويت، متلطيا وراء بدعة الإتفاق مسبقا على شخص الرئيس، وهم بذلك يطعنون بالصميم نظامنا الديمقراطي البرلماني (مقدمة الدستور “ج”)، ويقلدون ذواتهم حق النقض. على هذا او ذاك من الاشخاص. فيا أيتها الجماعة السياسية، أيتها الأحزاب، أيها النواب: لقد استنفدتم جميع الوسائل والمواقف والمناورات وتباريتم في التحديات والسجالات، ولم تتوصلوا إلى انتخاب رئيس تحد ولا رئيس وفاق ولا أي رئيس. هذا يعني أنكم ما زلتم في منطق التحدي. لا شعب لبنان ولا نحن نحتمل تحديا إضافيا على صعيد الرئاسة ولا على غير صعيد. حذار حذار: فجو المجتمع تغير. النفوس تغلي وهي على أهبة الانتفاضة. لم يصل أي شعب في العالم إلى هذا المستوى من الانهيار من دون أن ينتفض ويثور أكان في دولة ديمقراطية أم في دولة ديكتاتورية”.
وقال: “إن إطالة الشغور الرئاسي سيتبعه بعد مدة شغور في كبريات المؤسسات الوطنية الدستورية والقضائية والمالية والعسكرية والدبلوماسية. منذ الآن نحذر من مخطط قيد التحضير، لخلق فراغ في المناصب المارونية والمسيحية. وما نطالبه لطوائفنا نطالبه للطوائف الأخرى. لكننا نلاحظ تصويبا على عدد من المناصب المارونية الأساسية لينتزعوها بالأمر الواقع، أو بفبركات قضائية، أو باجتهادات قانونية “غب الطلب”، أو بتشويه سمعة المسؤول.
نحن لا ندافع عن أشخاص بل عن مؤسسات. لا يهمنا رئيس مجلس القضاء الأعلى بل القضاء، ولا يهمنا حاكم مصرف لبنان المركزي بل مصرف لبنان المركزي، ولا يهمنا أصحاب المصارف بل النظام المصرفي اللبناني وودائع الناس، ولا يهمنا تشريع الكابيتال كونترول بعدما فقد مفعوله، بل الحفاظ على الاقتصاد الحر وحرية التبادل مع الخارج. لكن ما نرصده هو أن التركيز على الأشخاص يستهدف هدم المؤسسات التي يقوم عليها النظام اللبناني وتطيير أموال المودعين.
النائب مخزومي
من جهته غرد النائب فؤاد مخزومي عبر “تويتر”: “لأن صوت الحق يعلو ولا يعلى عليه، خرج وليم نون منتصرا”.
وقال في حفل عشاء على شرف “مؤسسة التبادل العالمي”: المطلوب اليوم من المجتمع الدولي الضغط بشكل أكبر في اتجاه انتخاب رئيس للجمهورية، وتنفيذ الإصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد الدولي.
وشدد على أن الوضع في البلد في تدهور مستمر، ومن الضروري وضع حد للمماطلة وإضاعة الوقت إن اللبنانيين يترقبون نهاية لهذه الأوضاع الصعبة بدعم من المجتمع الدولي وصولا إلى إنتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة فاعلة تمتلك خطة إصلاحية وإنقاذية شاملة تضع حدا بشكل تدريجي لمعاناتهم وأزماتهم، وقادرة على التنسيق مع المجتمع الدولي وإعادة لبنان إلى خريطة الدول الناجحة.