شعار ناشطون

ضجيج ألوان في لوحة “وجوه” لثمينة سعادة

15/01/25 11:22 am

<span dir="ltr">15/01/25 11:22 am</span>

للعدم ملامح وأقنعة، تعيش بيننا بصفة أحياء، لكن في لوحة ثمينة سعادة جديّة الحاضر تعبر أمام وجوه تركت أجسادها رهينة الهروب.

 

الناظر إلى اللوحة يرى حواسَ مبعثرة على وجه السماء، وملامح وجوه صامتة حائرة، ترابض من دون كلل على حفافي العبث المستحيل. وجوه اختارت المواجهة المفتوحة في غابة البشر، تسكب الوقت على عزلتها المؤقّتة بين ضجيج الألوان. فارتدت أجسادها الغائبة أفراح القدر، وتركت أقنعتها على منعطفات خطيرة صعبة المسالك.

 

لم تنشد ثمينة الصواب من وجوه بائسة، لكنّها منحت الحلم لوجوه لوحتها بألوان الحاضر الجميل، ومحت عناوين الحزن، مجترحة معجزة الفرح فسحة تضامن في ظل هذا العالم الافتراضيّ المشتّت.

 

لم ترتمِ فرشاة الفنّانة في حضن الهلوسات، بل نهلت عن وسادة قوس قزح سراباً لذيذاً. وحَلم القوسُ بأشكال أفكار فريدة، وتحقّق حلمه. فثمينة أظهرت السراب المتورّد على الوجوه، وأخرجت الأفكار من العقول بشبه دوائر وهميّة، وأجلستها مع ألوان الطيف إلى وليمة مائدتها السحاب.

 

امتطت حواس المحجّبات بالجمال والإحساس الرغبات الجامحة إلى نجوم بلّوريّة فاتنة غير مرئيّة، تتهادى في المدار. وكأنّ صهيل أنفاسهنّ يعصف لحناً غجرياً قبل المساء، وقبل أن يصبحن شريدات في شهد المواعيد.

 

 

ها هنا، على هذه القماشة المشتاقة للجمال، دبجت سعادة غوى الفجر، وشفاه الصباح. واستنزلت خِصب الفن على وجوه من حياء، ترتجي الخالق من رونق الهدى. ورمّمت ما تبقّى من فرح نادر فوق ركام الأحزان، فحلمت الوجوه بلقاء فراشة لا تنام لأنّ اللّوحة دائمة الربيع .

 

انحدر الأزرق المفتون بجبروت النور إلى أرض اللّوحة، وتباهى بمعنى وجود نساء لا تغفر للّيل نزع رداء الحشمة عن الزهور. وكان انفلاش الضوء على السؤال الأكبر: كيف رحلت العقول عن الأجساد؟ وفي مكان ما على الصخر العاري كانت تستخرج الملح من عرق الحكايات، وأهزوجة النهار تهدهد أنوارها باحثة عن ظلال لم ترتسم إلّا في الخيال.

 

وتطلّ الألوان شقيّة، من شرفة خيال فنّانة نزعت ضباب الأرق عن الأزرق، واحتضنت أعماراً آتية بحلم نسوة وجنون رجال أساطير قديمة. فسال الخجل كدماء البراكين، وعلى كلّ وجه التمع الحياء ليغفو جمرة في حضن الحمم. فتسرّبت الأمنيات من خطيئة بريئة، وحلّقت مع الألوان هاربة من أقنعة تحلم بوجوه نقيّة.

 

هل رسمت ثمينة سعادة فوهة الشمس معجناً، عجنت فيه الغيم مع الأفكار الشريدة، ووشمت حلمها المتوّهج قبلات وهمسات وصلوات على القماش؟ فقد أنشدت فرشاتها السعادة في وجوه مبتسمة، ونمّقت كلمات تتأنّق بمعانيها على امتداد العلى والصدى والمدى.

تابعنا عبر