زياد عيتاني – اساس ميديا
من يُقنع بهاء الحريري أنّ زياراته لبيروت وصرف ملايين الدولارات هباء لن تجعله يرث أباه وأخاه في السياسة والزعامة؟
من يُقنع الرجل صاحب المقولة الشهيرة “يا قوم” أنّ العمل السياسي، وتالياً الزعامة السياسية، ليسا مجرّد قرار يتّخذه إنسان فرد استيقظ فجأة عند بزوغ الشمس على رغبة جامحة، وقد ملأ وسادتَه شهوة بأن يكون سياسياً وزعيماً على مجموعة من الناس أو الطوائف؟
مجدّداً للمرّة الثالثة أو الرابعة حيث لا جدوى من إحصائها بدقّة فالأمر لا يستأهل كلّ هذا الجهد، يحاول بهاء الحريري امتطاء العمل السياسي في لبنان، وكما في كلّ مرّة يغيّر فريق عمله محمّلاً إيّاه سبب الفشل. بداية مع المحامي نبيل الحلبي، ثمّ سعيد صناديقي، ثمّ مع أحمد اليمن، ويحطّ اليوم مع رياض الشيخة. وكما كانت نهاية الحلبي والصناديقي اتّهامات بالاختلاس وتضييع الأموال فإنّ اليمن انكفأ وغاب عن الصورة من دون استئذان. فالرجل كما قيل ونُقل عنه هو من أهل البيت. نتمنى أن يكون مصير رياض الشيخة أفضل ممّن سبقه، فالرجل حتماً سائر على خطى الأسلاف، حيث يروي مهندس بيروتيّ شغل منصباً كبيراً في سابق الأيام أنّ “كلّ من يعمل مع بهاء مصيره الاتّهام، وتحديداً السرقة، فالرجل ممسك اليد يخال الجميع يرغبون بسرقة أمواله عندما يكون مستيقظاً وحتى عندما ينام”.
أزمة بنيويّة
ما يغيب عن حسابات بهاء أنّ الفشل ليس بالضرورة من فرق العمل وإن كانت اختياراته دائماً في ذلك قاصرة لا تلبّي الطموح ولا الآمال. وما يجب أن يدركه “عاقد الحاجبين” كما تسمّيه إحدى المعجبات من عالم الإعلام أنّ السبب الرئيسي لفشل محاولاته المتكرّرة دخول السياسة وزواريبها، هو سبب بنيوي موجود بشخصه ويُختصر بثلاثة أسباب:
ما يغيب عن حسابات بهاء الحريري أنّ الفشل ليس بالضرورة من فرق العمل وإن كانت اختياراته دائماً في ذلك قاصرة لا تلبّي الطموح ولا الآمال
1- قلّة الكفاءة: لا كفاءة سياسية عند بهاء، وهي التي تُكتسب عبر العمل الدؤوب وتراكم النضالات. فهل من تجمّع سياسي شارك فيه أو صالون نخبويّ ساهم فيه بفكرة أو بعبارة أو حتى بابتسامة توحي أنّه مشارك في ما يُقال عن الأحداث. هل شاهده أحد ما في حوار تلفزيوني يسرد فيه رؤاه وتطلّعاته لحلّ مشاكل البلاد والعباد؟ هل كانت له يوماً ورقة سياسية صاغها المستشارون واطّلع عليها وأشار برأسه موافقاً كي تكون برنامجاً لعمل عامّ يلقى القبول والتأييد بين الناس؟
2- غياب الكاريزما: ذروة إشكاليّة بهاء أنّه يفتقر إلى الكاريزما المحبّبة عند الناس التي امتلكها رفيق الحريري مع الكفاءة والحكمة في التعاطي بالسياسة وأمور الناس، وامتلكها شقيقه سعد وإن افتقر إلى الحكمة في السياسة والمحافظة على الإنجازات.
بهاء الحريري
3- البخل: بداية تميّزت الحريرية السياسية مع رفيق الحريري بالكرم وحبّ العطاء، ثمّ مع نجله سعد الذي عُرف بالكرم ونثر الأموال على رؤوس الجبال، فيما الأخبار المتناقلة عن بهاء من قبل أصدقائه أنّه حريص جداً، ومن قبل من غادره من العاملين غاضباً أنّه يكاد يكون من أبطال شخصيات كتاب الجاحظ المعروف باسم “البخلاء”.
ما يُحسب لبهاء أنّه لا يملّ ولا يكلّ فهو حريص على مصارعة الأوهام
الشّيخ والشّيخة
اللافت في زيارة بهاء الحريري في وداع حزيران واستقبال شهر تموز التي ينسّقها مدير مكتبه الجديد رياض الشيخة أنّ البحث عن الناس يجري في المخازن المقفلة لتيار المستقبل. الأمر أشبه بمحاولة للملمة الأيتام “الزرق” المتروكين دون رعاية أو اهتمام في صيدا وبيروت وطرابلس وصولاً إلى البقاع وعكار. اجتماع “الشيخ” و”الشيخة” لن يقدّم جديداً. لقاءات تشبه لقاءات قبرص وخلاصتها صورة ولمّة لمجرّد الكلام، ثمّ يغادر بهاء أرض الأجداد مختتماً بعبارة توضع بنهاية مسلسله الذي يحمل أغنية العندليب الأسمر “طريقك مسدود مسدود يا ولدي”، “نلقاكم الموسم المقبل مع أطيب التمنيات”، وبتهمة جاهزة للشيخة كتلك التُهم التي وُجّهت لأسلافه الذين ما زالوا على قيد الحياة.
ما يُحسب لبهاء أنّه لا يملّ ولا يكلّ، فهو حريص على مصارعة الأوهام عساه ولعلّه يكون حلّاً لبلد فقد كلّ شيء وأيّ شيء كي يبقى بلداً يستحقّ الحياة، بلد يمكن القول عنه بعد انهياره إنّه يستحقّ بهاء.