منير الربيع – المدن
ينتظر سليمان فرنجية أن يبلغه المستشار في الرئاسة الفرنسية، باتريك دوريل، بنتائج زيارته إلى المملكة العربية السعودية، ولقائه بالمستشار في الديوان الملكي السعودي، نزار العلولا. بانتظار وصول الجواب الفرنسي، يستمر فرنجية على ترشيحه، متسلحاً بعامل الوقت. فهو المتحالف مع محور يعرف تماماَ كيفية الاستثمار بالوقت، والصبر على تغيّر الظروف إلى أن تصب في صالحه.
ثلاثة إيقاعات
بعد زيارته لباريس، اختار فرنجية أن يزور دمشق للقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد. ليست الزيارة غريبة، نظراً للعلاقة التي تجمع الرجلين، والممتدة على مدى سنوات طويلة، إنما أهمية لقائهما ترتبط بالتوقيت، الذي يأتي على ثلاثة ايقاعات: إيقاع الاتفاق السعودي الإيراني، وإيقاع الانفتاح السعودي على النظام السوري، بالإضافة إلى إيقاع التمسك الفرنسي بخيار فرنجية.
حسب ما تقول مصادر متابعة، فإن دوريل جدد أمام السعوديين موقف فرنسا، الذي يعتبر أن فرنجية يبقى الخيار الأكثر واقعية. عرض المستشار الرئاسي الفرنسي لما سمعه من فرنجية ونقل الضمانات التي قدّمها الرجل، وقد أصبحت معروفة، وتتعلق بسعي الرجل في حال وصوله إلى رئاسة الجمهورية لترتيب العلاقات اللبنانية مع الدول العربية، ضبط الحدود ووقف التهريب، البحث في استراتيجية دفاعية، ووقف الهجمات التي تتعرض لها دول الخليج، إنطلاقاً من لبنان، بالإضافة إلى الحفاظ على اتفاق الطائف وتطبيقه، وحرصه على العلاقات مع كل القوى. كما أن فرنجية -تفصيلياً- كان واضحاً بأنه لا يريد استهداف أحد ولا إخراج أحد من السلطة، إنما هو حريص على إشراك الجميع فيها.
حسب المعلومات، فإن دوريل سمع الموقف السعودي نفسه، بأن لا توافق على خيار طرح الإسم، وأنها لا تزال تتمسك بالمواصفات.
فرنجية وحضن آل الأسد!
يبقى الأهم هو لقاء فرنجية بالأسد. والذي تشير مصادر متابعة إلى أنه كان شاملاً. وقد تناول مختلف التطورات والملفات. إذ سمع رئيس تيار المردة من الرئيس السوري قراءته لتطورات الوضع في المنطقة، فيما قدّم وجهة نظره للوضع في لبنان. يعتبر فرنجية نفسه أنه يشبه هذه المرحلة التي تمرّ بها المنطقة. على قاعدة أنه رجل تفاهمات وحوار وتقارب، وليس رجل مواجهة وانقسام. وبالتالي، فإن الظروف القائمة منذ الاتفاق السعودي الإيراني وصولاً إلى التقارب السعودي السوري، تصب في صالحه. لذلك فهو يبدو مستعداً لتجديد حركته السياسية في الداخل بعد عيد الفطر، بجولة سياسية سيبدأها من بكركي.
في اللقاء مع الأسد، قدّم فرنجية عرضاً لكل مسار ترشيحه، ولعلاقته مع القوى السياسية اللبنانية، ولخلاصة لقاءاته في باريس. وتشير مصادر متابعة إلى أن باتريك دوريل سأل فرنجية عن علاقته بسوريا، فكان صريحاً في جوابه إلى حدود بعيدة، مؤكداً أن علاقته معروفة مع دمشق ولا تخفى على أحد، وإنها مستمرة، وإنه من النوع الذي لا يتخلى عن علاقاته ولا عن أصدقائه أو حلفائه. وقال: “علاقتي قوية، ويمكن للجميع أن يستفيد منها سياسياً، خصوصاً في ظل هذه الظروف. تلك العلاقة تعود إلى سنوات، وهي علاقة عائلية، فيها أخوة، وآل الأسد كانوا حضناً لي في فترة افتقادي لحضن عائلتي”. شارحاً علاقته القوية بباسل الأسد قبل وفاته، بالإضافة إلى تعزيز علاقته ببشار فيما بعد، والتي لا تزال إلى اليوم علاقة أخوة.
كذلك وضع فرنجية الأسد في صورة أسئلة الفرنسيين عن حزب الله، وعن ما يمكن القيام به مع دول الخليج ولا سيما السعودية. وقد أكد استعداده للعمل على تقريب وجهات النظر والوصول إلى حلول لكل الملفات العالقة.
الأسئلة السورية وأجوبة فرنجية
من بين ما بحث بين فرنجية والأسد أيضاً، وتركزت الأسئلة السورية لفرنجية، حول ما يمكن أن يفعله رئيس تيار المردة على الصعيد المسيحي، في ظل الموقف المعارض له. فقدّم الرجل وجهة نظره بأن المسيحيين بحاجة إلى التفاهم مع المسلمين، على قاعدة المناصفة واتفاق الطائف الذي يحفظ دورهم. وهذا يحتاج إلى عمل سيركّز على القيام به في المرحلة المقبلة. كما أن هذا الأمر هو محطّ تفاهم مع بكركي انطلاقاً من مصلحة المسيحيين.
كان فرنجية صريحاً لجهة رفض أكبر كتلتين مسيحيتين لترشيحه، لكنه أكد استعداده للعمل على طمأنة الجميع. ولم يُعرف ما إذا كان الأسد سيبادر باتجاه التيار الوطني الحرّ، في سبيل مساعدة فرنجية، الذي شرح أيضاً خطواته المنسقة مع حزب الله والرئيس نبيه برّي، الداعمين لترشيحه والعمل على إيصاله. وهو ما أثنى عليه الأسد.
في المقابل عرض الأسد لكل اتصالاته مع القوى العربية، معتبراً أنه حقق انتصاراً، وأنه غير مستعجل على العودة إلى الجامعة العربية. لا بل يركز على العلاقات الثنائية. معتبراً أن العرب هم الذين يعودون إلى سوريا وليس هي من تعود إليهم. في اللقاء أيضاً، بحثت ملفات عديدة، لكن البحث التفصيلي بها بقي متروكاً إلى مرحلة لاحقة، خصوصاً ملف اللاجئين السوريين وكيفية العمل على إعادتهم، بالإضافة إلى مسألة ضبط الحدود بين البلدين.
تأجيل هذه الملفات يرتبط بالظروف والتوقيت، لأنها ليست ورقة موضوعة منذ الآن على الطاولة، إنما معالجتها تحصل في إطار أوسع بين السعودية وإيران، ووفق برنامج واضح.