شعار ناشطون

“الإثنين الكئيب”… هل هو أتعس يوم في العام حقًا؟

01/02/23 01:13 pm

<span dir="ltr">01/02/23 01:13 pm</span>

يُشاع أن “الاثنين الأزرق” (Blue Monday)، وهو يوم الإثنين الثالث من كانون الثاني (يناير)، هو أكثر أيام العام كآبة. ولكن هل هذا الأمر صحيح؟

ولم تُثبت الأبحاث وجود يوم مُحدّد يتميّز بكونه أكثر كآبة من الأيّام الأخرى، ولكن “الإثنين الكئيب” في الواقع عبارة عن حيلة علاقات عامة رسّخت نفسها في الثّقافة الحديثة.

 

وفي كانون الثاني من كل عام، تشارك المدوّنات عبر الإنترنت نصائحها حول كيفيّة إنقاذ الأشخاص من الكآبة، وتغتنم الشّركات الفرصة للتّرويج لمنتجاتها وخدماتها التي تُشعرك بالسعادة، وتحذو وسائل التواصل الاجتماعي حذوها.

 

أصل الخرافة

بدأ يوم “الإثنين الكئيب” عبر بيان صحافي. وفي عام 2005، أرسلت قناة “سكاي ترافيل” التلفزيونيّة البريطانيّة المُنحلّة الآن إعلانًا ترويجيًا مثيرًا للصحافيين بمساعدة طبيب نفسي، تم فيه حساب أكثر أيام السنة بؤسًا.

وتوصّل الفريق إلى ذلك باستخدام صيغة معقّدة طوّرها الطّبيب النّفسي المقيم في المملكة المتحدة كليف أرنال، وأخذت الصيغة عوامل مثل الطقس بعين الاعتبار.

 

وكان من المفترض أن تحلّل الصّيغة وقت حجز الأشخاص للعطلات، مع افتراض أنّه من المرجّح شراء الأشخاص لتذاكر السّفر عندما يشعرون بالإحباط.

 

وطُلب من أرنال التوصّل لأفضل يوم لحجز عطلة، ما جعله يفكّر في الأسباب التي تدفع الأشخاص لقضاء إجازة، وهكذا وُلد اليوم الأكثر كآبة في العام.

 

وقال الطّبيب النّفسي في مركز “إيرفينغ” الطبّي بجامعة كولومبيا بمدينة نيويورك، الدكتور رافي شاه: “هناك المزيد من الحزن بشكلٍ عام خلال فصل الشّتاء، وليس من الغريب على الإطلاق وجود المزيد من الحزن بين الأشخاص في كانون الثاني على الإطلاق”.

وأضاف شاه: “ولذلك بدلاً من التركيز على يوم واحد مُحدّد، أعتقد أن السّؤال الأكثر إثارة للاهتمام هو: ما الذي يؤثّر على مزاجنا في فصل الشتاء؟.

 

سليم من الناحية العلميّة؟

وعند النّظر لصيغة أرنال، يتبيّن أن المتغيّرات المذكورة غير موضوعيّة، وغير علميّة.

 

وقال أرنال لشبكة “سي ان ان”: “لم تكن لدي أي فكرة أنّه سيكتسب الشعبيّة التي نالها”.

 

وزعم أنّه قام بحملة ضد فكرة “الإثنين الكئيب” الخاصة به كجزء من “مجموعة من النّشطاء” باسم “Stop Blue Monday”، أي “أوقفوا الإثنين الكئيب”. ولكن اتّضح فيما بعد أن المجموعة كانت أيضًا عبارة عن حملة تسويقيّة مُخصّصة للسياحة الشتويّة إلى جزر الكناري هذه المرّة.

 

وقال أرنال لـ”سي ان ان” إنّه لا يمانع القيام بذلك مرّة أخرى، مؤكّدًا عدم شعوره بالنّدم “على الإطلاق”.

 

وأشار إلى استخدامه لوسائل الإعلام في عدّة

مناسبات لبدء محادثات حول علم الّنفس.
وأضاف أرنال، الذي تلقّى 1200 جنيه إسترليني (1،466دولارًا تقريبًا) للتوصل إلى فكرة “الإثنين الكئيب”: “مشكلتي مع علم النّفس الأكاديمي والمنشورات الخاضعة لمراجعة الأقران هي أنّها لا تُحدث فرقًا كبيرًا بالنّسبة للأشخاص العاديين”.
ولكن ليست هذه وجهة نظر شائعة في هذا المجال، إذ قال مدير جهود “UK Mental Health Foundation” في إنكلترا الدكتور أنتونيس كوسوليس: “هذه ليست الطّريقة الصّحيحة لنشر الوعي”.
وشرح كوسوليس: “عند القول إن هذا اليوم هو أكثر أيام السنة كآبة من دون أي دليل، فإنّنا نُقلّل من خطورة الاكتئاب”.
وتُعتبر الصّحة النفسيّة أكبر تحدّي صحّي يواجهه جيلنا، وفقًا لما ذكره كوسوليس، موضحًا أن “التّقليل من شأنه غير مقبول على الإطلاق”.
وأكّد شاه: “الاكتئاب ليس ظاهرة تستمر ليوم واحد”، بل هو “متلازمة سريريّة تستمر لأسبوعين على الأقل”.
كآبة الشتاء
وكآبة الشتاء أمر حقيقي بالفعل، والمعروف سريريًا باسم الاضطراب العاطفي الموسمي.
ويُعتبر شكل من أشكال الاكتئاب الذي يعاني منه الأشخاص عادةً خلال أشهر الخريف والشّتاء بسبب قلّة ضوء الشّمس.
وتُعتبر الفترة بين كانون الثاني وشباط (فبراير) الوقت الأصعب للمصابين بهذا النوع من الاكتئاب في الولايات المتحدة، ولكن تتحسّن حالتهم مع قدوم فصل الربيع.
وذكرت مجلّة “Psychology Today” أن الاضطراب العاطفي الموسمي يُصيب ما يُقدّر بـ10 ملايين أمريكي. ورُبطت هذه الحالة بوجود خلل كيميائي حيوي في الدّماغ ناتج عن ساعات النّهار الأقصر، وقلّة ضوء الشّمس في الشّتاء.
وتشمل الأعراض الشّائعة للاضطراب العاطفي الموسمي التّعب مهما نام الشّخص، وزيادة الوزن المرتبطة بالإفراط في تناول الطّعام، والرّغبة القويّة بتناول الكربوهيدرات بحسب الجمعيّة الأميركيّة للطّب النّفسي.
وتشمل العلامات الأخرى الشّعور بالحزن، وفقدان الشخص الاهتمام بالأنشطة التي كان يستمتع بها من قبل، والشّعور بعدم القيمة، أو الذّنب، والصّعوبة في التّركيز، أو اتّخاذ القرارات، والتفكير بالموت، أو الانتحار، وحتّى محاولة الانتحار.
محاربة الاضطراب العاطفي الموسمي
وشدّد شاه على أن أسهل طريقة للتّعامل مع الاضطراب العاطفي الموسمي تكون بالتّركيز على التعرّض للضوء، وقال: “إذا لم تتمكّن من تلقّي ضوء الشّمس الطّبيعي، فقم بشراء صندوق العلاج بالضوء”.

ويمكن أن يساعد التعرّض المتزايد لأشعّة الشّمس في تحسين الأعراض، ويمكن أن يقضي الأشخاص المزيد من الوقت في الخارج، أو يقومون بترتيب منطقة جلوس بجانب النافذة في منزلهم خلال النّهار.

 

وتُعتبر مضادات الاكتئاب والعلاج بالكلام فعّالة أيضًا في علاج هذا الاضطراب.

 

ويمكن أن يُفيدك الاهتمام بصحتك بشكلٍ شامل أيضًا، ويكون ذلك عبر ممارسة الرّياضة بانتظام، وتناول الطّعام بشكلٍ جيّد، والنّوم بشكلٍ كافٍ، والتواصل مع العائلة، والأصدقاء.

تابعنا عبر