مجد أبو مجاهد – النهار:
أوحت الصورة الجامعة للنائب اللواء أشرف ريفي والنائب السابق مصطفى علّوش بمستجدات على الساحة السياسية اللبنانية، ما لبثت أن تظهّرت مع استعدادات قائمة لانبثاق تيار “سند” الذي يُراد له أن يشكّل “باكورة” تعاونية بين عدد من الشخصيات السيادية المناوئة لمحور “الممانعة”.
وفي الاطار، تشير معلومات “النهار” إلى تواصل قائم بين شخصيات سنية بغية التلاقي والانطلاق في ما يشبه مسيرة مستوحاة من حقبة الرابع عشر من آذار. ويُعتبر علّوش “محرّكاً أساسيّاً” لنشأة التيار السياسي العتيد انطلاقاً من “مواقف مبدئية” في الانتخابات النيابية، وعلاقة راسخة مع ريفي قبل الانضمام إلى التحالف معه.
ويبني نائب طرابلس الحالي قناعته في تأسيس “سند” بعد محطات شجّعته أوّلها خوض بلدية طرابلس الانتخابات البلدية عام 2016 وفوزها في الاستحقاق البلدي “لأننا مع الناس والناس مع خيارنا القائم على العيش الكريم”، وفق لسان حال ريفي؛ مع تلقّفه أصداء إيجابية ستُستكمل بحسب المعطيات مع تشكيل نواة لهيئة تأسيسية في كلّ المناطق اللبنانية ثم إطلاق الانتساب الشعبي في غضون ثلاثة أشهر.
وأعطى تيار “سند” مهلة ثلاثة أشهر لتشكيل الهيئة التأسيسية مع فتح باب الانتساب الشعبي على مستوى الكادرات والراغبين من المواطنين. ولن تركّز فكرة إنشاء هذا التيار السياسي على استقطاب فئات من جمهور معين، بل إنّ مقاربة ريفي تؤكّد أنّه سيعتمد التركيز على الكادرات واحترام من لديه اعتبارات خاصة جداً وإبقاء الباب مفتوحاً لمن يعتبر أن لديه رغبة في الانضمام إلى المسيرة.
ويقول ريفي إنّ العنوان الأكبر الذي سيتبنّاه تيار “سند”، يتمثل في “الرهان على إقامة دولة بمعنى الكلمة والوصول إلى مرحلة قيام البلاد من دون سلاح غير شرعي أو مرافئ ومرافق مفتوحة جانباً. ولا يغيب عن البنود الأساسية عدم القبول بتعيين “حزب الله” لرئيس الحكومة اللبناني وضرورة عودة القرار الأساسي إلى المكوّن السني مع مشاركة وطنية للقوى اللبنانية من دون فرض شخصية لا تمثل الشارع السنيّ كحكومة حسان دياب. ويؤكّد ريفي أنه “لن نكون رعايا بل مواطنين في هذا الوطن، ومن الضرورة إقامة دولة بمعنى الكلمة بعدما أصولتنا الدويلة إلى جهنّم”.
وفي المعطيات، سيقوم تيار “سند” أيضاً على بعد اجتماعيّ ويراهن على إمكان الوقوف إلى جانب المواطنين في المسائل الحياتية، من دون إغفاله واجبات الدولة بأن تكون مع أهلها في شتى المحطات بدءاً من الازمة الاقتصادية إلى الأزمتين الصحية والتعليمية. ومن العناوين التي يتبنّاها “سند” أيضاً، “البقاء إلى جانب الحلفاء والمواطنين الآخرين وبناء دولة تتمتع بسيادتها وتستعيد كرامة أبنائها على أن يحكمها نزهاء”.
ولا يغيب عن “أجندة” تيار “سند” اعتزامه تفعيل مشاريع اجتماعية وتأمين التمويل على مستوى الساحة اللبنانية سواء من المنتسبين أو الذين يتمتعون بالقدرة المالية من المؤيدين لتأمين الحدّ الأدنى من متطلبات اجتماعية.
وفي الغضون، ينظر مصطفى علّوش بإيجابية إلى محاولة بعض وجوه 14 آذار إعادة الثقة واللحمة للمكوّن السنيّ إلى جانب المكونات السيادية الأخرى الرافضة للأمر الواقع القائم على الاحتلال الإيراني، من دون السعي إلى خطف الأضواء بل التأكيد على الإبقاء على مواقف المواجهة بموازاة محور “الممانعة”.
ويساهم علّوش في بناء الفكرة السياسية التي يقوم عليها تيار “سند” والدفاع عنها من موقعه، لكنّ المعطيات تلفت إلى أنه لن يتولّى أيّ أدوار على الصعيد الرسمي. وهو سينطلق من مرحلة التأسيس على أن يساهم كلّ من المؤسّسين من الموقع الذي يريدونه. ويقول لسان حال علّوش إنه لن يكون مجرّد مواكب نظريّ ولا يبحث عن صفة شخصية، واثقاً بقدرة ريفي على التفرّغ لقيادة “سند”.
وسيعاونه للمساهمة في البناء السياسي والإعلامي باعتباره أنّ ثمّة حاجة إلى استنهاض الحركة السياسية على مستوى الطائفة السنية. ويظنّ أنّ الأرض عطشة للمبادرة وتلقّف المسعى السياسي. ويُذكّر أنّ “العلاقة على المستوى الشخصي لم تنقطع مع ريفي في ظلّ الخلاف على الموقف، بل استمرّت مبنية على الودّ والاحترام الشخصي المتبادل رغم الخلاف والاختلاف بين المقاربات. لكنّه تلقّف الواجب للتحرّك هادفاً إلى سدّ الفراغ والتشجيع على القيام بتجربة صاعدة”.
من ناحيته، كيف يقرأ تيار “المستقبل” ولادة تيار “سند”؟ بحسب قياديين حاليين في “المستقبل”، فإنّ هذا الحراك بمثابة محاولة لملاقاة حيثية معينة مع اعتقاد المبادرين بأنّ لدى هذه الحركة السياسية المولودة قدرة على الصعود، وبأنّ تعليق العمل السياسي للتيار “الأزرق” يساهم في اقتطاع جزء من شعبية تيار “المستقبل”. ويقرأ هؤلاء القياديين في “المستقبل” أنّ التجارب الماضية أظهرت غياب نجاح القدرة في وراثة “المستقبل”، بعدما حاول سواهم ولم يكتب لهم النجاح، و”سيحاول سواهم أيضاً وفي النهاية يعطي المواطنون رأيهم ويتّخذون المقاربة السياسية التي يرونها مناسبة”.
وفي الإمكان تفهّم واقع الطموح السياسي بالنسبة إلى قياديي “المستقبل”، إلّا أنّ للناس القدرة على قول رأيها وإذا كانت فعلاً تريد حركة سياسية جديدة. وفي استنتاج قياديي “المستقبل”، فإنّ التجربة السابقة أثبتت أنّ الولاء في غالبيته كان لتيار “المستقبل” مع الأخذ في الاعتبار أنه لا يتعلّق فحسب بالسنّة في لبنان؛ وفي الإمكان اتّخاذ الانتخابات النيابية الماضية في أيار 2022 مثالاً، بعدما أظهر المواطنون توجّهاتهم السياسية واتّخذوا خياراتهم بالمقاطعة أو المشاركة لمصلحة وجوه سياسية معينة. ولا يغيب عن مقاربتهم أنّ اليوميات السياسية اللبنانية تُظهر عقماً وغياب الحلول حتى اللحظة.